كنانه نيوز – دين ودنيا – هي امتدادٌ لدعوة نبيِّ الإسلام ، وسيِّد المرسلين مُحمَّدٍ عليه الصَّلاة والسَّلام . جاء لإثبات عقيدة التوحيد ، وأرسى في العالمين منهج الرَّحمة ، وشمل خطابه البشريَّة جميعاً ، ليس فقط جيل من عاصروه وعايشوه ، بل كلّ أجيال البشر إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها . ولذلك فإنَّنا نحتفل عاماً بعد عام ، ونحتشد من كلِّ ربوع بلادنا في مهرجانات الهجرة النبويَّة لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم . إذ أن تجديد بيعتنا لنبيِّنا ، وإثبات وفائِنا لحبيبنا ، هي الطَّاقة المتجدِّدة ، وهي العزيمة الثاقبة ، وهي الزَّاد للإستمراريَّة والعطاء .
قال له ربُّه عزَّ وجلَّ : ” وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا ، ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ، ولكن جعلناه نوراً نهدي به من نشاء من عبادنا ، وإنَّك لتهدي إلى صراطٍ مستقيم “. إذاً فهو وحيٌ وروحٌ ونورٌ من الله ، آتاهم الله جلَّ جلاله لنبيِّه صلَّى الله عليه وسلَّم ، لكي يبلِّغ رسالات ربِّه ، ويربط العباد بربِّهم …. ونحن على آثاره صلوات ربّي وسلامه عليه ، لا ندعو النَّاس للتعلّق بأشخاصنا ، بل نسعى لربط عباد الله بربِّهم جلَّ جلاله . لا عِزَّة إلّا به ، ولا نذلُّ أبداً لغيره . فإن إستطعنا إيصال النَّاس بربِّهم ، وتعريفهم بدينهم ، فإنَّنا لا نشترط عليهم أيّ شيء تجاهنا ، إلّا الإحترام المتبادل وحفظ الجميل ، ثم ندعو الله العظيم الرحيم لهم بالهداية والثبات والإستقامة .
دعوتنا ربَّانيَّة تدعو إلى الإخلاص لله عزَّ وجلَّ دائماً في فعل الصَّالحات ، وندعو إلى استشعار مراقبة الله عزَّ وجلَّ ، واطّلاعه على كل خفايانا وأسرارنا ، وبذلك نتربَّى على مخافة الله ، وخشيته والحياء منه ، والإجتهاد في طاعته ، فضلاً عن محاسبة أنفسنا ، ومراقبة سلوكيّاتنا وأخلاقنا وتقويمها على الدَّوام .
ورسالتُنا عالميةٌ ، تعتبر البشريَّة جميعاً أُمَّة دعوة ، لهم علينا حقّ إيصالهم رسالة نبيِّنا ، ودعوتهم إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة . فمن استجاب منهم ، وأسلم الوجهة لله فهم أُمَّة الإجابة . ويبقى للاخرين علينا حق التعامل بالحُسنى ، وإظهار محاسن الإسلام من خلال اتصافنا بالقدوة والأُسوة الحسنة . فإن عاهدناهم حفظنا العهود ، وإن جاورناهم أحسنَّا الجِوار ، وإن نزلنا بأَوطانهم احترمنا خصوصيَّاتهم .لا نكلِّف النَّاس ما لا يطيقونه، ونمتثل قول الله تعالى :” لا إكراه في الدّين ” منهجاً فعليَّاً ، في العقيدة والعادات وحتَّى في السِّياسة والدَّساتير .
إنَّ عالميَّة الرِّسالة تستوجب من الدُّعاة والعلماء ، سِعة الصَّدر ، وبُعد النَّظر ، واتساع الأُفق ، لنُحسن اختيار الكلمات ، وصياغة المواقف في كلِّ قضيَّةٍ على مستوى العالم . فالدُّول ، والمصالح ، والمنظَّمات الدَّولية ، والإقتصاد العالمي ، والبيئة ، وحقوق الإنسان وغيرها الكثير الكثير من الموضوعات ذات البُعد العالمي ، لا بدَّ لنا من فهمها وصياغة المواقف حيالها ، المنسجمة مع روح الإسلام ، ومنهج الرَّحمة بالإنسانيَّة ، والتعامل مع الآخرين واستيعابهم .
ليس كلّ من يخالفنا عدوّنا . وليس كلّ من يخاصمنا يضطرَّنا للقطيعة وفقدان الأمل. ينبغي لحملة هذه الرِّسالة أن يقنعوا العالم بأنَّهم يحملون له الخير، والمنهج الذي يستطيعون العيش معه. وكذلك نظرتنا تجاه العالم بدِولِهِ، واتحاداته ومنظّوَماته ، لا نعتبره كلّه عدوَّاً كافراً، فنعزل أنفسنا عنه أو نتجاهل كلّ من يختلف معنا ديناً وعقيدةً ومصالح. بل هنالك شراكات وتحالفات،ومنظومات دوّليَّة ينبغي لنا إحسان التعامل معها دون تفريط في خصوصيّاتنا وثوابتنا.
هذا هو المنهج الذي ينبغي أن تنتهجه حركاتنا، وقياداتنا السِّياسيَّة إذا أرادت أن يحترمها العالم ويتعامل معها بالمثل.
والله غالبٌ على أمرِهِ.