مركز عدالة يعقد مؤتمر صحفي حول تقرير التعذيب السنوي والامن العام يرد

كنانة نيوز –  أكد رئيس مركز عدالة لدراسات حقوق الإنسان المحامي عاصم الربابعة أن التعذيب يُمَارس في الأردن بشكل منهجي -من خلال سياق ثابت ومتكرر- إذ يتم اللجوء إلى استخدام التعذيب الجسدي والنفسي كوسيلة من وسائل التحقيق لدى الدوائر الأمنية كإدارة البحث الجنائي وإدارة مكافحة المخدرات لانتزاع المعلومات والاعترافات.

وأضاف خلال المؤتمر الصحفي لإطلاق تقرير التعذيب السنوي الثاني تحت عنوان:”التعذيب من الإنكار إلى الوقاية: كيف نبدأ؟ “، أن الحكومة الأردنية أخفقت وبشكل كبير في الالتزام بواجبها الخاص بمنع التعذيب والتحقيق والملاحقة القضائية لمرتبكي هذه الجرائم رغم مرورما يزيد عن ربع قرن منذ انضمام الأردن إلى اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية او اللاإنسانية أو المهينة.

وأشار الربابعة إلى أن غياب الإرادة السياسية للوقف الفوري لممارسة التعذيب، وانتشار ظاهرة الإفلات من العقاب، وضعف ضمانات المحاكمة العادلة، وعدم كفاية الاطار القانوني لمعاقبة مرتكبي جريمة التعذيب، تعد من أبرز أسباب انتشار التعذيب، إضافة إلى تضارب المصالح الناجم عن كون من يرتكب التعذيب ومن يحقق ويحاكم في الجريمة يتبعون لنفس الجهة وهي مديرية الأمن العام.

وأضاف أن حالات التعذيب التي تعامل معها التقرير أظهرت وجود استخدام مفرط وغير مبرر للقوة الأمنية عند إلقاء القبض على الأشخاص وخلال المداهمات الامنية دون مراعاة للمبادىء المنظمة لاستخدام القوة من قبل موظفي إنفاذ القانون،وهو مخالفة جوهرية لأحكام قانون العقوبات وأصول المحاكمات الجزائية.

كما أن عددا من التشريعات الوطنية تتضمن أحكاما تساعد على وقوع التعذيب وسوء المعاملة كقانون منع الجرائم الذي يتيح للسلطة الإدارية اعتقال الأشخاص بمعزل عن الرقابة القضائية، وكذلك قبول الإفادة التي يدلي بها المتهم بغير حضور المدعي العام كدليل للإدانة إذا قدمت النيابة العامة بينة على الظروف التي أدليت بها

كما أشار لوجود قصور تشريعي في عدة جوانب أهمها :قصور تعريف التعذيب الوارد في قانون العقوبات الأردني، عدم وجود نص في قانون أصول المحاكمات الجزائية يتيح للموقوفين لدى الدوائر الأمنية فرصة الإستعانة بمحامي في مرحلة التحقيق الإستدلالي ،أو حتى الإتصال بذويهم وهو ما يزيد من فرصة وقوع التعذيب ، إضافة لغياب نص قانوني يتيح تعويض ضحايا التعذيب على أساس المسؤولية المرفقية.

وأضاف أن هناك قصور واضح في التدريب و التأهيل للموظفين المكلفين بإنفاذ كما أن التشريعات الخاصة التي تحكم عملهم (قوانين الأمن العام والمخابرات العامة) لا تتضمن أي نص يجرم التعذيب أوعقوبات رادعة على ممارسته .

ونوه الربابعة أن عدم انضمام المملكة للبروتوكول الإضافي لاتفاقية مناهضة التعذيب يشكل عائقا أمام قدرة الهيئات الدولية على الإضطلاع بمهامها إذ لايسمح للهيئات الدولية بتفقد مراكز الإعتقال والإحتجازإلا في أضيق الحالات ووفق موافقات وترتيبات مسبقة غاية في التعقيد.

وبيّن المحامي سالم المفلح، المسؤول عن متابعة قضايا التعذيب في المركز، أن جرائم التعذيب تقع في مناخ يسوده الصمت وداخل أماكن مغلقة بمعزل عن العالم الخارجي، مضيفا أن أبرز الصعوبات المتعلقة بقضايا التعذيب أثناء التحقيق والمحاكمة تتمثل في عدم السماح لمحامي الضحايا الاطلاع على التحقيقات الأولية والذي يخالف قانون أصول المحاكمات الجزائية.

كما أشار إلى عدم السماح لعائلات الضحايا بالحصول على تقرير المختبر الجنائي الصادر عن الطب الشرعي علاوة على خوف الشهود من الإدلاء بشهاداتهم أمام جهات التحقيق تحسبا من عمليات الانتقام باعتبار أن التعذيب يقع في أماكن الاحتجاز وأن أغلب الشهود لديهم نزاع مع القانون.

وأضاف المفلح أن طول إجراءات امد التقاضي أمام محكمة الشرطة والتي تستغرق عدة سنوات طويلة يعد خرقا لقانون أصول المحاكمات الجزائية العسكري.

من جانبه، قال المحامي حسين العمري أن استنتاجات التقرير تستدعي اتخاذ اجراءات فورية وفعالة للقضاء الكلي على التعذيب أبرزها منع الاحتجاز في أماكن غير مصرح بها ومنع الحجز الانفرادي، ضمان حق الاشخاص المحتجزين في إبلاغ طرف ثالث، تمكين المحتجزين من الحق في الاستعانة بمحامٍ وكفالة الحق في الوصول إلى طبيب، الحق في المثول أمام قاضٍ دون ابطاء، وضع مدونة سلوك لإجراء الاستجوابات، وتسجيل الاستجوابات صوتياً و/أو مرئياً.

وأكد على ضرورة الإنضمام الفوري للبروتوكول الإختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب والذي يلزم بإنشاء آلية وقائية وطنية والسماح لمؤسسات المجتمع المدني والمنظمات الدولية بإجراء زيارات مستقلة ذات طبيعة رصدية لأماكن التوقيف والاحتجاز المؤقت دون إذن مسبق.

كما شدد العمري على ضرورة تبني برامج تدريبية على مستوى عال من المهنية والإحتراف موجهة للأشخاص المكلفين بتنفيذ القانون لضمان مراعاتهم لمقتضيات المعايير الدولية في مجال حماية حقوق الإنسان، إنشاء صندوق وطني خاص بتعويض ضحايا التعذيب وسوء المعاملة يتولى جبر الأضرار بما فيها تقديم التعويض المالي المناسب وإعادة تأهيل الضحايا  ويذكر التقرير جملة من التوصيات على صعيد التدابير التنفيذية والتشريعية والرعاية الصحية والطب الشرعي لضمان الكشف عن جرائم التعذيب، وملاحقة الجناة وفرض عقوبات رادعة.

وقد تخلل المؤتمر شهادات لعائلات ضحايا توفوا تحت التعذيب، في حين وأوضح الربابعة أن التقرير لا يمثل مسحاً واقعياً لجريمة التعذيب في الأردن إذ أنه لا يشمل جميع الحالات ولا يعبر عن حجم الظاهرة المنتشرة، فلم ينشر إلا الحالات التي لها قدركاف من التوثيق والإثبات القانوني في ظل عدم السماح لمؤسسات المجتمع المدني للقيام بزيارات ذات طبيعة رصدية ودون إذن مسبق لأماكن الاحتجاز.

وأضاف أنه لم يجر حتى الآن أي مراجعة شاملة للتشريعات الوطنية للتحقق من مدى وفائها للمعايير الدولية في مجال حقوق الإنسان علما بأن مثل هذه المراجعة تعتبر واجبا أساسيا ضمن التزامات المملكة بموجب الاتفاقيات التي صادق عليها.

مديرية الامن العام وبعد الانتهاء من المؤتمر الصحفي ردت في ببيان ، جاء فيها أنها “تستغرب إشارة التقرير إلى أن هناك تعذيبا يمارس في الأردن بشكل منهجي”. وقالت مديرية الأمن العام إنها “كانت تتمنى أن يزودها بأي قضية يزعم أصحابها بتعرضهم لأي شكال من أشكال التعذيب لمتابعتها والتحقيق فيها خلافا للقضايا المنظورة أمام القضاء”.

وأعربت مديرية الأمن العام عن استغرابها أيضا من “عدم التطرق لما يقدمه رجال الأمن العام والجيش العربي الأردني والأجهزة الأمنية، من شهداء لحماية أمن واستقرار الوطن وحماية الأرواح والأعراض والممتلكات” وما وصفته بأنه “عدم سماع أصوات مثل هذه المؤسسات عند استشهاد أحد من منتسبيها”، بحسب البيان.