فوائد البحبشة في الحاويات / كامل النصيرات

كنانة نيوز – مقالات –

فوائد البحبشة في الحاويات 

كامل النصيرات

اجتمع شخصان من بلدين مختلفين في بلد ثالثة..لو رأيتَ فقرهما لبكيتَ و ولّيتَ منهما فراراً و لملئتَ منهما رعباً لشكلهما المخيف من عوامل الفقر الذي فعل بهما الأفاعيل و نكّل بهما أيّما تنكيل ..!

بعد مرور قليل من السنوات ..تصادف ذات الشخصين في ذات البلد الثالثة ..ولكنّ أحدهما كان بملابس (جخّة) و رائحة عطره الفاخر تعبق معه أينما ذهب ..يعني تستطيع أن تقول عنه (مُزْ) و قلبك مرتاح للوصف ..أمّا الآخر فازداد حاله سوءاً و زادت نكباته و أمراضه ..وازداد رعباً ..ولكنه أصيب بالدهشة حين رأى زميله (بالشحططة و المهانة و الفقر الأكثر من مدقع ) في طبعته الجديدة و المنقحة ..حتى أنه شكّ أنه هو؛ لولا تأكيد الآخر له : وشرف العلب الفاضية اللي كنّا نتسابق عليها ..إنه أنا ..!!

اقرأ أيضاً:   عندما يتحول الموظفون الكبار إلى موظفين صغار أمام الشعب

فقال له الباقي على خوازيقه : من أين أتتك النعمة ..؟ ضحك (المُز) وقال : عدتُ إلى بلدي ..و الصدفة قادتني إلى حاوية (زبالة) قرب بيت مسؤول في بلدي ..فلمّا رآني (ابحبش) في الحاوية ..نزل من سيارته وسألني لماذا أفعل ذلك : فشرحت له حالتي ..وعن فقري و جوعي و بهدلتي ..أعطاني كتاباً قلب حياتي رأساً على عقب..وظيفة و تأمين صحي و معونات و ضمان اجتماعي و حوافز لا حد لها ..! لذا عليك يا صديقي أن تذهب لبلدك و تفعل ما فعلت أنا..وهذا رقم تلفوني لتبشرني بحالك الجديد ..!

اقرأ أيضاً:   ديموقراطية مشقلبة

عاد صاحبنا إلى بلده (ليس مهماً ما هي البلد ) ..وتعسعس على بيت مسؤول قالوا له أنه (بمون) و كلمته (ما بتصير ثنتين) ..وكل يوم (يبحبش ) بالحاوية ..و المسؤول غير منتبه لوجوده ..حتى قرّر أن يحدث ضجّة كبيرة في المرة القادمة وهو يبحبش في الحاوية كي يلفت أنظار المسؤول ..وفعلاً نجحت الخطة و ناداه المسؤول : ولك ليش بتبحبش بالزبالة ..؟ قال له : يا سيدي ..هي مصدر رزقي الوحيد ..وضعي كذا وكذا وكذا ..فطبطب المسؤول على كتف المواطن وهو حزين و أمر أحد مرافقيه بأن يأتي له بقلم وورقة و مغلف ..وكتب المسؤول ..و وضع الورقة في المغلف ..وقال له : اذهب بهذا المغلف إلى الوزارة الفلانية ليصبح الكتاب معتمداً وساري المفعول ..وإذا احتجت شيئاً تعال إلي ..أنا في خدمتك ..!

اقرأ أيضاً:   عن الجامعة المنكوبة وأسئلة اليوم التالي ل”ليلة القبض على الزعيم”/د.عبدالحكيم الحسبان

قبّله ألف قُبلة ..ودعا له مليون دعاء..و ترجّى أحد المارة من أجل مكالمة خارجية دقيقة واحدة ..اتصل بصديقه : باركلي باركلي ..أعطاني كتاباً ..كلامك صحيح يا وجه السعد ..! قال له افتح الكتاب و أقرأه لي ..فتحه وقرأ الجملة التالية : يسمح لحامل هذه الكتاب بالبحبشة في كل حاويات البلد دون ان يعترضه أحد ..!