حفَّار قبور في بني كنانه يروي تفاصيل عمله
كنانه نيوز – محليات – بكر محمد عبيدات
حوار ,,يختلف كثيرا عن بقية الحوارات التي أجريتها سواء مع مسؤولين او مواطنين طيلة سنوات عملي كصحفي ,,ولعل لطبيعة المُحاوَر , او لموضوع الحوار دور في ذلك الأمر ,,حواري اليوم مع واحد ممن إتسم وإتصف بحسن المعاملة وطيب المعشر والاخلاق العالية ,, وهو يعمل في مهنة ” حفر القبور” والعناية بها .
مِشعل علي نهار الروسان ابو سامر ولعلي بأهالي المنطقة يعرفونه جميعا ,, ذلك القروي المتدثر بكوفيته الحمراء , حدثني عن الكثير من الأمور المتعلقة بعالم آخر , وهو عالم القبور , ذلك المكان الذي لا بد لأي إنسان مهما علت مرتبته وطالت إقامته من أن يرقد فيه .
أبو سامر الروسان ,,أشار الى أنه يعمل في هذه المهنة منذ أكثر من 40 عاما , وأنه لا يخاف من الأموات , فهم لا يقدرون على عمل شيء , بقدر خوفه من الأحياء , منوها بأنه واجه العديد من المواقف في حياته وخلال ممارسته لعمله , وأن بعضها يشيب منها الولدان .
وبين ابو سامر الروسان بأنه شاهد الكثير والكثير من المواقف , وأنه حينما كان يضع الاموات في قبورهم كان يلاحظ بأنهم لا يحملون معهم شيئا سوى الكفن ولا سواه , ولعلها عبرة لمن إعتبر , قام بوضع كبار القوم وأغنيائهم , وفي المقابل وضع افقرهم , فكلهم سواء ,يذهبون للقاء ربهم حفاة عراة , لا فرق بينهم الا بالتقوى والعمل الصالح .
وأوضح ابو سامر الروسان بأن من بين المواقف التي لا زالت راسخة في ذهنه ؛ منظرلاحد الجرذان الكبيرة حينما كان يود حفر قبر لميت , وأن هذا الجرذ قد قدم من قبر مجاور لم يمضِ على وجوده سوى سنوات قليلة , وحينما رآه عاد الى القبر الذي خرج منه, فما كان منه الا أن حفر قليلا ليرى الجرذ وقد أتى على جثة الميت المدفون في القبر , وعاد وسوى ما حفره بالارض , وأكمل حفر القبر للزائر الجديد .
وإستطرد ابو سامر الروسان بقوله بانه وأثناء حفره للقبور وصيانتها والاعتناء بها , كان يشعر بروائح طيبة كالمسك والياسمين تنبعث من بعض القبور , وأنه في المقابل كان يستشعر روائح نتنة كريهة تنبعث من قبور أخرى , ممسكا ولامانة العمل وأسراره عن البوح بالمزيد من المعلومات عن هذه المهنة التي لا يعيبه بها أحد .
ويتهدج صوت محدثنا ابو سامر الروسان حينما يقول بأن على الإنسان ان يقوم بالكثير من الأعمال بنفسه ,,يصلي ويزكي ويتصدق , ويزهد في هذه الدنبا الفانية , فلن يقوم أي إنسان بمقام إنسان آخر , وأن نقوم وحدنا بالاعمال الموكولة لنا سواء الدينية منها او الدنيوية , كونه لن يقوم بتنفيذها أحد خلافنا .
وختم الروسان بقوله علينا أن نعرف بأنه مهما طالت فترة بقائنا على هذه الارض , فلا بد من العودة لباطنها ثانية , لذا كان لا بد من أن نعمل صالحا يرضاه الله , ويكون في ميزان حسناتنا , وأن نعتبر ممن سبقونا , وأن ننهج نهج الصالحين في حياتنا , فالدنيا دار ممر , والآخرة هي دار البقاء والمستقر .