“التنظير” و”المثالية” عند البعض.. تهمة، و”العشائرية” مفخرة..؟! / فهمي العبدالعزيزالزعبي

“التنظير” و”المثالية” عند البعض.. تهمة، و”العشائرية” مفخرة..؟!
المنطق العلمي هو أن يتكيف دكاترة الجامعات؛ على وجه الخصوص، والمتعلمون عامة، لثقافة علومهم والنهوض بعلوم ومستوى وعي الطلبة، وبهذا يجسدون “النموذج المثال” Ideal Type في المجتمع والجامعة، هذه العلوم التي اكتسبوها من “برا” ويتنعمون بخيرات تدريسها في جامعاتنا “جوا”..؟!
فـ”منظروا” عصر النهضة هم من أبدع العلوم وتقدموا بكل البشرية، بانسلاخهم عن واقع العصور الوسطى الظلامية، بينما عندنا يدعو أحدهم إلى أن:”الانسلاخ عن واقع المجتمع لا يفيد العلم وأن التنظير في عالم المثاليات واليوتوبيا لم يقدم للمجتمع البشري إلا المآسي والويلات”..؟! فقط ليبرر “إنحيازه للعشيرة” مضيفا:”أن العشائرية ليست نقيضا للعلم فقط لأن العلم هذا لا يتوائم مع واقع المجتمع..”، ولنتخيل يا سادة لو تبنى “منظروا” علوم وأفكار عصر النهضة هذه الرؤية المُحبطة، وطأطأوا لظلامية العصور الوسطى، لكانوا، قطعا، كما نخبة المتعلمين الذين يتعرون من علومهم في المجالس والخيمة العشائرية، فيفسدون ويشوهون مؤسسات الدولة المدنية باستبدالها بـ”مؤسسة العشيرة” التي عنوانها:”إنا وجدنا آبائنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون”، مستنسخون ظلامية ماضينا وويلاته..؟!
إذن لا عجب والعنف الجامعي ما زال متمثلا بمسلسل “الهوشات الجامعية”، و”التردي العلمي” وضحالة “الوعي” الاجتماعي في مجتمع الطلبة، وذاته العنف في شوارعنا الانتخابية، طالما أن دكتور الجامعة يدعو إلى عدم الإنسلاخ عن واقع متخلف كهذا، متنكرا لعلمه ومقدما نفسه إنموذجا لشخصية عشائرية مستحدثة في الشكل والمفردات اللغوية لكنها في لبها وروحها مستنسخة من ماضينا الذي ما زال يرى في الانتخابات “غزوة” و”شيخة” للعشيرة و”غنيمة” لمرشحها، تتلبسها “شيزوفرينيا” تعيدها تارة إلى الجامعة وإلى عتمة الخيمة تارة أخرى، ما أبقى مجتمعنا “على حطة إيده”، بينما اتجه “منظروا” العلوم بمجتمعاتهم إلى “مثالية” الابداع والاختراع ووضعوها في المقدمة، بينما نحن ما زلنا في الدرك الأسفل، حيث نخبنا المتعلمة مجرد “حكواتية”، يُنظرون في العلوم جوا ويمارسون نقيضها برا، ما جعل منهم فئة “لا بتحتشي مثل لبسها، ولا بتلبس مثل حتشيها”، ربما الثقافة “الحربائية” هي التي تفسر هكذا شخصية متلونة..؟!