كنانة نيوز – مقالات –
كيف تغيّر وجه الزمان ؟
أحمد حسن الزعبي
رحل الرجل الذي يشبهنا ، الذي ظل يصرّ على تطريز الصوت والصورة بخيط الاعتزاز الذي يحبّ، رحل المخرج البريّ ابن المكان وابن الزمان سعود الفيّاض خليفات..
بعدما انحسر وجه الوطن القديم في الشوارع والمؤسسات وملامح القرى والشخصيات الوطنية ، بعدما صعد الصغار على كراسي الكبار، بقينا نحنّ الى الأردن النقي الذي ظل مأرشفاً في مسلسلات “سعود الفياض”، كلما رأينا سيارات الدفع الرباعي أمام البيوت الفارهة ، نركض الى مسلسل قديم لنرى صورة التراكتور والأرض والكرامة الأردنية…كلما أثقلت الديون رجالنا وأنهكتهم ، وأذلّتهم ،وجعلتهم يتسوّلون حقوقهم على أبواب مؤسسات الدولة ويتلذّذ سارقهم بهذا الذل…عادت بي الذاكرة الى “احمد العلي” العسكري النبيل والمخلص لأمه وزوجته وأرضه في مسلسل وجه الزمان..كلّما قرأت عن ديون المزارعين وعن عشرات الآف المطلوبين للتنفيذ القضائي ..قلّبت ألبوم مسلسل شمس الأغوار..
وكلما تحسّرت على المؤسسات التي بيعت ،الفوسفات والبوتاس والميناء والكهرباء والاتصالات ومخازن الحبوب ، تذكّرت “شخصية” صبري الذي “سمسر” على القرية كلّها..وقبض الثمن وغادر..
كيف تغيّر وجه الزمان ؟ وصرنا نحن للأردن الذي عشناه وحلمنا به من خلال “مسلسل تلفزيوني”..كيف ماتت كل الشخوص الطيبة في الحلقة الأخيرة، وكيف تمدّد كل السماسرة والمرابين والأنذال والهمل و”سقط”القوم على مفاصل حياتنا..
رحل سعود الفياض خليفات ،ولم يؤجّر عينه لوطن لا يحب ان يراه مكرها ، رحل سعود الفياض وما زال غبار الحراث ،ودخان التراكتور،وقيمة الانسان الأردني النبيل الكريم الشهم غير المذل والمتسوّل والمتسلّق أحب اليه من جوائز أوسكار…ربما لم يفز سعود الفياض خليفات بجوائز عالمية ولا عربية مهمّة..لكنه فاز بجائزة أوسكار الكرامة..كرامة الأردني عندما كان صاحب الحق بطل المشاهد كلها وما دونه زوائد و”كومبارس”..
رحم الله سعود الفياض ..الذي صمت أكثر من عشرين سنة..وظل يطرح تساؤلاً مرسوماً برمال الدهشة “كيف تغيّر وجه الزمان”؟؟