يوميات سالم ح25/أكرم الزعبي

يوميات سالم
ج ٣ – ح ٢٥

أكرم الزعبي

الحرارة عالية وسالم في الملحمة لشراء فخذة خروف، سالم يلبس بدلة أنيقة جدًا والعرق يتصبب من رأسه، يمسك هاتفه ويتّصل، يفصل أحدهم الخط في وجهه، يعاود الاتصال مرّةً أخرى :
– ألوووو
– ليش بتفصل يا عرص؟
– كنت العب ع التلفون، مين معي؟؟
– ولك أنا بابا، اعطيني أمك.
– جيبلّي كِندر جوي.
– ماشي، أعطيني ماما أحكي معها.
– ليش بدّك اياها؟؟

يمسح سالم العرق عن جبينه ويقول بغضب :
– ولك بقولّك اعطيني اياها يا ابن الكلب.
– ماشييييي.

يسمع صوت ابنه ينادي زوجته التي تقول :
– ألو.
– أنا مليون مرّة حكيتلك لا تعطي التلفون لفادي (يقول بغضب واضح.
– يعني شو أعمل؟ ابنك وانت عارفه، طول نهاره ماسك التلفون وبحضر كرتون ع اليوتيوب.
– أكم مرّة حكيتلك حرام، ولِك هذا طفل عمره خمس سنين، حراااااام يتعلّق بالتلفون.
– يا زلمه كل اولاد الناس بمسكوا تلفونات أمهاتهم وبحضروا يوتيوب، وفي ناس بتشتري تلفونات لاولادها.
– لا حول ولا قوة الا بالله، الحكي ما بنفع معِك، المهم، فخذة الخروف شو بدِّك تعمليها مشان اللحام يزبّطها؟؟
– آه خلّيها مثل ما هي، بدّي أشويها بالفرن، بس أمانة تجيبها بلدي لأنه أبوي ما بيوكل إلا بلدي.

(ما بيوكل إلا بلدي؟؟) يقول سالم في نفسه (والله بيوكل الحجار لو يطلع بايده).

– وين سرحت يا زلمه؟؟ مالك؟؟
– لا ما سرحت، انتي متى عازمة أهلك؟
– مانا حكيتلك بكرا، يا الله شو صاير تنسى.
– طيّب طيّب خلص، بدِّك اشي ثاني؟؟
– آه، كَوني عاملة سفرة بدّي بطاطا وبندورة وخس وجرجير وكزبرة وزيت قلي وشراشف سفرة وبرغل ناعم مشان الكبّة …. آه ولا تنسى مسحوق الغسيل ضروري ضروري، المي اليوم جاية والغسيل مكوّم.
– هيه هيه، ابعثيهم هسّه ع الواتس، شو مفكرتيني كمبيوتر احفظهم؟؟
– ماشي.
– تتأخريش ،ترى مش قادر أوقف.
– ماشي ماشي.

يغلق سالم الخط، يشتري فخذة خروف بلدي بثلاثين دينار وينتظر لدقائق ريثما يقوم اللحام بتجهيزها.
يركب سيارته ويصل السوبر ماركت، يفتح هاتفه ليقرأ طلبات زوجته على الواتس، لا توجد رسائل، يتصل بها، لا أحد يرد، يعيد الإتصال مرّةً أخرى، لا أحد يرد، يدخل السوبر ماركت وهو يتمتم بكلمات غير مفهومة ولكن يبدو أنّها مسبات وشتائم من خلال تعابير وجهه والعرق الغزير على جبينه، يشتري ما تذكّر من طلباتها، ويمضي إلى محل الخضرة، يعاود الإتصال ولا أحد يرد، يشتري أيضًا ما تذكّر ثم يمضي إلى بيته.

– يلعن اللي اخترع التلفونات، مش قلتلك ابعثيلي طلباتك ع الواتس؟؟ وبعدين ليش ما بتردّي على دين التلفون لمّا أتّصل ها؟ (يقول سالم بغضب شديد)
– ما كان فيه شحن إلا خمسة بالمية لأنه ابنك المحترم خلّص شحنه لمّا كان يلعب فيه، كاين حاطه صامت اجيت حطيته ع الشاحن ونسيت.
– هاي الاغراض اللي تذكّرتها، شوفيها.
– ييييييي
– شوووووووووو
– كأنّك ناسي مسحوق الغسيل.
– مشان تتعلّمي مرّة ثانية، المهم شو رأيِك نزيد ع اللحمة جاجتين ونعزم أمّي وخواتي مع أهلك؟؟
– لا حبيبي، أهلي ما بيوخذوا راحتهم مع أمك وخواتك، بكرا عزومة أهلي، وبعد بكرا إذا بدّك بتعزم أهلك.
– والله انك رايقة تطبخي.
– ما رح اتغلّب، بعمل ع الجاجات اللي بالثلاجة مقلوبة، أمك بتحب المقلوبة.
– بدّك تعزمي أهلك على سفرة وفخذة خروف بلدي وأمي وخواتي على مقلوبة جاج؟؟

يتلون وجه زوجة سالم وتتدارك بالقول :
– يا الله انتا كيف بتقلب الأمور، الحق على اللي بدّي أوفّر عليك، يا زلمة انت عارف الوضع، جايين على عيد ومصاريف مدارس، والدار بدها صيانة، وبدّي أغيّر السجّاد، ولولا إنَّك أصرّيت كان ما عزمت أهلي.
يصفن سالم قليلًا ثم يقول :

– بس اذا عرفوا إني عازم أهلك على لحمة وهم على جاج بنفضح.
– يا زلمه من مين بدهم يعرفوا؟؟ أحكيلك؟ لقيت حل.
– شو؟
– عاملين بالمول عرض على اللحمة المجمّدة، بسعر البلاش، جيب خمسه كيلو وبعملّك احلى منسف واتحدى حدا يميزه عن البلدي.
– شوفتك؟؟
– مثل ما بحكيلك.
– آه والله فكرة.
#بعدين_مع_سالم