زبطت إلا شوي /رائد عبدالرحمن حجازي

زبطت إلا شوي

رائد عبدالرحمن حجازي


وقف مفضي أمام غرفة الحرس عند بوابة قصر السلطان منتظراً دوره في الدخول لطلب حاجة له . انتظاره كان طويلاً ولكنه لم ينزعج بل على العكس كان يوزع ابتساماته البريئة على كل من هم في غرفة الإنتظار . وبعد حين ها هو أحد الحُراس يشير له بيده للتقدم لغرفة المسؤول . نهض من مكانه وسار خلف الحارس حتى وصل لغرفة أكبر وفيها أثاث فاخر ومكتب كبير وخلفه كان يجلس مسؤول الحرس . بادر مسؤول الحرس بطرح السؤال الأتي على مفضي وسأله : ها وشّو جاي تُطلب ؟ مفضي ابتسم كعادته وحاول أن يمد يده بجيبة جاكيته الداخلية . ولكن أحد الحُراس وبلمح البصر منعه من ذلك , خوفاً من أن يكون مفضي يريد أن يخرج سلاحاً أو سكيناً ليغتال مسؤول الحرس . بدوره مسؤول الحرس صاح على الحارس وقال له : ولكوا أنتوا ما فتشتوه قبل ما تفوتوه لهون . أجاب الحارس : فتشناه يا سيدي وما لقيناش معه إشي .
مسؤول الحرس للحارس : لعاد لويش هجمت عليه ؟!
الحارس : والله يا سيدي من باب الخوف عليك
المسؤول : طيب دشره خليني أشوف شو بده
مفضي بعد سماعه لهذا الحوار تبدلت ابتسامته بالخوف , فهو لا يعلم بهذه الإجراءات الأمنية المشددة وتفاصيلها . وأثناء سرحانه بما حدث قاطعه صوت مسؤول الحرس وهو يقول له : ها … ما حتشيتلي وشّو بدك ؟ وهنا عادت الإبتسامة على وجه مفضي ورفع يديه للسماء ولكنه قبل أن ينطق بحرف واحد قال له المسؤول : خلص .. خلص فهمت عليك لا تحتشي ولا على بالك . هسع أني بفوتك عند مستشار مولانا السلطان وهناك بتطلب اللي بدك إياه . مرة أُخرى ابتسم مفضي وطأطأ رأسه معبراً عن شكره .
أُدخل مفضي لغرفة أكبر وأفخم ليدرك عندها أنه في مكتب مستشار السلطان . تبسم كعادته منتظراً من المستشار أن يسأله عن حاجته , ولكن المستشار عاجله وقال له : شو رأيك بالموضوع موافق ولا مش موافق ؟ مفضي المسكين لم يدري عن أي موضوع يتكلم المستشار ولكنه من باب الأدب والإحترام هز رأسه كناية عن الموافقة بالإضافة لابتسامته البريئة . ثم قال له المستشار : هسع بدي أفوتك لعند مولانا السلطان مش تفضحني قدامه , بدي إياك تكون قد حالك , فاهم ولا لأ ؟ مرة أخرى هز مفضي رأسه للأسفل وللأعلى دلالة على الموافقة بالإضافة لابتسامته الساحرة .
وبشكل ودي أمسك المستشار بيد مفضي وسار به لصالة مجاورة وكبيرة وفيها من التحف والأثاث ما لم يراه مفضي طيلة حياته , وما لم يخطر على باله . مفضي الأن بحضرة السلطان ولم يتمالك نفسه فأرجله راحت ترتجف ونبضات قلبه تسارعت والمفاجأة كانت حينما سمع المستشار يقول للسلطان : أُقدم لكم يا مولاي الصدر الأعظم الجديد (الصدر الأعظم = كبير وزراء السلطان). عندها وقع مفضي على الأرض مغشياً عليه . وخلال إسعافه وإنعاشه وبعد التفتيش والتنبش بجيابه عُثر على ورقة في جيبة جاكيته الداخلية كُتب فيها ( مولاي السلطان أنا مفضي مواطن كحيان راجياً منكم العون والمساعدة ببضعة دراهم . أدام الله عزكم . وعذراً يا مولاي لمخاطبتي لكم عن طريق الورق كوني أخرس).