أنت السائق / بقلم وليد علي الجراح

أنت السائق

بقلم وليد علي الجراح

في أواخر الثمانينات من القرن الماضي كان أبي يعمل بائعًا متجولًا على بكم غاز متهالك قديم نوع نيسان جونيور ولكنه قوي البنية والتحمل وقد جمع ثمنه بجد وعناء وهو على ما يقولون “حيلة الشب يارب” وكنت أرافقه أحيانا واقفا على ظهر البكم مناديا غاز غاز غاز وهذا أكبر عمل أطمح إليه منافسا بقية إخوتي على رفقة أبي.

وفي ذات الأيام قال لي يا ولد تعال وعرض علي قيادة السيارة بعد تدريبات هون هون وقال بدي أشوف قيادتك وقدرتك على القيادة وفعلا ركبت بعزة وشموخ وشوفة حال خلف المقود وبدأت بالقيادة مطبقا كل ما أعرفه من استخدام المرآه وقواعد القيادة و السلامة حتى باتت آثار الاعجاب على والدي.

وبدأ بكلمات المدح لقيادتي الحكيمة وأنا لا أصدق نفسي وفجأة خرج دخان كثيف من الماتور وبدأ أبي بالصراخ ولع الماتور ولعت السيارة راحت الرزقة وسألني عما حدث وأنا لا أفهم شيئا وجاءت منه نظرة خاطفة على عداد الحرارة وإذا بها مرتفعة جدًا وهنا بدأ ينهال علي بالصراخ واللوم ( ليش ما تنتبه على العدادات مهي قدام وجهك يا فاشل يا ضعيف ) فقلت بكل برودة أعصاب أنت بجانبي انا شو دخلني فقال بغضب شديد جدا أنت السائق أنت السائق ولازم عيونك ما تغفل عن كل حركة وسكون بالسيارة وخاصة العدادات.

أنا بدوري أوجه كلامي لدولة الرزاز وأقول أنت السائق أنت السائق انتبه لضوجان وحرارة ((الشعب )) لأن البلد حيلة الشب يارب وما في غيرها فلا تضيعوها.