ما وراء تغيير الحكومات وتعديلها / راتب عبابنه

ما وراء تغيير الحكومات وتعديلها
راتب عبابنه

عندما يتم تعديل وزاري أو تغيير الحكومة، يفترض أن هنالك تقصير أو عجز عن تحقيق إنجاز أو تصويب مسار أو خطأ معين استوجب التعديل أو التغيير.

الحكومات تتعدل وتتغير كالملابس من صيفي لشتوي والعكس ولا نقول لأسباب يومية. ورغم أنها تبدع بوسائل الضغط والتضييق، فالمنطق يقول أنها تتغير وتتعدل لأنها ضغطت وضيقت على الشعب.

وهل يختلف نهج ونمط إدارة الحكومة الجديدة عن سابقتها لكي نرى المبرر الحقيقي وراء التنعديل أو التغيير؟؟ ما تعلمناه من تجاربنا مع الحكومات السريعة التغيير أنها امتداد لبعضها مع اختلاف أن الحكومة الجديدة عادة تكون أسوأ من سابقتها.

لذلك العقل والمنطق والواقع يخبرونا أن الفشل أو العجز أو الضعف أو سوء الإدارة ليست هي الأسباب الحقيقية وراء التغيير أو التعديل. نحن نراها تأتي لمهمة معينة وغير واضحة للعامة يتم اختيار شخوصها حسب معيار خاص يضمن تحقيق المهمة المنشودة.

الواقع والتجربة يفضحان آلية تشكيل الحكومات حيث المحاصصة غير المناطقية أو الإقليمية حاضرة بقوة وتتشارك بها أكثر من جهة: رئيس الحكومة المكلف، القصر، الديوان الملكي والمخابرات. ويدخل بالمحاصصة الإسترضاء ورد المعروف والمكافأة. ولذلك نرى أن الحكومات تتعدل بعد أشهر معدودة لتظهر حقيقة أن الرئيس لا يختار كل الوزراء. لو كان هو من يختار جميع الوزراء لن يقدم على التعديل بعد فترة وجيزة.

وجرت العادة أن لا أحد يعلم لماذا اختير فلان وزيرا ولماذا خرج. والتغيير أو التعديل بالمحصلة يتم اللجوء إليهما عند الخروج عن الخط المرسوم وليس لخدمة الشعب بشكل أفضل من الحكومة الراحلة أو الوزراء الخارجون بالتعديل.

أحيانا يتم التغيير والتعديل لشراء الوقت والتهدئة وتوجيه الرأي العام باتجاه أمر ما وحرفه عن أمر معين.

هكذا علمتنا تجربتنا مع التغييرات والتعديلات. وهي أشبه بتبديل عملة. كأن تبدل فئة الخمسين دينار لدنانير وخمسات وعشرات وهكذا.

من ملاحظات المواطن الأردني والتي أصبحت يقينا أن مصلحة المواطن ومعاناته وثقل التزاماته والضغوط والقوانين التضييقية ليس لكل ذلك أن يقلق الحكومات أو يدفع بها للتخفيف ورفع يدها عن جيب المواطن. المحروقات ترفع أسعارها بينما هي منخفضة بالسوق العالمية. الأفواه تكمم ونحن في العام ٢٠١٩.

كما أن تغول متنفذين على العديد من المؤسسات رغم عدوم وجود رخصة دستورية تبيح لهم التدخل. أضف لكل ذلك الرواتب المتدنية للسواد الأعظم من الشعب مقابل الرواتب الفلكية للمحاسيب والأصدقاء ومقدمي الخدمات الجليلة وغيرهم.

نخلص إلى أن الحكومات تتغير وتتعدل ليس بقصد تحسين الأداء والتصحيح وخدمة المواطن، بل لتكمل مسيرة سابقتها بشكل أنجع وأكثر صرامة بعيدا عن مصالح المواطنين.

حمى الله الأردن والغيارى على الأردن والله من وراء القصد.