
زِمام الأمور / رائد عبدالرحمن حجازي
قد تكون الخِزامة او الزميمة حلقة صغيرة ولكن مفعولها كبير …
من كتاب “شذرات من التراث” الجزء الأول
زِمام الأمور
رائد عبدالرحمن حجازي
أثناء فترة القيلولة بعد صلاة الظهر يسمع مثقال صوت الصبية وهم يصيحون : هاج الثور إبعدوا عنه لا ينطحكوا .
نهض مثقال من على فرشته الأرضية وأطل برأسه من الشباك ليجد حفيده محسن وأصحابه يزعجوا ثور جاره شتيوي . عندها قال لهم : هي ولكوا دشروه لا يهيج عليكوا ويسويلكو عارظ . وعند سماعهم صوت مثقال هربوا تاركين المسكين أنور (الأهتر) ليواجه المختار وحيداً , حيث عاجله مثقال قائلاً : ولك وشو مبلشك بهالثور ؟ ليجيب أنور قائلاً : مختال مت أني هاد محتن وعلي البُعت . ما قاله أنور (مختار مش أني هاظ محسن وعلي البُعط ).
فرد عليه مثقال قائلاً : لعنة الله عليكوا كلكو , ولكوا هاظ ثور والله لن فلت على واحد منكوا ليفغصه فغص , إمشوا إنقلعوا من هون .
غادر أنور ورفاقه المكان وعاد مثقال لفرشته ليكمل قيلولته ولكنه بعد فترة بسيطة عاد صوت الثور الهائج ليزعج مثقال , عندها إستشاظ غضباً وقرر أن يخرج ليؤدب الأولاد على طريقته الخاصة , ولكنه تفاجىء بعدم وجود الأولاد ولكنه وجد ثوراً هائجاً لا أحد يستطيع الإقتراب منه . وما لفت نظر مثقال أن الحبل الذي كان مربوطاً بالزميّمة قد أُفلت من مكانه . (للعلم الزميّمة او الخِزامة هي حلقة معدنية او من الشّعر كانت توضع بين منخري الثور ويُربط بها حبل ليتم سحب الثور منها دون أي معارضة منه ) .
طبعاً ما فعله الأولاد أنهم إستفزوا الثور وجعلوه يهيج وأفلتوا الحبل الذي كان بواسطته يتم السيطرة على الثور .
إقترب مثقال من الثور وبهدوء وأعاد ربط الحبل بالخِزامة وساق الثور لمكانه في حظيرة دار شتيوي , والصبية يسترقون النظر ليتعلموا من خبرة المختار , فها هو محسن يقول : شايفين جدي ما اشطره , فيقول أنور مخاطباً محسن : والله إنه ددك دلبو دوي مت خايف التور ينتحو (والله إنه جدك قلبه قوي مش خايف الثور ينطحه) , ويقول علي : ولكو لدو شلون المختار قايد الثور .
لقد أثار الصبية الثور وأقلقوا المختار أثناء قيلولته , ولكنهم تعلموا درس في كيفية السيطرة على الثور الهائج وهذا قد يكون لمستقبلهم درس في غاية الأهمية .
قد تكون الخِزامة او الزميمة حلقة صغيرة ولكن مفعولها كبير ومؤثر … لذلك دائماً تتجه الأنظار لمن هم بيدهم زِمام الأُمور .
اللهم وليِّ امورنا خيارنا … ولا توليِّ امورنا شِرارنا … اللهم آمين .

