دور الوقف على الجانب الصحي ,قديما وحديثا واستشراف مستقبلي .. بقلم محمد جمال عبيدات

دور الوقف على الجانب الصحي ,قديما وحديثا واستشراف مستقبلي .. بقلم محمد جمال عبيدات

ماجستير اقتصاد ومصارف إسلامية

اعتنى الإسلام بالجانب الصحي للفرد المسلم على مر العصور, وكانت المحافظة على النفس من الضروريات في الدين الإسلامي, لذا فقد اهتم المسلمون بالصحة اهتماما عظيما فقاموا بوقف البيمارستانات والمراكز الصحية ليس لعلاج الإنسان فقط بل اهتموا بعلاج الحيوانات.

وفي هذا الوقت الذي اهتم فيه المسلمون بصحة الفرد المسلم وإقامة المستشفيات وتجهيز الأدوية والأطباء واقامه الصيدليات , كانت الدول الأوروبية لا تعرف النظافة ولا الصحة.

ويعد الوقف الصحي رافد مهم من روافد تمويل الخدمات الصحية, وللوقف الصحي ايضا دور مهم في استقطاب السياح, فالدولة التي تتمتع بالصحة العاليه ومتوافر فيها المستشفيات العديده واطباء محترفين هذا يزيد من السياحه العلاجية في هذه الدولة, ويدر دخلا كبيرا على ميزانية الدولة.

ولكن في الوقت الحالي تراجع الوقف وتقلصت أدواره وأصبحت فقط على المساجد بعد ان كان مصدرا مهما من مصادر الخير للدول الإسلامية, ولا يوجد حاليا في الأردن سوا مشفى وقفي واحد وهو مستشفى المقاصد الخيرية التي اقامته وزاره الاوقاف وهو مستشفى ثابت ومتنقل الى جميع المحافظات, ويتعالج فيه أعداد كبيره من الفقراء والمساكين مجاني.

ونتيجة لتزايد إعداد الناس وتزايد السكان في المملكة الأردنية الهاشمية, وبالإضافة إلى بناء المساجد بالتبرعات يجب على المسلمين الأغنياء الإقدام على بناء المستشفيات والمراكز الصحية المجانية في جميع محافظات المملكه, بحيث يتم توفير نفقات الحكومه على الجانب الصحي واستثمارها في مجال اخر, وندعو ايضا الاطباء بتحديد يوم في الاسبوع يجعلوه مجاني لعلاج المرضى في عياداتهم الخاصه, وهذا له الاجر والثواب عند الله تعالى.

ويمكن للوقف ان يسهم في مجال الخدمات الصحية والتي تخفف أعباء مالية كبيره على ميزانية الدولة وتحل الكثير من المشكلات في مجال الرعاية الصحية بما يلي :

ــ وقف مستشفيات ومراكز صحية ومستوصفات, اما بتقديم منشات أو اراضي خاصه او تجهيز مستشفيات او حتى بتقديم سرير واغطية لهذه المستشفيات الوقفية.

ــ السعي لجمع التبرعات من مؤسسات وقفية خاصه مثل انشاء وقفية للانفاق على علاج مرضى السرطان مثلا.

ــ بناء كليات ومعاهد طبية للدراسة المجانيه في مجال الطب والتمريض والصيدله .

ــ الوقف على الادوية, بتخصيص لجنه لجمع التبرعات وشراء الادوية وتوزيعها على المرضى المحتاجين والفقراء.

مؤسسات الرعاية الصحية في البلاد الإسلامية.

ويتم تحقيق ذلك بأكثر من طريقة :

إما عن طريق تشكيل لجان لجمع التبرعات واستثمارها من أجل إنشاء مؤسسات الرعاية الصحية والإنفاق عليها, ويجب أن يتم تشكيل هذه اللجان عن طريق وزارة الأوقاف بحيث أن تكون اللجان مراقبه من الوزارة, ويتم جمع هذه التبرعات عن طريق وصولات تمنحها وزارة الأوقاف لهذه اللجنة لكي تكون مسجله حكوميا, وتقوم الوزارة بالرقابة عليها وتدقيق سجلاتها باستمرار, وبتم استثمار هذه الأموال بالاتفاق بين وزارة الأوقاف ووزارة الصحة في سبيل ان يكون الهدف من استثمارها هو تقديم الخدمات العلاجية لكافة أفراد الشعب من  فقراء وأغنياء, وتزويد المستشفيات بأجهزة حديثة سواء كانت هذه المستشفيات حكومية أو تم إنشاؤها من أموال الوقف مثل مستشفى المقاصد والمستشفى الذي تم بناؤه ضمن مسجد العرب في الأردن.

وإما عن طريق الصناديق الوقفية, التي يتم إنشاؤها لاستقبال التبرعات واستثمارها وتنميتها من أجل الانفاق على مؤسسات الرعاية الصحية, فالصناديق الوقفية تعتبر من المستجدات المعاصرة التي ابتكرت لتتناسب مع الاوضاع القائمة , والتطلعات المستقبلية للمجتمع, ورعاية الجهات التي كان الوقف في العصور القديمة يقوم برعايتها , وهذا يؤدي إلى تقدم وتطور الأفراد والمجتمع الإسلامي, وتم الاستفادة منها وتجربتها في بعض الدول الإسلامية.

حيث ان بعض الدول العربية قامت بعمل صناديق وقفية في العصر الحديث, يجب على الاردن الاستفاده منها وتطبيقها ومن الصناديق الوقفية في الدول العربيه :

ــ الصناديق الوقفية التي قامت بإنشائها الأمانة العامة بالأوقاف في دولة الكويت حيث أنها خصصت صندوقا وقفيا للاهتمام بالرعاية الصحية ,حيث أن هذا الصندوق نهض بالصحة من خلال دعمه لخمسة بحوث طبية وتوفير أجهزة ومعدات تكنولوجية طبية.

ــ الصناديق الوقفية التي تم انشائها في الشارقة لتنمية المجتمع, لتفعيل دور الوقف, وتم اقامة عده مشاريع منها: مشروع لرعاية المعاقين والفئات الخاصة للمساعده في تأهيلهم صحيا ونفسيا, وتوفير الاجهزه الطبية وانشاء دور لرعايتهم فيها.

 

ويكون دور وزاره الاوقاف هنا باثارة الوعي باهمية الوقف في خدمة المجتمع وفائدته في تقديم الخدمات الصحية وغيرها, وان الوقف سنة حسنة وعليها الاجر والثواب في الدنيا والاخره, وانه صدقة جاريها لا تنقطع حتى بعد موت صاحبها, ويمكن الاستفاده من خطباء المساجد والاعلام في احياء السنه التي كادت ان تندثر.

ويجب على الحكومه ايضا بالعمل على تشجيع الجمعيات القائمة على الاوقاف, ودعم انشطتها ومتابعه اعمالها, والعمل على تحديث نظم ادارتها والمراقبة عليها.

ويجب ايضا غرس الطمأنينة في قلوب الواقفين بشرعية الهيئات القائمة على الوقف وكفاءه القائمين غليها, ويمكن ان يحدث ذلك بنشر التقارير الدورية الصادرة عن الهيئات وانشطتها , مما يؤدي ذلك الى الى تعزيز الثقه بين الواقفين وتلك الهيئات.

ونتمنى من جميع الاغنياء في الدولة الاردنية الهاشمية التوجه لانشاء اوقاف صحية ليستفيد منها المجتمع الاردني وتستفيد منها الدولة الاردنية في التطور والتقدم والازدهار.