المبادرة السياسية للحركة الإسلامية / مروان المعشر

المبادرة السياسية للحركة الإسلامية
مروان المعشر

طرحت الحركة الإسلامية (الإخوان المسلمون و حزب جبهة العمل الاسلامي) قبل عدة أسابيع مبادرة سياسية للإصلاح ارادت من خلالها فتح حوار وطني حول الإصلاح السياسي في البلاد. و لم تتعدى المبادرة عناوين عريضة لا اعتقد ان الكثير يعارضها مثل إقرار مبدأ الحكومات البرلمانية و التوافق على قانوني انتخاب و احزاب عصريين، و التمسك بثوابت الأمة من القضية الفلسطينية، و هكذا.

بالتأكيد، فان أي مبادرة تدعو لتوافق وطني حول الإصلاح السياسي هي دعوة محمودة، و لو انها بحاجة للخوض في تفاصيل كثيرة و عميقة. الا ان الحوار الوطني المفقود اليوم لا يقتصر على الإصلاح السياسي، بل ازعم انه بدرجة أهمية هذا الإصلاح، فان هناك حوار وطني مطلوب بين الجهات الدينية و المدنية سواء حول الأمور المجتمعية و ماهية المجتمع الذي نريد.

في التفصيل، هل يقود هذا الحوار الوطني المطلوب لتوافق حول تعريف المواطنة؟ هل تعترف الحركة الإسلامية بمواطنة متساوية لكل الأردنيين و الأردنيات لا تفرق بين المسلم و المسيحي أو الرجل و المرأة؟ هل يقبل الإسلام السياسي بالمساواه مع غيره؟ و هل تعترف كل الحركات المدنية ايضا بمواطنة متساوية لكل الأردنيين و الأردنيات بغض النظر عن الأصل كما جاء في المادة السادسة من الدستور؟

هل يقود مثل هذا الحوار الوطني لتوافق حول مفهوم التعددية؟ هل تعترف الحركة الإسلامية بتعددية المجتمع و تطبق فعليا المبدأ الإلهي الوارد في القران الكريم ان لا اكراه في الدين دون تكفير للناس؟ أم انها تنوي تطبيق تفسيرها للدين على المجتمع باكمله، مسلم أو مسيحي؟ هل يترك المفطر مثلا دون عقاب طالما انه لا اكراه في الدين؟ و هل تؤمن الحركة بفرض الحجاب بالقوة مثلا كما هو الحال في إيران؟ و هل تعترف الحركات المدنية أيضا بتعددية المجتمع، أم انها تنكر حرية العمل السياسي على الأحزاب الإسلامية؟ و هل يعترف الاثنان بحق كلاهما في التواجد المجتمعي و ليس السياسي فقط دون تخوين أو تكفير؟

هل من الممكن الوصول إلى توافق وطني حول حقوق المرأة؟ هل تنظر الحركة الاسلامية للمرأة نظرة متساوية من النواحي التشريعية على الأقل؟ و هل تنظر كافة الحركات المدنية أيضا للمرأة نظرة تشريعية متساوية؟

هل الحركة الاسلامية السياسية اليوم دينية أم سياسية؟ هل تؤمن بالفصل الكامل بين الدعوي و السياسي؟ هل تهدف، كما قال المفكر السوري برهان غليون، “إلى بناء الدولة الدينية، أم تجديد أسس الدولة القطرية”؟ و إلى الجهتين، ما مدى الالتزام بالديمقراطية في كافة الأحوال؟ أم انه التزام انتقائي ما دام يخدم جهة من الحركتين؟

هل من الممكن الوصول لتوافق وطني جاد حول مفهوم مدنية الدولة، أم نصر على هذا اللغط من البعض من كلا الحركتين حول هذا المفهوم؟ يفسر بعض غلاة المنتسبين للحركات الاسلامية خطأ أو عن قصد مدنية الدولة على انها دعوة للالحادية، بينما يتهم البعض الآخر هذه المدنية بانها دعوة لتفكك المجتمع أو حتى للتوطين في تسطيح معيب. و يتناسى الاثنان اننا نعيش اليوم في دولة مدنية، و ان لم تكتمل فيها عناصر الديمقراطية و التعددية الحقة.

نعم، نحن بحاجة لمثل هذا الحوار الوطني أيضا، لان مثل هذه الأسئلة هي ما تحتاج لإجابات واضحة. لقد تجنبنا الخوض في مثل هذه المواضيع متذرعين بحساسية بالغة كان لها اثر مباشر في تقوقع المجتمع. توجد هذه الحوارات في كل المجتمعات الحية القادرة على النقد الذاتي و التجديد المستمر دون الوجل من مجرد النقاش. نحن بحاجة ماسة لتحرير العقل و النقاش الحر و طرح كافة هذه الآراء في العلن، ثم ترجمة توافقاتنا في الدستور و القوانين.

هل لدينا الشجاعة لذلك؟ بل السؤال المطروح هل نستطيع تحقيق التقدم و الازدهار دون ان نفعل ذلك؟