شكرا لمن دق ناقوس الخطر وأيقظَ وزارة التعليم العالي وهيئة اعتماد الجامعات الأردنية/د.محمد عبيدات

شكرا لمن دق ناقوس الخطر وأيقظَ وزارة التعليم العالي وهيئة اعتماد الجامعات الأردنية

د.محمد عبيدات

منذ أيام أعلنت دولة الكويت عدم اعتماد عدد من الجامعات الحكومية وكل الجامعات الخاصة,، تلتها دولة قطر بعد عدة ايام بقرار مشابه، ومن يعرف فقد تحذو دول أخرى حذو الكويت وقطر في قادم الأيام , ولكن ما مبررات مثل هذا القرار وفي هذا الوقت الحساس الذي تستعد فيه الجامعات الأردنية لاستقبال عام دراسي جديد وطلبة جدد.

ومن المؤكد أن إتخاذ هذا القرار يستند الى تسجيل ملاحظات وانتهاكات سجلتها الدوائر المختصة في هاتين الدولتين الشقيقتين. السؤال الذي يطرح نفسه، هو أين وزارة التعليم العالي وهيئة اعتماد الجامعات مما كان يجري في الجامعات الأردنية؟

ما أود الاشارة اليه هنا أن مؤسسات التعليم العالي الأردنية بحاجة إلى إعادة مراجعة لكافة القوانين والأنظمة والتعليمات الناظمة للتعليم العالي في الأردن , نعم دق ناقوس الخطر من خارج الحدود ’ ولم تقدم وزارة التعليم العالي ما لا يبرر تلك القرارا.

ومن واقع المعرفة والخبرة المتواضعة في بعض مؤسسات التعليم العالي الأردنية ؛ فاني ارى أن المؤشرات التالية تعتبر مؤشرات على تراجع مؤسسات التعليم العالي الأردنية.

أولا: لقد اوقفت الحكومة، او – على الأقل – خفضت الدعم بشكل ملحوظ للجامعات الحكومية بعد ان ازداد عدد هذه الجامعات، وهذا ما وضع إدارات تلك الجامعات أمام خيارين لا ثالث لهما، إما رفع الرسوم الدراسية لكل التخصصات أو قبول أقصى عدد من الطلاب في التخصصات المختلفة والإبقاء على الرسوم \ون زيادة. وكان زيادة عدد الطلاب المقبولين هو القرار المفضل لأن الجامعات لا ترغب في زيادة الأعباء المالية لذوي الطلبة..

وبناء على ذلك اكتظت القاعات والمدرجات بالطلبة، وهذا كان سبب في تراجع التعليم العالي بالأردن , وقد لا تلام الجامعات الحكومية، فهي تهدف الى زيادة الايرادات من الرسوم الجامعية دون زيادة مماثلة بمصروف الرواتب الناتج عن زيادة عدد أعضاء هيئاتها التدريسية، لأن الجامعات يجب أن تكون قادرة على تغطية مصروف الرواتب.

وما زاد من وطأة الأمر أن الجامعات أصبحت تكافح كي تكون قادرة على تغطية رواتب الهيئة التدريسية التي أصبحت مرتفعة في الجامعات الحكومية، لذا توسعت الجامعات الحكومية بالقبول ولم يواكب هذا التوسع زيادة في أعداد أعضاء الهيئة التدريسية، كي تحافظ على مصروف الرواتب في حدود مقدرتها على الدفع.

ثانيا: هناك أمر غاية في الخطورة وهو إخضاع الجامعات الخاصة لمعايير اعتماد شديدة بينما لم يتم اخضاع الجامعات الحكومية لمثل هذه التعليمات، فوجدت ادارات الجامعات الحكومية نفسها حرة طليقة في اختيار أكبر عدد ممكن من الطلبة كي تزيد ايراد الرسوم الجامعية.

لذا لا بد من اخضاع كافة الجامعات سواء كانت حكومية ام خاصة او جامعات غير ربحية لنفس معايير الاعتماد ، بحيث يوقًف القبول في التخصصات التي لم تتمكن الجامعات من تلبية الشروط الخاصة بتلك التخصصات .

ثالثا: لا بد من أن تقوم أسس القبول في الجامعات على أساس المنافسة حسب معدل الثانوية العامة، وان يتم تخفيض الاستثناءات الى أبعد حدود، فلا لقوائم المناطق النائية ولا لقوائم العشائر ولا لغيرها، حتى تحافظ الجامعات الحكومية على كفاءة المدخلات.

رابعا: لا بد من اعادة النظر بالبعثات الدراسية وأسس الإبتعاث وبشكل يضمن ابتعاث الطلبة الأكفأ , وفي هذا المجال لا بد من الغاء النقاط الاضافية لأبناء المنطقة في الجامعات التي تمنح هذا الامتياز في المفاضلة بين المبتعثين و أن وجود مثل هذه النقاط لا تقود لابتعاث النخبة الأكفأ من بين المنافسين على الابتعاث.

خامسا: يتصرف عضو هيئة التدريس سواء كان من حملة درجة الماجستير او الدكتوراة دون رقابة على عمله ودون معايير تضبطه , سوى ما يمليه عليه ضميره , فلا رقابة على تقييم الأساتذة للطلبة ولا توجد معايير جيدة للتقييم. هو نظام تقليدي 20 بالمائة للامتحان الأول ومثله للامتحان الثاني و50% للامتحان النهائي و10 بالمية غالبا مشاركة , وأنها لم ترتقِ لمستوى الجامعات الأردنية بنظام تقييم الطلبة ولم تستفد من التطور التقني سواء في رصد الحضور والغياب او في التقييم الأولي وادخال العلامات للنظام المحوسب اول باول كما هو الحال بالجامعات الأوروبية والخليجية, ومما لا شك فيه فإن هذه نقطة ايجابية وسلبية بنفس الوقت، فهي إيجابية من حيث المرونة التي يتمتع بها عضو هيئة التدريس، ولكنها سلبية من حيث الغائها للرقابة على عضو هيئة التدريس.

سادسا: لا يزال جهاز العرض “Data Show” غير مستخدم او محدود الاستخدام رغم أهميته في الشرح والتوضيح، فقليل من القاعات التي تحتوي على اجهزة عرض، وغالبا ما تكون هذه القاعات مغلقة وتحت اشراف جهة تتحكم بها , و للعلم أصبحت هذه الأجهزة منخفضة التكلفة وأستغرب عدم تبني الجامعات لها. قد تكون بعض الجامعات قد تبنت هذه التقنية منذ زمن، ولكن ما زال استخدامها محدودا في بعض الجامعات الأردنية.

سابعا: لا يوجد سلم رواتب عادل وكفؤ في الجامعات الخاصة لأعضاء هيئة التدريس واصبحت المسألة قائمة على التفاوض بين الراغب بالتعيين وادارة الجامعة، وحتى ان وجد سلم الواتب فلا يتبع بالنسبة للبعض ويتبع بالنسبة للبعض الأخر.

ثامنا: قيام فريق الاعتماد بزيارة واحدة بالسنة او بالفصل غير كافية للرقابة على الجامعات الخاصة ، ولا بد من تكثيف الرقابة على الجامعات من جانب الهيئات المعنية وتشديد العقوبة على الجامعات التي تخالف التعليمات والمعايير المعتمدة .

تاسعا: قرار كارثي ؛ اتخِذ منذ فترة تحت ضغط وتأثير اصحاب الجامعات الخاصة، وهو ان يتم تجميع المواد العامة في كافة الأقسام والكليات في قسم واحد , وهو قسم المتطلبات العامة , بحيث يكون العاملين في هذا القسم من حملة الماجستير الذين يتقاضون اجور متدنية، ولكن القرار لم يحدد ما هي المساقات التي تصنف عامة، فاستغلت الجامعات الخاصة هذا الوضع وادرجَت كل المواد التاسيسية من متطلبات الكلية والتخصص ضمن هذا القسم، وبهذا حققت تخفيض في مصروف الرواتب، لا بل رافق ذلك تخفيض رواتب اعضاء الهيئة التدريسية في بعض الجامعات.

عاشرا: منذ فترة تم منع اصحاب الجامعات الخاصة او رؤساء هيئات المديرين من فتح مكاتب لهم بالجامعة، الا انهم ومنذ ثلاث سنين عادوا وفتحوا مكاتبهم في الجامعة واخذوا يتدخلون في كل صغيرة وكبيرة سواء كانت امور اكاديمية او ادارية او غير ذلك. ولأن رؤساء الجامعات يختارهم رئيس هيئة المديرين او ينسبونهم، فسرعان ما يتغولوا على القرارات ويحصروها بأيديهم فلا يوافقوا على تعيين الا من يرون انهم سينفذون توجهاتهم على اكمل وجه.

حادي عشر: التجاوزات متوافرة وموجودة في الجامعات الحكومية والخاصة , وان كانت أكثر في الجامعات الخاصة , بسبب شدة المعايير التي تخضع لها تلك الجامعات ، وبسبب العلاقة بين الايرادات والتكلفة، وأن هذه التجاوزات تنعكس بصورة سلبية على الأداء الأكاديمي للهيئة التدريسية .

وأخيرا ؛ نتوقع من الجهات المسؤولة عن التعليم العالي الأردني اتخاذ قرارت وإجراءات يكون من شأنها أن تعيد هذا القطاع إلى سابق عهده في قوته ومتانته ؛ بعيدا عن حسابات العائد والتكلفة، لأن القطاع لن يستقيم ما دامت اعتبارات العائد والتكلغة هي احد العناصر التي يعتمد عليها في اتخاذ القرار.

ونتمنى على اصحاب القرار أيضا اخضاع كافة الجامعات سواء كانت حكومية او خاصة لنفس الحزمة من معايير الاعتماد , يحيث تطبق بشكل متساو بغض النظر عن صفة الجامعة والمكان الجغرافي الذي تقدم خدماتها فيه وتتواجد .