فش عالقش / رائد عبدالرحمن حجازي

فش عالقش

رائد عبدالرحمن حجازي

أيامنا لم تكن ملاعب كرة القدم منتشرة كما هي الآن ، فقد كُنّا نجتمع في إحدى الساحات التي لم تكن مهيأةً لتلك اللعبة ، ولكن بجهود جماعية من أبناء الحارة كان يتم تنظيفها من الحجارة وتسهيل بعض النتؤات وطم الحفر بالتراب فتصبح قطعة الأرض الصغيرة جاهزة للعب . ومع ذلك تبقى مشكلة تؤرقنا جميعاً وهي أين سنضع مرمى كل فريق فالمكان لا يتسع لذلك . إلا أننا وبكل اقتدار ومسؤلية كُنا نلجأ لحل يرضي الفريقين بحيث نضع مرمى واحد ليسدد عليه كِلا الفريقين مع مراعاة أن يكون حارس المرمى محايداً . ومع ذلك كُنّا نسميها لعبة القولين .
لكن سعادتنا كانت غالباً ما تصطدم ببعض المنغصات ، ومنها مثلاً أن يُسدد أحدنا ضربة مباشرة على المرمى فيتصدى لها الحارس رافعاً يديه على شكل سبعة ، ولكن الكرة تتابع مسيرها من بين يدي الحارس . فيصيح الفريق صاحب الضربة وبصوت واحد : هيييييي قوووول . بالمقابل الفريق الثاني كان أفراده يصيحون ويقولون : لا مش قول .
يتوقف اللعب وتبدأ المناكفات والمشادات الكلامية ما بين مؤيداً لذلك الهدف ومعارضاً له ويزداد الهرج إلى أن يتدخل صاحب الكرة الذي كان جالساً عليها فينهض ويضعها تحت إبطه ويقول : شو رأيكوا نشوف الفطبول من وين مرق ؟ فنجيبه : اه خلينا نشوف .
يطلب صاحب الكرة من حارس المرمى الوقوف في منتصف المرمى رافعاً يديه (علماً بأن المرمى كان عبارة عن حجرين فقط ) ، ثم يمد صاحب الكرة يده للأعلى مؤشراً على مكان ما فوق يدي الحارس ويقول لنا : الفطبول مرق من هون ، صح ولا لأ ؟ فنجيبه نحن : مزبوط . ثم يتابع صاحب الكرة ويقول : ها …. ها … معناته الفطبول ظرب بالعارظة وطار من فوقيها . هذا الجواب كنا نسمعه إذا كان صاحب الكرة ليس لاعباً بفريق صاحب التسديدة ، أما إذا كان لاعباً ضمن فريق صاحب التسديدة كان يقول : ها …. ها … معناته الفطبول ظرب بالعارظة وعبر بلب القول .
في كِلا الحالتين كُنا نُذعن لحل صاحب الفطبول لكي لا نُغضبه ويبقى معنا هو وفطبوله .
هساعيات الفطابيل مثل الفش عالقش .