ثقافة الطفل رؤية وحقيقة / كاظم الكفيري

ثقافة الطفل رؤية وحقيقة

كاظم الكفيري

أن ثمة مشكلة تتمثل في غياب ثقافة خاصة بالطفل في مجتمعاتنا العربية، لصالح هيمنة ثقافة أخرى، مضمونها الاغتراب، الاغتراب عن كثير من قيم المجتمع وثقافته الأصيلة، ولا أرى في هذه النتيجة سوى ضرب من تحصيل الحاصل لأزمة الثقافة أساساً في المجتمعات العربية.
أن صلاحية المنهاج التعليمي، وأساليب التعليم وطرائقه في مدارسنا وجامعاتنا، وعند الإعلام وماذا قدم للطفل في عصر يشهد أضخم ثورة معرفية وتقانية عرفتها البشرية، وعند شكل مضمون التلقي لما يبث عبر أقنية الإعلام. المختلفة
دعونا هنا نتأمل ماذا يكتب للطفل ؟ من قصة وقصيدة ورواية !! وأين المسرح من كلّ هذا؟ فهذه التساؤلات ستبقى معلقة وبرسم الإجابة، ما لم يشتغل جدياً على معالجتها ذوو الاختصاص في العلوم الاجتماعية والنفس والقائمون على المؤسسات التربوية والثقافية.
إلى أي مدى استطاعت الأسرة إعداد الطفل وتكوينه ثقافياً في سياق التنشئة الاجتماعية ؟ وإلى أي مدى ساهمت في إثراء معارفه وخصوصاً في مرحلة الطفولة المبكرة؟ وخاصة أن وظيفة الأسرة في مرحلة الطفولة معنية بتأصيل ودعم قدرة الطفل على التفكير الإيجابي باعتباره نشاطاً ذهنياً والعمل على مساعدة وتوجيه الطفل على اكتشاف الأجوبة باعتبار أن مرحلة الطفولة تعدّ مرحلة التساؤل لدى الطفل بامتياز.
أن غياب الاهتمام باللغة عند الطفل سيؤدي إلى شلل قدرة الطفل في التعبير عن ذاته والاتصال مع الآخرين والتفاعل مع محيطه الاجتماعي، وسيكون عاجزاً عن التعبير عما يختلج في صدره من مشاعر وأحاسيس وقيم، والأسرة مطالبة بإثراء الحصيلة اللغوية عند الطفل وتنميتها إيجاباً.
كما أن الثقافة الحاسوبية والتي هي أهم منتج ثقافي يتعامل الطفل معها بعلاقة آلية حيث يجهز الحاسوب المعلومة والأفكار واعتمادها كمرجع دون أن يمر بعملية تفكير يستطيع الطفل من خلالها أن يحلل، مشيراً إلى أن من مجالات ثقافة الطفل الراهنة التي تقدمها الأسرة والإعلام والحاسوب، زوايا وأبوابا لا تعكس القيم الاجتماعية والإنسانية الخلاقة.
أن أكثر ما يواجه الأسرة اليوم من أزمات يتمثل فيما أطلق عليه المفكر العربي هشام شرابي ” السلطة الأبوية” التي تحاول الهيمنة على مقدرات الإنسان، هذه السلطة التي تقف حائلاً دون أي محاولة للإبداع والابتكار، فالقيود الاجتماعية طبقاً لهذه المقاربة سرعان ما ستقوض في الطفل قدرته على تنمية ذاته، وستصبح عندئذ طاقاته عرضة للهدر والضياع، إذ سينشأ الطفل في بيئة تحرم عليه التفكير الحر، تنكر عليه التساؤل الخلاق، وتعمل على وأد كل شكل من أشكال الإبداع لديه، لأنه ولد ونشأ وتربى في محيط مسيج بالمقدسات والتابوهات التي تجعل منه روحاً محنطة، وهكذا سيكون الطفل في المراحل العمرية التالية، محض إرادة مهدورة، وطاقة مستنزفة، وسيكون ضحية السائد من التقاليد. وعليه فلابد من بناء خطط واضحة لتفعيل لثقافة الطفل في الاردن وهي أولوية وطنية