ليس انجازاً / أحمد حسن الزعبي

ليس انجازاً

أحمد حسن الزعبي

تعتزم الحكومة – حسبما قرأنا- بأردنة قطاع عمال الوطن بنسبة 100% خلال أربع سنوات قادمة ، بحيث سيصبح جميع عمال النظافة بالبلديات والأمانة من الشباب الأردني وستصبح مهنة مغلقة في وجه العمالة الوافدة..
الخطوة في ظاهرها تبدو انجازاً تستحق “مجوز وطبلة” ودبكة ومهباش من وجهة نظر المسؤولين الذين يتعاملون مع الوطن كقطع “puzzle” متناثرة ولا يستطيعون أن يتخيلوا وجهه بصورة متكاملة ،تارة يناقضون أنفسهم بأنفسهم ،وتارة يضعون “زيت قرنفل” على مكان الوجع ليهدأ قليلاً ثم يثور بألم أكبر..وتارة يخالفون خططهم الإستراتيجية ويمشون مع تيار الفزعة..
لا نريد أن ينكمش طموح الأردني من مواطن منتج ، الى موظف “روبوتي” يمد يدّه آخر الشهر للصراف الآلي، الوظيفة لا تنهض بالانتاج ،الوظيفة لتسيير وتسهيل مهمة الانتاج ليس الا ، لذا لا أرى أن تصبح وظيفة عامل النظافة -على أهميتها – واحترامنا وانحنائنا للعاملين بها هي المبتغى بينما بإمكاننا أن نستثمر بهذه القوّة الكامنة من الشباب في سبل إنتاج أخرى ،ولا نستطيع أن نحول المتقدمين بطلبات لديوان الخدمة المدنية والبالغ عددهم 400 الف أردني الى عمال وطن ،والى طلاّب وظائف لا أرباب مهن ومنتجين حقيقيين…
الحل؟؟ بالتسهيل على الشباب بعمل مشاريع صغيرة خاصة بهم يعتاشون منها وتكبر معهم ، على سبيل المثال لماذا تصرّ الأمانة والبلديات على مكافحة البسطات وعربات الطعام وفرشات الخضار والفواكه ، لماذا تبالغ الأمانة والبلديات في طلب رخص المقاهي والأراجيل حيث وصلت الرخصة الواحدة الى خمسين الف دينار، لماذا يغلقون أكشاش القهوة و”السناكات”؟..لماذا يطلب من الباعة الصغار كل هذه الرسوم والتراخيص والضرائب، كل يوم هناك مطاردات لــ”بكمات” الخضار التي تجوب الحواري طلباً للعيش الحلال ، وكل يوم هناك اتلافات وملاحقات تؤلم القلب لمن يريد ان يسترزق بعرق جبينة ..كفوا ايديكم عن أرزاق البسطاء واتركوا العالم تعيش كي لا يصبح منتهى طمحوها أن يسجل في بلدية ليأخذ راتباً متهالكاً لا يسمن ولا يغني من جوع..
تعلّموا من سوريا وتركيا ، كل “بيت درج” يعتبر معملاً ومصنعاً، كل العائلة تنتج ، من البسطة الى الكشك الصغير الى عربة الخضار، الى استصلاح الأراضي ، الى صناعة الأثاث، الى مهن التصليح، الى الزراعة، الى الأعمال الحرفية اليدوية ، الى الصناعات الغذائية البسيطة ..والدولة عليها ان تغضّ الطرف عن رسوم وضرائب هذه المهن في سبيل عيش الناس وعدم انفجارهم في وجهها..
كاذب ومخادع من يقول أن الأردني لا يريد أن يعمل ، الأردني يسعى بكل ما أوتي من قوة الى الكسب الحلال والرزق الحلال والعمل الحرّ، لكنكم تدخلون معه “شريكا مضارباً” بالترخيص والرسوم والغرامات والتصاريح حتى تفلسوه تماماً وترموه في الشارع ،فيعود يطرق أبوابكم يرجو أن يعمل حارساً أو آذناً أو مراسلاً في “بوفيه” الوزارة ثم تطردونه من جديد..وتقولوا له اذهب واعمل في القطاع الخاص..وقد لعنتم “سنسفيله” في القطاع الخاص..