دفتر وقوشان!
أحمد حسن الزعبي
ھي نفس الفكرة لكن بتوسع أكبر وبصفحات أطول وخانات أكثر
عندما كان أحدھم یسحب من دكانة الحي دون أن یشعر.. ّ سجل ع الدفتر «باكیت دخان، كیس معكرونة، ورق شدّة، علبة كیوي».. في الیوم التالي سجل ع الدفتر: «میة بندورة، فوط، نكاشات أذان، بزر دویرة الشمس».. یصبح استمراء الدین سھلاً للغایة عندما لا تلدغك ورقة النقد وقت إخراجھا من جیبك وأنت تعرف أنھا الأخیرة فالأخذ دون دفع (وإن كان دیناً) یعطي النفس طمأنینة مزیّفة وإدماناً مختلفاً على والاتكال والبعد عن التقنین…
الصعوبة في الاستدانة تكمن في المرة الأولى وبعدھا تصبح روتینیة عادیة.. وعند السداد آخر الشھر أو آخر العمر لا فرق، تبلغ القلوب الحناجر بأن كل ھذه الصفحات المملوءة بالحبر الأزرق ھي أرقام استحق ..دفعھا الآن، الآن فقط ولا سبیل للإفلات .
صعق الأردنیون قبل یومین عندما اكتشفوا أن إجمالي دیونھم بلغ «90 ملیار» دولار، وأن كلمة ّ «سجل ع الدفتر» التي كان یمارسھا سیاسیونا وحكوماتنا، لا بدّ لھا من وقت سداد.. فكل ھذه الصفحات المملوءة بالحبر الأزرق علیھم سدادھا بدءاً من البنك الدولي ولیس انتھاء بالشركات الوھمیة التي تحایلت على الوطن وسجلت على دفتره دیوناً شخصیة لملاّكھا المخفیین والمحجوبین عن الرؤیة .
طیب بعد الصدمة من ھول الرقم «90 ملیار دولار» كمدیونیة خارجیة وداخلیة، تعالوا ّ نفكر بطریقة السداد إن ّ تمكنا وأسعفنا الوقت..
بالنسبة للفرد العادي المدین أول ما یفكر بھ ھو بیع أثاث بیتھ لسداد دیونھ، نحن بعنا كل أثاث الوطن ومؤسساتھ الرابحة قبل أن نستدین ونغرق بالدیون فلم یعد ھناك ما نبیعھ..
یعني لو كنا نبیع لنسدّ لوجدنا مبرراً للبیع، لكنا كنا نبیع ونستدین بنفس الوقت فھذا ھو «التخبیص والسرسرة» بكل ما تحملھ الكلمة من معنى.. راحت المؤسسات والدین تضخم عشرة أضعافھ وكم أخشى في ھذه اللحظة على «القوشان»..
بالنسبة للدیون الداخلیة الحكومات تستقرض من البنوك لتنفذ مشاریعھا، رؤوس الأموال یشغلون البنوك المحلیة، الناس یقترضون من البنوك المحلیة لیسدوا مصاریفھم العاجلة.. الحكومة تستقرض من البنوك كي تدفع رواتب للموظفین ، إذا أفلس المواطن ولم یستطع سداد قرضھ للبنك، سوف تفلس الحكومة لأن الذي كان یصرف علیھا «الله یفك أسره»..
وإذا أفلست الحكومة ولم تستطع سداد قرضھا للبنوك لن تستطیع أن تدفع رواتب الموظفین أفلس المواطن لأن الذي كان یعطیھ راتب «الله یفك أسرھا»..
وإذا أفلست الحكومة والمواطن معاً .. أفلست البنوك ولم تستطع إعادة المال لأصحابھ من المدّخرین… وعندھا فعلاً ولیس مجازاً: ّ «یفر المرء من أبیھ».. وتبدأ «اللیخة» التي لا نتمناھا.. ویبدأ الحدیث عن القوشان من جدید ویبدأ توافد السماسرة وتجار الأوطان للبیع في المزاد العلني .
«وغطیني یا كرمة العلي ببطانیة «خضرا