ثث جاجات بليرة / رائد عبدالرحمن حجازي

ثث جاجات بليرة

رائد عبدالرحمن حجازي
أمضت معظم عمرها في بلاد الغربة إلا أن إنتهاء عقد العمل الخاص بزوجها كان وراء العودة للوطن . وفي أحد الأيام جلست السيدة ذات الخمسة عقود في شرفة منزلها تتأمل الطبيعة من حولها , وفجأة يقطع تأملاتها الصامتة ذلك الصوت الغريب والذي لم تألفه من قبل . إنه تسجيل لصوت مكرر لرجل ينادي ويقول :(ثث جاجات بليرة … ثث جاجات بليرة … ثث جاجات بليرة … الخ) وما هي إلا لحظات وإذ بسيارة شحن متوسطة (ديانا) خضراء اللون محملة بصناديق دجاج تقترب من أمام الشرفة . دُهشت السيدة من حجم الدجاج ولونه الأبيض الناصع .
استوقفت السائق وقالت له : بئديش بتبيع الجاج ؟
البائع : الثلاثة بليرة خيتوه
السيدة : ئصدك التلاتة كيلو بليرة
البائع : لع يختي , الثث جاجات بليرة
السيدة : غريب ليش هالئد رخيص , احنا بنشتري الجاجة من السوبرماركت بليرة ونص
البائع : هسع رخيص ولا غالي بدك تشتري ولا أتيسر
السيدة : طبعاً بدي أشتري بس بدي أسالك سؤال
البائع: تفظلي خيتوه
السيدة : بتنظفهن وبتئطعن ؟
البائع : أنا بذبحن وإذا بدتش بصلخهن أكثر من هيتش ما بقدر
السيدة : طيب حطلّي بليرة إزا سمحت
قام البائع بذبح ثلاث دجاجات وسلخ جلدهن وغادر مكملاً مشواره . لكن السيدة أصبحت في حيرة من أمرها فهناك مشكلة لم تحسب لها الحساب وهي أين ستضع هذه الدجاجات ذات الأحجام الكبيرة , وخصوصاً أن الفريزر ممتلىء بالمواد الغذائية . فجأة لمعت في ذهنها فكرة وهي أن تطبخ دجاجة وتخزن اثنتين بعد أن تُفسح مجال لهما في الفريزر , فما كان منها إلا أن قامت بتوزيع بعض الطبخات المفرزة على جاراتها مثل البازيلاء والملوخية والفول الأخضر .
تمت عملية التخزين للدجاجتين بنجاح وبدأت مرحلة الطبخ للدجاجة الثالثة , حيث تم التعامل معها بالخطوات المعهودة , فقطعتها ووضعتها في طنجرة مملؤة بالماء لإتمام عملية السلق . وبعد ساعتين أرادت السيدة ان تختبر مدى استواء الدجاجة إلا أنها تفاجأت بأن لحم الدجاجة قد ازداد صلابةً وليس طرياً كما كان متوقعاً . فقالت في نفسها : بجوز لأن الجاجة كبيرة شوي لازم أحط شوية كربونة .
وبعد نصف ساعة من عملية الكربنة كان الوضع قد ازدادَ سوءً , لذلك تمت عملية نقل الدجاجة لطنجرة الضغط عل وعسى أن يفعل الضط فعله , ولكن للأسف لحم الدجاجة أصبح كالكاوتشوك واسطوانة الغاز قد نفدت . حضر الزوج ووجد زوجته حائرة مهمومة . فقال لها : خير شو مالك ؟ فقصت عليه ما حدث معها بالتفصيل الممل . فضحك مقهقهاً .
فقالت له زوجته : وبتضحك كمان أنا وين وأنت وين !
فقال لها : يا حبوبتي هاظ جاج بيّاظ .
الزوجة : شو يعني بيّاض ؟
الزوج : يعني امهرّش
الزوجة : شو يعني امهرّش ؟
الزوج : يعني عداده قالب .
ملاحظة : عندما عاد الزوج وعرف بما فعلت زوجته لم يضحك ولم يقل لها يا حبوبتي , بل غضب غضباً شديداً ولخمها بمقلاة التيفال على صباحها . ولكن تم تغيير النص بعد المعالجة الرقمية في معامل أنيس عبيد الريادية .