محمد مرسي.. الشهيد المظلوم/حبيب أبو محفوظ

محمد مرسي.. الشهيد المظلوم
حبيب أبو محفوظ

قدر الله لي أن أتابع الانتخابات الرئاسية المصرية في العام 2012، كمراسلٍ لقناة الأقصى الفضائية، تحديداً جولة الإعادة الثانية بين الرئيس الشهيد محمد مرسي، ومنافسه أحمد شفيق آخر رئيس وزراء في حكومة حسني مبارك، كنت أتنقل حينها ما بين القاهرة والإسكندرية، في الطريق ما بين المدينتين كنت أقرأ في وجوه المصريين حالةً من عدم التصديق أن التغيير ممكن!.

المنافسة في ذلك الوقت كانت على أشدها، ولم يكن الفوز سهلاً أو في متناول “الإخوان”، لن تحتاج لكثير وقتٍ حتى تكتشف أن محمد مرسي في منافسةٍ غير شريفةٍ مع أركان الدولة المصرية بقضها وقضيضها، فالدولة العميقة وضعت لمرشح الإخوان العراقيل والفخاخ، ليس أقلها إطلاق الشائعات لتشويه صورة الإسلاميين، وتحديداً مرشح الرئاسة، وتخويف المصريين وإرهابهم، وبأن فوز مرسي سيقودهم إلى نفق مظلم يكون نتيجةً حتمية لدمار وخراب مصر.

إلا أن الذي حسم المعركة، وأفشل مخططات “الإنقلابيين”، يعود للإعلان المبكر والمفاجئ لحملة مرسي بنجاحه بعد فرز 97% من الدوائر، هذا الأمر كان مرصوداً بالأرقام والأسماء دون أخطاء قبيل فجر يوم24  يونيو2012 ، بالإضافة إلى طريقة إدارة مرشح الرئاسة محمد مرسي لحملته الانتخابية بذكاءٍ وفطنةٍ وجلد وصبر على الرغم من الفترة القصيرة ما بين إعلان ترشحه وموعد الانتخابات كونه جاء بديلاً عن القيادي الإخواني خيرت الشاطر، والنتيجة الإعلان عن فوز محمد مرسي كأول رئيس مدني في تاريخ مصر.

سقت هذه المقدمة، لأشير لحجم الظلم الذي وقع على الرجل، الذي رفض في اللحظات الأخيرة من حياته إفشاء ما اعتبره دليل براءته من التهم الموجهةِ له حفاظاً على الأمن القومي للدولة المصرية، وهكذا هم الأحرار حين يستشهدون يوقدون شموع الانتصار، التي عادةً ما تكون أبلغ وأشد وقعاً في نفوس الناس من إنجازاتهم مهما عظُمّت.

مرسي البروفيسور الحافظ لكتاب الله، خاض الانتخابات الرئاسية لأجل أن ينتشل مصر من براثن الجوع والتخلف والعفن والجهل، الذي أصابها على مدار عقودٍ طويلةٍ، ولكنه اليوم يسير على خطى البنا وقطب، فالقتل غدراً، والدفن سراً، ولا عزاء للمصريين، الذين خاطبهم بثلاث كلماتٍ قبيل الإطاحة به عن طريق إنقلابٍ عسكري، “ثمن الشرعية حياتي”، وهو ما كان.

التاريخ الذي سيذكر الشهيد محمد مرسي، بأحرفٍ من نور، سيكتب أيضاً أن الشعوب خذلته، لكن لديها متسع من الوقت لتصنع المستحيل، أما الطريقة التي انتهت بها حياة الدكتور محمد مرسي ستكون بلا شك لعنة على قاتليه، فالشرعية لا تموت بموت رمزها بل تعيش عمراً طويلاً طالما أن حياته كانت ثمناً لبقاءها.