بركة العرائس ” اعتداءات وحلول ”  ومطالبات بتنمية مستدامة بإعلانها منطقة هامة بيئيا

كنانة نيوز – خاص – محمد محسن عبيدات

  • البركة الغائرة الوحيدة في الاردن تدق ناقوس الخطر البيئي . فهل من مجيب ؟
  • بركة العرائس تنوع حيوي فريد تضفي سحرا طبيعيا في الركن الشمالي الغربي من الاردن .
  • مسؤولون يتنصلون من مسؤولياتهم تجاه بركة العرائس وكل منهم يلقى بها على عاتق الآخر  .

في اقصى الركن الشمالي الغربي من اراضي المملكة الاردنية الهاشمية  ومقابل هضبة الجولان , وتتوسط وادي اليرموك المحاط  بسلسلة من الجبال , تقع البركة الغائرة الوحيدة في الاردن والتي تعد بحيرة طبيعية نادرة واطلق عليها اسم ” بركة العرائس ” , وتقع كذلك في الجزء الدافئ من اقليم البحر الابيض المتوسط في حفرة الانهدام , وهي تنوع حيوي فريد و مهبط للطيور المهاجرة . وعندما تقترب من الوصول اليها , تسمع اصواتا مختلفة ومستمرة طوال الوقت صادرة من البركة وكأنها معزوفة موسيقية جميلة , تطرب السمع وتريح النفس , وعندما تنظر اليها  والمنطقة المحيطة بها وهي تكتسي الثوب الاخضر , يضفي على المنطقة جمالا طبيعيا خلابا , يسلب الابصار ويخطف القلوب  , ويحيط بجوانب البركة نباتات القصيب  وبأحجام مختلفة لتشكل سياجا طبيعيا , يعطي منظرا خلابا على مدار العام , وكذلك النباتات والاعشاب البرية والازهار المختلفة الممتدة لمساحات شاسعة في محيط البركة , ويستوطن بداخلها والمنطقة المحيطة بها  , اعدادا مختلفة من الحيوانات البرية  والطيور والزواحف والضفادع  والسلاحف المائية و البرية  وهناك اصناف نادرة ومهددة بالانقراض , واضيفت البركة  مؤخرا الى المحميات الطبيعية القائمة على ثرى الاردن.

وجاءت تسمية بركة العرائس او العرايس  ”  وحسب الراوي الباحث في التاريخ الانساني الاستاذ ممدوح بشارات , بانه في الساعات الاولى من حلول الظلام كان يتم مشاهدة مجموعات كبيرة تحيط بالبركة و غير معروفة وتتحرك بطريقة  تشبه رقص العرائس في الافراح  وسماع اصوات غريبة ومخيفة  تصدر من البركة  وتزداد الحركة وتستمر كلما ازدادت  سرعة الرياح , وكانت هذه الرواية متداولة عند النساء اكثر من الرجال  وتشكل مصدر رعب لأبناء المنطقة  وتمنعهم من الذهاب الى البركة بعد حلول الظلام  وخاصة الشباب غير المتزوجين , واشار عدد من المجتمع المحلي الى ان الرواية يقصد بها نباتات القصيب المرتفعة التي تحيط بالبركة  , ومع حركة الرياح تبدا بالتمايل  ويعزز ذلك الظلام الشديد في تلك المنطقة . وفي رواية اخرى لمختار بلدة الحمة صبحي العقلات والاستاذ محمد ملكاوي بينوا بان الرواية الاكثر انتشارا والاقرب الى الواقع  , بانه جرت العادة وقبل حفلة زفاف العروسين  , يقوم عدد من اقارب العروسين وكنوع من انواع المساعدة والتي تسمى ” بالفزعة ” بتجميع صوف الاغنام بكميات مناسبة ويتم غسلها بماء البركة , ويتم كذلك صناعة  المفارش الارضية والتي تسمى ” الحصيرة او الحصر ” من نباتات الحلفا  , وهذه  الطقوس متعارف عليها لدى جميع ابناء المنطقة ولا يجوز استثناءها  ضمن مراسم الزواج وتعتبر من ضمن العادات والتقاليد .

وحسب ما افاد به الباحث في جودة البيئة وصون الطبيعة الدكتور احمد جبر الشريدة رئيس جمعية التنمية والانسان والبيئة الاردنية  ومدير محمية غابات اليرموك الطبيعية الاستاذ محمد الملكاوي ان   هذه البركة تعد بحيرة طبيعية نادرة , وتقع في الجزء الدافئ من اقليم البحر الابيض المتوسط في حفرة الانهدام , اقصى شمال غرب المملكة الاردنية الهاشمية مقابل هضبة الجولان , تتوسط  وادي اليرموك المحيط  بسلسلة من الجبال  متوسطة الارتفاع ،  وتبعد عن نهر اليرموك  مسافة  600 متر , ويبلغ ارتفاعها ما يقارب 130 مترا فوق سطح البحر , وتبلغ مساحة المسطح المائي للبركة الذي تقلص  مع مرور الزمن نتيجة عوامل عديدة منها طبيعية  و غير طبيعية حتى وصل المسطح المائي  الى ما يقارب من9 الى 10 دونمات  والتي كانت مساحتها تصل في بداياتها ما يقارب 25 دونما تقريبا  , ومساحتها والاراضي المحيطة بها  ما يقارب 50 دونما  , وعمقها من 30 الى 40 مترا  , وتعتمد  ديمومة مياه البركة  على نبع داخلي متجدد طول الوقت اسفل البركة بالإضافة الى كميات مياه الامطار المتجمعة من الجبال المحيطة  .

وهذه البركة تتعرض الى العديد من  الاعتداءات  نتيجة عوامل طبيعية وغير طبيعية ” مقصودة ” و تؤثر بشكل سلبي على مكوناتها وديمومتها , وتتمثل في السحب الجائر للمياه من قبل المزارعين لري المزارع المحيطة بالبركة  , ومضخات سحب المياه التي تعمل على المحروقات ويتسرب كميات من  مادة السولار عند تعبئة المضخات وتختلط بمياه البركة , وتلوث المياه نتيجة تحلل سموم اطارات الكاوتشوك الملقاة حول البركة بكميات كبيرة وبأحجام مختلفة  , و النفايات الصلبة الخطرة الملقاة كذلك بشكل كبير نتيجة السياحة العشوائية المستمرة خلال العام , والصيد  والرعي الجائر وغيرها من الامور . وجميعها ساهمت بشكل كبير , سلبي وضار على النظام البيئي بشكل عام ومكوناته  وديمومته . وساهمت السياحة العشوائية الداخلية بجزء كبير من هذه الاعتداءات كون غالبية رواد البركة هم من المجتمع المحلي المحيط بالبركة ومن مختلف مناطق لواء بني كنانة و الاقلية من خارج اللواء ومن خارج الاردن وتحديدا من دول الخليج العربي .

فكان من واجبنا كمؤسسات صحفية  ونظرا لأهمية المنطقة  تسليط الضوء على كافة الاعتداءات التي تتعرض لها بركة العرائس منذ عشرات السنين , وازدادت مع مرور الزمن واصبحت الاعتداءات كثيرة وتهدد البركة بالجفاف والقضاء على مكونتها . و نسعى كذلك في الكنانة نيوز  جاهدين لإيجاد الحلول المناسبة لمعالجة الاعتداءات والمحافظة على ديمومة البركة ومكوناتها  واعلانها منطقة هامة بيئيا بهدف التنمية البيئية والسياحية والاقتصادية المستدامة . وفى كل يوم ننتظر من ينقذ البركة ويحميها ويرعاها  ، لكن دون جدوى فالتصريحات روتينية والحملات وهمية  وشكلية لا تفضى إلى نتيجة حقيقية، والمسؤولون يتنصلون من مسؤولياتهم وكل منهم يلقى بها على عاتق الآخر  .

الكنانة نيوز اعدت تقارير ميدانية  حول كافة الاعتداءات وبالتعاون مع عدد من مؤسسات المجتمع المدني وتم التواصل مع الجهات المعنية  للوقوف على هذه الاعتداءات وايجاد الحلول المناسبة  للتصدي لها ومعالجتها للحفاظ على ديمومة البركة ومكوناتها , فما كان من هذه الجهات الا التجاوب الجزئي والقليل مقارنة مع حجم الاعتداءات على البركة . فكانت حملات النظافة والتوعية والتثقيف  تتصدر المشهد الرئيسي للحفاظ على البركة  , حيث تم التخلص من جزء بسيط من اطارات الكاوتشوك  وما زال موجودا عدد كبير منها , وتم التخلص من الاكياس البلاستيكية  والفارغ من المعلبات الحديدية والبلاستيكية ومواد التنظيف , بالإضافة الى فضلات الطعام المتبقية وفوط الاطفال وغيرها من المواد , وكذلك  تم توزيع المطويات التثقيفية وعمل الندوات والمحاضرات في  المدارس والاندية ومؤسسات المجتمع المدني  والتوعية من خلال ائمة المساجد في خطب الجمعة حول اهمية المحافظة على البيئة واستدامتها بما يعود بالنفع على ابناء المنطقة  في تنشيط الحركة  السياحية و الاقتصادية.

اما باقي الاعتداءات والتي تمثلت بالسحب  الجائر لكميات كبيرة من المياه لري المزارع القريبة من اشجار الجوافة والزيتون والحمضيات على مدار العام بواسطة مضخات موصولة بأنابيب لسحب المياه بحجم 2 الى 3 انش تقريبا , و ما زالت قائمة بالإضافة الى الخطر الرئيسي , على البركة وهو مضخات المياه التي تعمل بواسطة المحروقات وتحديدا مادة السولار التي تتسرب باستمرار خلال عملية التعبئة للمضخات وعند تغيير اماكن المضخات في محيط البركة  , تتسرب مادة السولار و تختلط بمياه البركة وتشكل مصدر خطر حقيقي على الكائنات الحية التي تعيش بالبركة .

 والسحب الجائر لكميات كبيرة من المياه ادى الى تناقص المسطح المائي للبركة  بشكل كبير وملحوظ  وينذر بخطر كبير ويهدد البركة بالجفاف  , ورغم المطالبة المستمرة من قبل العديد من ابناء المنطقة  ومؤسسات المجتمع المدني بضرورة العمل الجاد والاسراع  بتنفيذ الحلول المقترحة للحفاظ على البركة وهي ثلاثة اقتراحات كفيلة بإعادة البركة كما كانت عليه في عهدها السابق  وتتضمن المطالبات اولا :  تزويد البركة بكميات المياه الراجعة من محطة مياه التحلية التي تبعد عن البركة مسافة 1 كيلو متر تقريبا وتقدر كمية المياه الراجعة  30 متر مكعب في اليوم الواحد من خلال انابيب خاصة  , ثانيا :  تزويد البركة بمياه بئر الشق البارد  والذي يبعد عن البركة ما يقارب 300 متر وتصب المياه المتدفقة منه باتجاه نهر اليرموك  , بالإضافة الى وجود العديد من الابار الارتوازية القريبة من البركة , وثالثا: ربط البركة بنهر اليرموك الذي يبعد عن البركة مسافة 600 متر .

وطالب ابناء المنطقة من الجهات المعنية  بضرورة العمل على  تأهيل البركة والاهتمام بها لتكون قبلة للمصطافين و اقامة مشاريع استثمارية  متعددة الاهداف والاغراض على اطلالة  البركة وتأهيل البنية التحتية  واهمها ايصال التيار الكهربائي  وتعبيد الشوارع وتوفير الخدمات الصحية ,الامر الذي سيسهم بشكل كبير في المحافظة على استدامتها ومنع الاعتداءات عليها , و توفير فرص عمل لأبناء المنطقة من الشباب العاطلين عن العمل , كون مناطقهم من الاشد فقرا على مستوى المملكة . وشددوا كذلك على ضرورة وضع حاويات نفايات بالقرب من البركة  للزوار وعمل  لوحات ارشادية  وتوعوية حول اهمية المنطقة  من كافة الجوانب وخطورة النفايات على التنوع الحيوي في البركة , بالإضافة الى تنفيذ حملات عديدة من الانشطة والبرامج التثقيفية  والتوعوية  حول اهمية المنطقة على المستوى المحلي والعالمي للمجتمع المحلي الاكثر تواجدا في المنطقة  , وحملات النظافة  من قبل كوادر بلدية خالد بن الوليد ومؤسسات المجتمع المدني  , وطالب كذلك المجتمع المحلي  والهيئات الادارية  في المؤسسات التطوعية  والخدماتية بضرورة  التوجه حول اعلان المنطقة هامة بيئيا لما تمثله من حالة بيئية تؤهلها لتكون منطقة ذات طابع بيئي تتكامل فيه عمليات استعمالات الاراضي مع حماية الانظمة البيئية المميزة فيه. كما يساعد هذا التوجه لإعلان المنطقة كمنقطة هامة بيئيا في صون ما  بقي من تنوع حيوي وتعزيز لفرص التنمية المستدامة حولها.

الباحث في جودة البيئة وصون الطبيعة الدكتور احمد جبر الشريدة رئيس جمعية التنمية والانسان والبيئية الاردنية بين بان بركة العرائس  يستوطن بداخلها والاراضي المحيطة بها ضمن محمية غابات اليرموك الطبيعية  اعداد كثيرة من الحيوانات  البرية   والطيور والزواحف المختلفة والسلاحف النهرية والمائية , حيث تم تسجيل انواع عديدة من النباتات المختلفة و الحيوانات البرية بلغ (43 ) نوعا ومنها : الثعلب الاحمر , وثعلب الماء,  والضبع المخطط والقطط  السوداء والبيضاء والذئب وابن آوى والقنفذ . واما الطيور فبلغ عددها (111) طيرا ومنها :  الواق الصغير  , والرفراف ومالك الحزين , وصائد السمك الإزمرلي والابقع وبلشون الماشية و الليل و الابيض الصغير والزقزاق والوروار والغرة  والغطاس و البط , ومن الزواحف : العضيات و الحراذين والاوزاغ  والافاعي والثعابين ، و الضفادع يوجد منها ثلاث أنواع وهي : ضفدع المستنقعات وضفدع الاشجار والعلجوم الاخضر , وهناك اصناف نادرة ومهددة بالانقراض . والبركة محطة استراتيجية  ومهبط واستراحة للعديد من انواع الطيور المختلفة ومنها المائية ,  وتعتبر البركة ضمن ثاني أهم مسار للطيور المهاجرة على مستوى العالم  ويقدر سنويا ما يزيد عن مليون ونصف طائر  يحلق عبر حفرة الانهدام  بين اوروبا وافريقيا في موسم الهجرة في فصلي الربيع والخريف . وفيما يتعلق بالأنواع النباتية التي تم تسجيلها بلغ ( 265  ) نوعا نباتيا منه ما يستخدم  طبيا وللزينة , ومنه  قابل للأكل  ومنه للمواشي  وهناك انواع سامة . وتتميز بركة العرائس عن غيرها لكونها البركة الطبيعية الجيولوجية الغائرة الوحيدة في الاردن وتشكلها دليلا على وجود ينابيع  مياه ساخنة ضمن  المنطقة ، ويرجح كذلك ان يكون وجودها يدل على وجود مواد عضوية  كـ الميثان  او كبريتيت  الهيدروجين او هيدروكربونية ( نفط وغاز ) في طبقات الأرض السفلى.

مدير محمية غابات اليرموك الطبيعية الاستاذ محمد الملكاوي بين بان بركة العرائس تقع ضمن امتداد اراضي غابات اليرموك الطبيعية وتمثل جزءا هاما  من النظام البيئي التاريخي في لواء بني كنانة , ضمن قطاع جغرافي يسوده اربع أنماط نباتية من اصل (13 ) نماطا موجودا  في الاردن وهي : نمط البلوط متساقط الأوراق , والنمط اللاغابوي  , والنمط المائي  , ونمط الصنوبر الحلبي المستزرع  . وتعد بركة  “العرائس  ” من اهم المواقع السياحية الطبيعية  في الاردن , وهي عبارة عن بحيرة طبيعية , ومكانا لعشاق البيئة  ومهبطا لطيور المهاجرة , وهي من البرك النادرة والفريدة على مستوى الاردن , ومن اكبر البرك  المائية الموجودة في العالم العربي ومن اجملها وتحديدا في فصل الربيع , فهي تخطف الابصار  وتسلب القلوب نظرا لوجود المناظر الطبيعية الخلابة فيها  وهي مكان مميز للاستجمام والسياحة الترويحية  وسياحة التأمل .  ويضفي على بركة العرائس العديد من الخصائص والميزات الطبيعية والتنوع الحيوي في كافة أشكال الحياة المائية والبرية بالإضافة الى الانواع الفريدة الموجودة في البركة  وهي مكان مناسب لهواة مراقبة الطيور والباحثين البيئيين .

وفي جولة ميدانية لموقع البركة برفقة رئيس بلدية خالد بن الوليد الاستاذ حسين ملكاوي بين بانه  يتم الوصول الى بركة ” العرائس ” من طريقين مختلفين ,  احدهما والاقرب للقادم من العاصمة عمان  وتقدر المسافة بما يقارب 150 كيلو متر باتجاه مدينة اربد ومن ثم الى لواء بني كنانة مرورا بمنطقة ملكا باتجاه طريق ” المغامرة ” الذي  يبدا من الشمال الغربي لمنطقة ملكا منحدرا باتجاه اقصى الركن الشمالي  في وادي  يسمى الشق البارد والطريق معبدة  وبحاجة  الى اعادة صيانة وبسعة 6 متر واجزاء من الطريق قيد الانشاء  وسالكة بصعوبة للمركبات العالية فقط  نتيجة التوسعة لجوانب الطريق في الاماكن الحرجة ,ويكتسب هذا الطريق جمالا طبيعيا لوجود الاشجار العديدة والكثيفة من البلوط والسرو والزعرور والعبهر والقيقب وغيرها، إضافة الى الانواع الكثيرة من النباتات العشبية والطبية , والحيوانات والطيور المختلفة  , اما الطريق الاخر مرورا بمنطقة ام اقيس ” مدينة جدارا الاثرية ” باتجاه الحمة الاردنية  ومرورا بالاستراحات الشعبية والمياه  الساخنة المعدنية  والتمتع بمشاهدة نهر اليرموك عن قرب  . ومن ثم  متابعة السير عبر طريق معبد وبسعة 6 متر للوصول الى طريق زراعي ترابي وهو الوحيد النافذ لموقع بركة العرائس , والذي يبلغ طوله ما يقارب 600 متر وبعرض 4 متر  وبحاجة الى تعبيد وغير مهيا لسير المركبات الصغيرة لوعورة الطريق وسعتها,  مما يجبر عدد  من الزوار من السير على الاقدام للوصول لموقع البركة  والتمتع بالمناظر الطبيعية الخلابة . ويحيط بالبركة نباتات القصيب بأحجام مختلفة وتمتد الى مساحات داخل  حوض البركة لتشكل سياجا  طبيعيا يعطي منظرا خلابا خلال العام , ويلي جوانب البركة بشكل مباشر بعد نباتات القصيب اعدادا كثيرة من النباتات والاعشاب البرية المختلفة  , لتمتد لمسافة تقدر 30 مترا تقريبا في محيط البركة  , منها ما يتناوله الانسان كغذاء مثل البسباس والخرفيش والمرار والجعدة واللوف و القريص وغيرها .  ويتحول محيط البركة خلال فصل الربيع الى مراعي  للأغنام والابقار احيانا   . ومن الجهة الشمالية الغربية لبركة العرائس  وعلى بعد 100 متر   وباتجاه منطقة الحمة الاردنية تكثر مزارع الجوافة واشجار الزيتون والحمضيات  والاعشاب الطبية  . اما باقي الجهات فيحيط بالبركة وعلى مسافات بعيدة  , الازهار المتنوعة ذوات الألوان الاحمر والاصفر والأزرق والبنفسجي والبرتقالي  والابيض  , و تعتبر مصدر اساسي لتربية النحل في تلك المنطقة , وكذلك الاعشاب والنباتات البرية المختلفة وتستخدم مراعي للانغام والابقار خلال فترة الربيع والصيف .

واضاف الملكاوي ان بركة العرائس تقع  في المنطقة  الواقعة ما بين  قرية ملكا و المخيبا الفوقا (الحمة الاردنية ) التابعتين  لبلدية خالد بن الوليد في لواء بني كنانة في محافظة إربد  وتبعد عن التجمعات السكنية في منطقة الحمة الاردنية ما يزيد عن 2 كيلو متر  وعن التجمعات السكنية في قرية ملكا ما يزيد عن 15 كيلو متر , واراضي البركة وما حولها مملوكة الى سلطة وادي الاردن منذ الستينات في القرن الماضي  , حيث تم شراء الاراضي من المزارعين  الذين تراوح اعدادهم ما يقارب 20 شخصا بهدف بناء مشروع سد خالد بن الوليد  الذي لم يرى النور لأسباب مختلفة ,  مما اتاح الفرصة امام المزارعين للاستثمار في الاراضي بمشاريع زراعية توفر مصدر دخل لهم ولاسرهم كون سكان تلك المناطق من الاشد فقرا ومن اصحاب الدخل المحدود.

 ونظرا لأهمية  البركة من كافة الجوانب , برزت جهات عديدة ومنذ سنوات طويلة من مؤسسات مجتمع مدني ومؤسسات خدماتية  والقطاع الخاص والمجتمع المحلي تطالب بحماية البركة والاستثمار فيها , الا ان سلطة وادي الاردن  لا تبدي اي تعاون مع اي جهة حول الاعتداءات المتكررة او حتى تأجيرها او تفويضها لأي جهة قادرة على حمايتها وديمومة مكوناتها و الاستثمار فيها  واقامة المشاريع  بما يعود بالفائدة الاقتصادية على هذه الجهة , واعلانها منطقة هامة بيئيا .

والكنانة نيوز التقت مع عدد من اصحاب القرار في عدد من المؤسسات ذات العلاقة بهذا الشأن وكان البداية مع  الحاكمية الادارية في لواء بني كنانة مع مساعد متصرف لواء  بني كنانة  الدكتور خالد القضاه , حيث اكد  بان مسؤولية الحفاظ على بركة العرائس من مسؤولية الجميع سواء  كانوا افرادا او مؤسسات  , وان الحاكمية الإدارية لا تالو اي جهد في سبيل تقديم كل ما هو ايجابي لحماية البركة والحفاظ على مكوناتها وديمومتها . رئيس بلدية خالد بن الوليد حسين الملكاوي  بين بان بركة العرائس هي ضمن حدود البلدية ومملوكة لسلطة وادي الاردن , وان البلدية  خاطبت سلطة مياه وادي الاردن حول تفويض البركة والاراضي المحيطة بها الى البلدية , بهدف حمايتها من الاعتداءات والمحافظة على استدامتها  واقامة المشاريع الاستثمارية للتخفيف من البطالة لأبناء المنطقة ضمن التجمعات السكنية المحيطة بالموقع . وشدد الملكاوي  على ان البلدية لديها من الحلول الهامة للتصدي لكافة الاعتداءات على البركة   وتعالج كافة الاختلالات وبتراضي مع كافة الاطراف سواء  المستفيدين من مياه البركة  او المؤسسات الراغبة  بالاستثمار والشراكة لخدمة التنوع الحيوي للبركة , وان البلدية لديها من الخطط والبرامج القابلة للتنفيذ ودفع عملية التنمية الشاملة في المنطقة  . واضاف ان البلدية تعمل باستمرار على المشاركة في حملات النظافة البيئية على مدار العام بالشراكة مع كافة الجهات المعنية وتعمل على نشر التوعية والتثقيف حول اهمية الموقع من كافة الجوانب والترويج له سياحيا عبر وسائل الاعلام المختلفة ومواقع التواصل الاجتماعي . مختار بلدة الحمة الاردنية صبحي العقيل  اكد على  اهمية  دور المجتمع المحلي في المحافظة على استدامة بركة العرائس  , ومنع الاعتداءات عليها , كون البركة تشكل مصدرا جماليا وسياحيا  واقتصاديا لأبناء المنطقة , وان سلطة وادي الاردن تقف عقبة في وجه المجتمع المحلي حول عدم الاستثمار في البركة والمحافظة عليها , وان عدم تجاوب السلطة مع مطالب المجتمع المحلي يحول دون دفع عجلة التنمية في المنطقة وتوفير فرص عمل للشباب .

مدير محمية اليرموك الطبيعة الاستاذ محمد الملكاوي اكد ان ادارة  المحمية تسعى جاهدة وبكل السبل المتاحة للمحافظة  على بركة العرائس وديمومة مكوناتها  من خلال العديد من الاجراءات  وبالتعاون مع شركائها في المنطقة  وتتمثل بعمل حملات نظافة دورية للمحافظة على البيئة وعمل ندوات ومحاضرات تثقيفية  حول اهمية  البركة  والمحافظة عليها ومحاولة  البحث عن حلول ايجابية لمعالجة  الاعتداءات على البركة بالطرق العلمية الحديثة .  وبين الملكاوي ان الجمعية تسعى كذلك لضم موقع بركة العرائس لتكون ضمن حدود المحمية  للمحافظة عليها من كافة الاعتداءات وديمومة مكوناتها واعلان المنطقة هامة بيئيا للحفاظ على التنوع الحيوي ,والاحياء المائية , والحفاظ على خط هجرة الطيور . رئيسة جمعية السلاحف  البرية والبحرية  الدكتورة عبير هشام البلبيسي بينت بأن البركة تعتبر  موئلا طبيعيا لنوع من السلاحف المائية والتي تقطن المياه العذبة في منطقة البحر المتوسط وهي السلاحف بنية الدرع مخططة الرقبة (Striped-Neck Terrapin) والمهددة بالانقراض عالميا. كما أكدت الجمعية من خلال رصدها لهذه السلاحف في موقع البركة أنها تواجه تحديات خطرة تهدد موئلها الطبيعي والتي تتمثل بالسحب الجائر والعشوائي من مياه البركة من قبل المزارعين أصحاب المزارع المحيطة بالبركة .

الباحث في جودة البيئة وصون الطبيعة الدكتور احمد جبر الشريدة رئيس جمعية التنمية والانسان والبيئة الاردنية قال : ان بركة العرائس من  البرك الطبيعية الجيولوجية الغائرة الوحيدة في الأردن و تمتلك بركة “العرائس” خصائص وميزات طبيعية وتنوعا في أشكال الحياة البرية والمائية ، إن  تطوير السياحة الجيولوجية في منطقة بركة العرائس أمر بالغ الأهمية حيث انها تتميز بصفات جيومرفولوجية  فريدة من نوعها  من حيث الموقع الهيدرولوجي  والتنوع البيولوجي والسياحة البيئية في منطقة بركة العرائس ذات خصائص بيئية وطبيعية نادرة من حيث غزارة التنوع الحيوي بشقية النباتي والحيواني . الباحث في التاريخ الانساني الاستاذ ممدوح  بشارات ” ابو الشبل ” بين بان بركة العرائس تعد من المناطق الهامة بيئا على مستوى الاردن والوحيدة الغائرة , وهي منطقة رطبه ويسودها مناخ البحر الابيض المتوسط وهي مهبط للطيور المهاجرة التي يصل اعدادها الى المئات , وبين البشارات ان حجم البركة تقلص بشكل كبير حيث كان حجمها الطبيعي  بحجم البركة الحالي وبمقدار مرة ونصف  .

مدير بيئة محافظة اربد المهندس فوزي العكور بين بان حماية التنوع الحيوي والحفاظ على البركة , هو  لضمان استدامتها ووقف الاستنزاف لها , وان اشراك المجتمع المحلي من أهالي المنطقة في المحافظة على البركة سيؤدي إلى التنمية الشاملة للمنطقة  سواء  كان على المستوى البيئي أو الاقتصادي أو السياحي أو والاجتماعي . مديرة سياحة محافظة اربد  الدكتورة مشاعل الخصاونة ان هذا المنتج يحتاج إلى توفير خدمات وبنية تحتية لتسهيل وصول الزائر  من الطرق والمرافق الخدمية السياحية من الموقع والتي تتناسب وطبيعة المكان ونوعية الزوار مما يدفعنا كوزارة سياحة إلى العمل على وضع مثل هذا المنتج على مساراتنا السياحية والترويج له لاستقطاب السياح سواء سياحة داخلية او خارجية من خلال التشبيك مع المجتمعات المحلية والجهات ذات العلاقة في المنطقة . مدير زراعة محافظة اربد المهندس علي ابو نقطة  اكد ان مديرة الزراعة لا تالو أي جهد في سبيل تقديم كل ما هو من شانه  زيادة الرقعة الخضراء من خلال زراعة الاشجار  الحرجية التي تزيد من الرقعة الخضراء وزيادة التنوع الحيوي  للمنطقة والمحافظة على استدامتها  وتعويض بدل الاشجار التي يتم الاعتداء عليها من قبل المزارعين بالإضافة الى المواشي التي تهاجم الاشجار الصغيرة . مديرة التربية و التعليم للواء بني كنانه الدكتورة اميرة كيوان بينت بانه يقع على عاتق المؤسسات التعليمية والتربوية الدور الكبير في توجيه الشباب من طلبة المدارس حول خلق السلوكيات الايجابية  وتربية الجيل النشء وتعليمه اهمية البيئة  والتنوع الحيوي  والمحافظة عليها في حياتنا .

ويقع على عاتق المؤسسات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني الخدماتية والتطوعية  والمجتمع المحلي   التعاون والتكاتف  للتصدي لكافة التحديات  والاعتداءات التي تتعرض لها البركة و نشر وتعزيز الوعي البيئي لدى كافة شرائح المجتمع بأهمية المحافظة على البيئة والتنوع الحيوي بمختلف انواعه ، وضرورة توجيه المؤسسات المعنية لوضع الخطط اللازمة للمحافظة على المجموعة الحيوية والمهددة بالانقراض من الحيوانات والطيور بمختلف أنواعها في موائلها الطبيعية وحمايتها من التلوث والسعي لتطوير السياحة البيئية وإشراك المجتمعات المحلية في هذه التوجهات البيئية  لتحقيق جميع الأهداف التي من شانها الحفاظ على التنوع الحيوي بمختلف انواعه .

وتشكل الانظمة البيئية التوازن الحقيقي في الحياة على الارض , والبيئة وسلامتها هي الاساس في استمرار الكون والحياة الهانئة السليمة , ولا يخفى على اي انسان يعيش على هذه البسيطة , بان حماية الانظمة البيئية واستدامة مكوناتها قد أصبح مقياسا هاما جدا تقاس به حضارة  الشعوب والامم  , والحفاظ على البيئة واستدامة مكوناتها هي مسؤولية وطنية تقع على عاتق جميع المؤسسات الرسمية وغير الرسمية والمجتمع على العموم . ونتيجة للتدهور الكبير الذي اصاب الانظمة البيئية في العالم , وضرورة العمل الجاد والممنهج على ايقافه , برزت العديد من الاتفاقيات الدولية البيئية , والتي اكدت جميعها على حماية الانظمة البيئية و التنوع البيولوجي  , وازدادت الدراسات والابحاث العلمية والتقارير الاستقصائية والمؤتمرات المحلية والاقليمية والدولية التي خصصت لهذا الامر، ومنها قمة باريس ومراكش حول المناخ و سبقهما مؤتمر كيوتو في اليابان سنة1997، وقمة الارض في ريو دو جانيرو عام 1992، ومؤتمرات واتفاقيات اخرى وكان اخرها مشروع ” اتفاقيات ريو الدولية في التنمية الاردنية ” والذي يهدف الى ادراج مبادئ ومفاهيم اتفاقيات ريو الدولية في السياسات والبرامج التنموية في الاردن ,  للتخفيف من الآثار السلبية المقصودة وغير المقصودة لعمليات التنمية على القيم البيئية الهشة وصولا الى تنمية محلية اكثر استدامة.

مصادر المعلومات  : التقرير الميداني من الواقع عن البركة –  مختار بلدة الحمة الاردنية  صبحي العقلات – الدكتور احمد جبر الشريدة باحث في جودة البيئة وصون الطبيعة رئيس جمعية التنمية والانسان والبيئية الاردنية – الباحث في التاريخ الانساني الاستاذ ممدوح  بشارات ” ابو الشبل ”  – الدكتورة عبير البلبيسي رئيسة جمعية السلاحف – الاستاذ حسين ملكاوي  رئيس بلدية خالد بن الوليد  , الاستاذ محمد ملكاوي مدير محمية اليرموك الطبيعية – المجتمع المحلي في منطقة الحمة– مدير بيئة محافظة اربد – الحاكمية الادارية في لواء بني كنانة – مديرية سياحة محافظة اربد – مديرية زراعة محافظة اربد – مدير تربية بني كنانة – جمعية اعلاميي لواء بني كنانة الثقافية .