زمن التفاهة../ أسامة طارق الزعبي

كنانة نيوز – مقالات –

كتب أسامة طارق الزعبي ..

زمن التفاهة

 

يلحظ المتتبع للمشهد العام أن التفاهة أصبحت العنوان العام في جميع مناحي الحياة ، وأصبح تتفيه وتمييع  وتقزيم كل ما هو عظيم وكبير ونافع سياسة ممنهجة ومقصودة ، بدءا من قضايا المواطن البسيطة ، وصولاً للقضايا الوطنية الرئيسية ، وحتى قضايا الأمة المصيرية.

نعم هذا هو الحال اصبحت التفاهة حالة سائدة تكرس يومياً وبشكل ملحوظ وكبير، فتجد رجال السياسة معظمهم ليسوا سياسين ورجال دولة ،غير مقنعيين ، قراراتهم هزيلة ، ضعيفة مربكة في أكثر الاحيان يمارسون النفاق والعهر السياسي ولا يجيدون غير ذلك وهذا هو المطلوب !!  بينما  تجد العلماء ورجال الفكر  والسياسة  والمثقفون الحقيقيون مغيبون تماماً  عن المشهد العام قسراً أو قهراً، فيما يتصدر المشهد العام وعلى كافة الصعد في أغلبه أناس عابرون متطفلون طارئون منافقون تافهون مصنّعون ، يزيدون المشهد قبحاً وسوداوية .

الثقافةوالفن

المشهد الثقافي والفني والاجتماعي لا يختلف كثيراً عن باقي القطاعات ،حيث  يشهد تراجعاً عاماً  والكم يطغى على النوع ، وأصبح المنتج الثقافي والفني بأغلبه مبتذل ومفتعل ،ولا يقدم محتوى هادف ومميز ولا يحمل رسالة ورؤية واضحة ،واصبح الفن المبتذل يطغى على الجانب الثقافي في معظم النشاطات ، والتكريم أصبح السمة الغالبة في كل المناسبات حتى فقد قيمته الحقيقية ، إضافة إلى غياب الدور الحقيقي لمؤسسات المجتمع المحلي ، بسبب غياب أغلب القيادات القادرة والمؤهلة لقيادة مؤسسات العمل التطوعي وتحقيق اهدافها التنموية والثقافية والاجتماعية.

الإعلام

الإعلام الحر يعتبر المرآة الحقيقية للدول والشعوب ويعكس مدى رقيها وتقدمها ، ويقع على عاتقه دور عظيم وسامي ، خاصة في ظل التقدم التكنولوجي الهائل وسرعة الاتصال ، وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي ، مما يتطلب أن يقوم برسالته السامية بتقديم مادة إعلامية صحيحة ونافعة ، والتصدي لكل ماهو مسيئ ومشبوه، وتبني القضايا الوطنية بكل حزم وجدية ،ولكن للأسف إنساق معظم الإعلام نحو الردح والتطبيل والنفاق السياسي ، وتبني أفكار غريبة ذات اهداف خبيثة لحسابات معينة  مقابل المال، ومما زاد الطين بلة استخدام  مواقع التواصل الاجتماعي فيس بوك ، يوتيوب ، التك توك ..الخ ” اعلام السوشال ميديا”   فأنك ترى العجب العجاب في معظمها  تقديم ، مادة “إعلامية ” تافهة وساقطة لأبعد الحدود، فارغة مأجورة لا هدف لها إلا مزيد من الانحلال والتعري لكسب الاعجابات والمشاهدات ايضاً مقابل المال، حتى براءة الاطفال تم استغلالها ولم تسلم من ذلك ،وأصبح الإعلام يديره بعض المتطفلين من صناع المحتوى الإعلامي التافه والرخيص .

نعلم أبعاد هذه السياسة التي تديرها بعض الدول المارقة التي تدعي التحضر والتقدم  بمساعدة بعض المنظمات الدولية المشبوهة ، واستهدافها معظم الدول النامية في العالم ،لبث سمومها وافكارها الشاذة لتمييع وتفكيك المجتمعات والافراد وتغيير سلوكها ومحاربة الأديان وعادات وتقاليد الشعوب، حتى بتنا أمام أفكار غريبة شاذة لا يقبلها أي دين ولا العقل والمنطق، والتي رفضتها الكثير من الدول المتحضرة في العالم .

 

والخلاصة: أن نظام التفاهة أصبح نظاماً عالمياً  كما تحدث عنه الفيلسوف الكندي المعاصر “آلان دونو ” “في كتابه “نظام التفاهة” أو النظام الاجتماعي أن هناك طبقة من الأشخاص التافهين يسيطرون على معظم مناحي الحياة، ويتم مكافأة الرداءة والوضاعة والتفاهة بدلاً عن الجدية والمثابرة والجودة في العمل” ، فلا غرابة ان تجد مصانع منتشرة للتفاهة وصناعة التفاهات للعالم.