نظراتٌ على التعليمِ في الأردن رؤيةٌ من الداخل و دعوةٌ إلى الإصلاح/المشرف التربوي: أحمد مُحمد أمين

كنانة نيوز – مقالات –

النظرة(4):  المشرفُ التربويُّ و المعلمُ صديقانِ مظلومانِ.

(نظراتٌ على التعليمِ في الأردن، رؤيةٌ من الداخل و دعوةٌ إلى الإصلاح)

المشرف التربوي: أحمد مُحمد أمين

١- أنا و يحيى.

في عام ٢٠١٧ كنتُ معلمًا في مدرسة كَفرعان في لواء الوَسَطية في إربد، وقد رافقتُ طالبًا في الصف التاسع اسمُه يحيى إلى المسابقة الثقافية، ومن طرافة المشهد أن عدد المشاركين في فرع مسابقتنا كان طالبين فقط، وبصدور النتيجة كان يحيى قد حصل على المركز الثاني، وإنْ شئتَ فلَكَ أن تقول ( المركزَ الأخير) فكلا الوصفين صحيحٌ،  ولكن يحيى اتفق معي أو أنا من  اتفق مع يحيى -لا أذكر الآن من كان البادئ- اتفقنا على أننا إذا سُلئنا في المدرسة عن المركز الذي نلناه أن نقول:” إننا حصلنا على المركز الثاني” ، من غير أن نذكر عدد المشاركين  في فَرع مسابقتنا، وهذا ما كان. مِنَّا مَن يُصدر الأحكام بالطريقة التي اتفقتُ أنا و يحيى عليها،  فاتفاقُنا و إن بدا ظريفًا إلا أنه يتضمن مغالطةً.

٢- عبارة يُقصد بها الظُرفُ ولكنها تتضمن مغالطةً.

ثَمَّ عبارةٌ تُسمع بين حينٍ و حين يُقصد بها الظُرفُ تقول: ” (أريحُ) وظيفتين  في وزارة التربية والتعليم  هما المشرفُ والوزير “. وكنتُ دائمًا من المعترضين على هذه العبارة؛ لأن في  العبارةٌ ظلمًا للمعلم، فكيف ذلك، و هي لا ذِكْرَ للمعلم فيها؟!

إن مكمنَ الظلم في العبارة أنها تتضمن من طَرْفٍ خفي تسويةَ الوظائف الأخرى في وزارة التربية والتعليم بوظيفة المعلم من حيثُ الإرهاقُ، و هذا مخالفٌ للحقيقة، فكلُ وظيفةٍ في وزارة التربية والتعليم إذا قُورنتْ بوظيفة المعلم فهي وظيفةٌ مُريحة، ألَا ترى أنّ من يسعى من المعلمين إلى أن يصيرَ إلى وظيفة أخرى كثيرٌ، و لكنك لا تكاد تجدُ بل لا تجدُ من يسعى إلى أن يصيرَ من وظيفة ما إلى وظيفةِ معلم!

٣- ماذا يريدُ أكثر؟!

في الشهر الذي أضرب فيه المعلمون التقيتُ رجلًا أحسبُه في الستينَ من عُمُره في دكّان  الخُضار الذي بالقُرب من مديرية التربية والتعليم في بني كنانة،  و أَحْسَبُك تعرفُه، أقصدُ الدكّانَ لا الرجلَ. كان الرجلُ غاضبًا من إضراب المعلمين، فكان مما قال:” لقد رأيتُ كشفَ راتبٍ لمعلمٍ، و كان راتبُه ٥٠٠ دينار،  ماذا يريد أكثر؟! “. فَأَسْرَرْتُهَا فِي نَفْسِي وَ لَمْ أُبْدِهَا لَهُ، قلتُ: “ربما يريدُ من الآخرين أن يتمنَّوا لو كانوا معلمين لا أن يحمدوا اللهَ على أنهم ليسوا بمعلمين”.

٤- أنا و زَميلي.

التقيتُ قبل حينٍ  ليس ببعيدٍ  معلمًا تزاملتُ معه قبل سنوات في مدرسة، و كان من  رأيه  أنه يجبُ إلغاءُ قسم الإشراف؛ لأنهم لا يقومون بشيء، فهم يزورون المدارس التي كانوا فيها معلمين، وماذا عساهم يفعلون مع زملائهم، و ضرب مثالًا على ذلك.

وكنتُ في أول حديثي معه  قد قلتُ:” إن المعلم هو الموظفُ الأكثرُ إرهاقًا جسديًّا ونفسيًّا”، فكان من عجيبِ زميلي هذا أن رفضَ هذا الوصف الذي وصفتُ به المعلم، و بدأ يضرب أمثلةً من مدرسته على خطأ الوصف الذي وصفتُ به المعلم.

فقلتُ: إنني أحدثُك عن المعلم ب( لام الاستغراق)، المعلمُ أي كلُ معلم،  و ليس معلمًا بعينِه في بالِك، ذلك أننا إذا سردنا الأسماء الوظيفية في وزارة التربية والتعليم من ( مدير ومساعد مدير و مرشد و سكرتير وقيم مختبر و قيم حاسوب وأمين مكتبة ومعلم ومشرف وإداري في قسم من أقسام المديريات و إداري في الوزارة) من غير أن نخصَّ الاسماء الوظيفية تلك بأعيانٍ في أذهاننا لوَجَدْنا أن الاسم الوظيفي الذي هو ( المعلم) سينال المركز الأول من حيث الإرهاقُ الجسديُ والنفسي، ثم بعد ذلك قد نختلفُ في تصنيف بقية الأسماء الوظيفية  في قائمةِ الأكثرِ إرهاقًا.

٥- من أجل التواصل اليومي.

و التقيتُ قبل أيامٍ  معلمًا  بل قُلْ صديقًا  فهَمسَ: لمَ لا يُلغى الإشراف؟!

لا تظلمْ يا صديقي صديقَك، فصديقُك يقومُ بعملٍ كثيرٍ، ليس قياسًا إلى جهادك في التعليم، ولكن قياسًا إلى ما يقوم به الزملاء في جميع الأقسام الأخرى. هل جرّبتَ يا صديقي أن تَعُدَّ زيارات المشرفين  و المشرفات إلى المدارس وتقارنَها بعدد زيارات الزملاء في الأقسام الأخرى، إن أكثرَ من ٩٠% من تواصل المديرية بالمدارس يكون من زيارات المشرفين  والمشرفات.

و  إنك إنْ أصبحتَ يومًا يا صديقي مديرًا لمديريةِ تربيةٍ و تعليم فإنَّ وِلايتَك على تلك المدارس تقتضي منك أن تكون على تواصلٍ يوميٍّ معها، ولمّا كنتَ لا تستطيعُ أن تفعلَ ذلك بشخصِك الواحد، فإنك ستسعى إلى صناعة آلية تُحققُ لك ذلك التواصلَ اليومي، و عندئذٍ  سَمِّ تلك الآليةَ بما شئتَ سَمِّها قسمَ التفتيش أو قسمَ التوجيه أو قسمَ الإشراف أو غيرَ ذلك،  إنك مهما اخترتَ لها من اسم فإنك ستحتاجُ إلى من ينوبُ عنك ليُحَقِّقَ لكَ ذلكَ التواصلَ اليوميَّ مع المديرِ  والمعلمين والطلابِ والكتابِ المدرسي  وحاجاتٍ كثيراتٍ أُخرى.

٦- أنا لك يا صديقي.

قلتُ لك: و التقيتُ قبل أيامٍ  معلمًا  أو قُلْ صديقًا  فهَمسَ: ما عمل الإشراف؟!

فكتبتُ:

١. ” المشرفُ التربويُّ  للمعلم  بمنزلةِ المشرفِ الجامعي لطالب الدراسات العليا”.

٢. ” المشرفُ التربويُّ مصدرٌ علمي للتحقق من صواب المعلومة العلمية، إنه مثلُ الكتابِ التخصصي ومثلُ شبكةِ المعلومات.”

٣. ” المشرفُ التربويُّ هو المعلمُ الثاني في الصف، و ليس المديرَ الثاني في المدرسة”.

٤. “المشرفُ التربويُّ يحاورُ المعلمَ في سجلات البيانات و يرشدُه إلى الصواب،  أما مديرُ المدرسة فيفتشُ على السجلات وله صلاحيةُ الاستجواب”.

ومن  ذلك:

أ. المشرفُ التربوي يحاورُ المعلمَ في طريقة تحضيره،أما مدير المدرسة فيفتش على تحضير المعلم.

ب. المشرفُ التربوي يحاورُ المعلمَ في ورقة الامتحان، أما مدير المدرسة فيفتش على ورقة الامتحان.

ج. المشرفُ التربوي يحاورُ المعلمَ في علامات الطلاب المسجلة في سجل العلامات، أما مدير المدرسة فيفتش على سجل العلامات.

٥. ” المشرفُ التربويُّ صديقُ المعلمِ، و محلُّ سِرِّه الوظيفيِّ”.