” أبو المطاطيع” : خمسة الاف ليلة و ليلة /عبد الفتاح طوقان

” أبو المطاطيع” : خمسة الاف ليلة و ليلة
عبد الفتاح طوقان

خمسة الاف ليلة وليلة هي مجموع العرض المسرحي الفاسد في قضية “عوني مطيع” الذي يتضمن قصص وحكايات فساد بعض من رؤساء حكومات ووزراء ونواب وأجهزة امنية و ٬ومؤسسات صفقت له وساعدته في” الليالي الأردنية” السياسية تحتاج الي جمع وتوثيق وشفافية ومصداقية حيث يري البعض ان لائحة الاتهام بحاجة الي مراجعة قانونية وشرح تفصيلي لأعمدة الفساد وجذورها.

ان قضية ” أبو المطاطيع” حيث الكل كانوا من المطيعين له، تثير الطرب والفكاهة اكثر مما تتحدث عن مقارعة الفساد و الفاسدين وتأتي في سياق مدروس تلهي الشعب عن حقائق ضياع الوطن و نهبه و افقار شعبه، تنافس الف ليلة و ليلة التي حدثت في غرب و جنوب اسيا والتي الأردن تقع ضمن جغرافيتها ، و المعروفة بليالي العرب” عند البريطانيين الصادرة بالإنجليزية في عام ١٧٠٦ ميلادية.

بعد خمسة الف ليلة و ليلة ، هل لاحظ من كتب لائحة الاتهام في قضية “عوني مظيع ” الشهيرة بقضية الدخان في الأردن انه ومنذ عام ٢٠٠٦ مارس نظام ” أبو المطاطيع” لاكثر من عقد من الزمن سيطرة واضحة على زراعة وتصنيع التبغ واستيراد ادواته ومستلزماته وميكنته وخطوط تصنيعه، وإنتاج كميات هائلة للسجائر التي تحمل علامات مزورة لأنواع أمريكية تحت مسانده وغطاء، كما يقال في الصحف ولائحة الاتهام الصادرة.

هل لاحظ أن بعض من رؤساء حكومات استكملوا مشروع التهريب والتزوير وإساءة استخدام السلطة والتلاعب في أوراق رسمية لابو المطاطيع لأكثر من خمسة الاف يوما، تحت مسمي تشجيع الاستثمار دون ان تسمي ذلك فسادا، وماذا تسمي إعفاءات ضريبية، ورعاية و حفلات و تقاسم غنائم و العيش في رغد السلطة والسلطنة؟ ، ومن ثم تهريب ثم احضار ” أبو المطاطيع؟ الا يعني ذلك ترهلا في إدارة الدولة و دليل نخر الفساد لمفاصلها و أجهزتها في اعلي مستوياتها.

ماذا يعني تقزيم لائحة الاتهام دون المس بالرؤوس الكبيرة حيث كما يقول المثل ” الكل قابض من الباب للمحراب” ضمن تواجد بعض من حكومات اقل ما توصف بأنها صانعة الفساد وحامية له.

واقصد أن واحدة من أهم مظاهر المساندة هو هذا ” غض النظر ” على ادخال واخراج وتزوير الأنواع المصنعة والإهمال في تقدير الضرائب والإعفاءات التي قدمتها له الحكومات المتتالية وبعض من الأجهزة الأمنية المتمثلة في إدارة وضبط الحدود والجمارك والتي امنت له الحماية بتعليمات “عليا” و “سيادية” لم يرد ذكرها حتى الان و قفزت عن أدوار رؤساء وزراء و مجالس تشريعية بل بعض من أدوات الصحف التابعة ، و التي عمدت الي اغتيال شخصيات وطنية ، باتت تكذب كل يوم و تدافع بشراسة عن حكومات متورطة و سبل ادانتها، و تشير ان ما يتم تداوله هو افتراء ، و لكن اذا ما تم التعامل بشفافية و مصداقية لأجل تنظيف الأردن من الفساد ستظهر حقائق و بينات يعرفها القاصي و الداني ، و كل مواطن شريف.

” أبو المطاطيع” تعامل مع منظومة فساد جاهزة وقائمة تغلغلت في بعض من المؤسسات الحكومية وبعض من الأجهزة الأمنية والتنفيذية والتشريعية، كان كل فرد فيها ” مطيع” و ” طائْع” و “مطوع” في زمن مجلسي الاطعان والإذعان لتوجيهات “رأس كبيرة ” غائبة ومغيبة عن لائحة الاتهام التي قدم فيها “ابرتيف” أي طبق مشهيات قبل الوجبة الدسمة هو ” لواء ادار الجمارك” و “وزير” ادار الصناعة.

الملك عبد الله الثاني اوعز لرئيس الحكومة “أن لا أحد فوق القانون” وأكد على ” كسر ظهر الفساد”، وهذا منطق يحتاج الي فأس لكسر جمجمة الرأس للتخلص من الفساد حيث الظهر يصيب الجسد بالشلل ولكن يبقيه حيا، والتخوف ان يتغافل الرئيس عمن هو في “داخل جسد القانون” وليس فوقه، وتلك هي المصيبة.

علي سبيل الذكر لا الحصر، ١٩٧٤عاما كان سائق سيارة الأجرة رقم ٩ في جبل الحسين يعيد للراكب ثلاث قروش من خمس دفعها للركوب الجماعي في بلد الكل يتعايش و يتكافل الاخر، و كان لا يوجد بقشيش في المطاعم ، وكان صحن الفول مع الحمص مع خمس حبات فلافل بعشرة قروش، وكان مطعم الصفدي في اربد الوجبة لديه بربع دينار ومطاعم القدس في عمان تقدم طبق المنسف بربع دينار، و طبق الكنافة عند حبيبة خلف البنك العربي بخمسة قروش، والراتب الشهري للوزير خمس و ثمانين دينارا ، و قيمة الدينار بثلاث دولارات و نصف ، كان و كان و كان ، فما الذي حدث للأردن حيت يصل الي ما وصل اليه ، و الي ذياع صيت ” اسطورة أبو المطاطيع” وجشع المسؤولين وافلاس الدولة وفسادها و ضياع الاخلاقيات ، وانتشار قصص حذاء السند ريلا و ظهور مسلسل الاقزام السبعة ممن يتحكمون في مستقبل الوطن و يمتلكون كل شيء؟.

الأردن شعب استحب الكرامة على الذل، و الحياة الابية علي الموت الزؤام، و البقاء الحر علي الضياع، و العزة علي الهوان و التقدم علي التخلف، و رضا الله علي فساد العباد و الرؤوس الكبيرة، لذا يبحث عن من هو حقا ” خلف مطيع ” يسيطر عليه و علي كل المطاطيع من رؤساء حكومات تعاملوا معه ومع زمرته و القضاء هو الفيصل.

نريد أردن ١٩٧٤ فهو أكثر امنا و اخلاقا وتكافلا و حبا و رعاية ، واقل فسادا و اقل عبثية بقوانين و ومؤسسات الدولة، و الله حزين عليك يا وطني، فهل من مجيب ؟.

الله اكبر علي الظلم و الظالمين.

aftoukan@hotmail.com