خطاب الدولة الغائب/م . سليم البطاينة

خطاب الدولة الغائب

م . سليم البطاينة

يمرُ الخطاب السياسي الاردني بأزمة لا شك فيها ، وهنالك مؤشرات تدل على ذلك فخطاب الدولة هو أحد أعمدتها ويُعرفُ عن طبيعتها ويعكس ظروفها ويقدمها للآخرين كمنهج سياسات فأذا كان ضعيفاً مهترئاً فهو دليل على ضعف الدولة وإذا كان صاخباً فهو يدلُ على الفوضى و عدم الاستقرار وإذا كان متقلباً ومتناقضاً فهو دليل على ان الدولة لا تمتلك رؤى حقيقية للنهوض أو الإصلاح فمن خلال خطاب الدولة يُمكنُنا أن نقرأ مسارات الدولة وعلاقاتها الإقليمية والدولية والداخلية ، كما أنه يُعبر عن شخصية صاحب القرار وطبيعة الفريق الذي يُحيط به.

فالاردن حالياً يمر بظروف صعبة جداً ومُعقدة وينبغي أن يكون خطابه معبّراً حقيقياً وواقعياً عنه و عن هيبته و اتزانه بلا مجاملة  في ظل ترنحُ البلاد تحت وطأة أزماتها ، وهذا فعلياً لا يحتاج إلى دليل وشهود.

فخطاب الدولة لا يشبه ابداً خطاب الشارع ومواطنيه المثقلين والمنشغلين بأزماتهم الحادة إضافة الى الشرخ العميق والثقة المفقودة بين الدولة والنَّاس ، والتي نتج عنها حالة من اللامبالاة والشعور باللاجدوى عندهم فهم فقدوا القدرة على التحليل والتشخيص، فالذي ينتظره الناس ليس تشخيص المرض لأن الكُل يتقاسمه ، بل ينتظرون ايجاد حلول لأوضاعهم المعيشية الصعبة والتي تزداد يوماً بعد يوم.

فما آلت إليه أحوالنا بعد سنوات طويلة من الضياع جعلت الناس تُصاب بالاحباط واليأس، مما ساعد على انتشار السلبية وانتشار ما نُسميه بخطاب الأزمة وهو ناتج عن فقدان الأمل والثقة في أصحاب القرار وقدرتهم على تحقيق الحد الأدنى مما وعدوا به، فاتقنوا أزمة الخطاب من خلال خطاب الأزمة و من خلال الأعصاب المرهقة والوتر الذي يشتهي الشد نُلاحظ أيضاً تعمق خطاب اليأس.

فتحليل النتائج أحياناً يحتاجُ إلى عمق ورصانة معرفية عوضًا عن الرودود الانفعالية فعندما يكون خطاب الدولة مأزوماً سيُسهم ذلك في أطالة أمد أزماتنا، فمن الاستبلاه ربط مصير الدولة بلوليات المصالح ، فالمتغيرات الداخلية للأردن شكلت دون أدنى شك بيئة مُضطربة متسمة بأزمات مفتوحة فالخطر الذي يهدد  مستقبل البلاد حاليًا هو التعالي وعدم الانصات لنبض الشارع وأنينه ؟ فليس من المقبول مصادرة المستقبل ولا نقبل بتاتاً بأن تكون الدولة مُلكاً أقطاعياً لاياً كان فأحدُ أسباب فشل خطاب الدولة هو ما يتعلق بالجانب التنموي.

فحالة غضب الشارع لم تعد خافية على أحد ، ولم يعُد من الممكن التنبؤ بها ، والتحكم فيها وأحتوائها فهنالك أجواء من التشاؤم على جميع المستويات وحالة من الاحتقان الشعبي تزدادُ حدتها نتيجة المقاربات الأمنية الجديدة والتي لم يعتد عليها الناس.

فالحاجة اليوم أصبحت مُلحة ليس فقط في تصحيح الاختلالات أو في محاربة الفساد والحدُ منه، بل في اعادة النظر والتفكير في أسلوب الحكم وطريقة إدارة شؤون الدولة ومؤسساتها!! وأن نبدأ فعلياً بالنظر إلى مستقبل الاْردن بأعين حاملة لطموحات لا تخاف ولا ترتجف.