في التعاليل جنون شبابنا الدليل/ موسى النعواشي

في التعاليل جنون شبابنا الدليل

موسى النعواشي

التعليلة هي السهرة التي يجتمع فيها الناس ذكوراً وإناثاً بساحة يزينها أهل العريس للفرح والدبكة والحناء ، وهي التي تسبق حفلة الزفاف إما بصالة أفراح أو بإقامة وليمة للمدعوين أو بتحلاية حسب الملاءة المالية .

وفي مقارنة لما كان وما اليوم كان وما نشاهده من أطوار غريبة وممارسات عجيبة تجد الحال من ضروب المحال ، لذا كان السؤال : هل ما يمارس تعبيراً عن حالة الفرح ..؟

أم هي حالة اللاوعي التي يعيشها شبابنا نتيجة مؤثرات ارتضوا تعاطيها للخروج من واقع مؤلم يعيشونه ..؟

الدارس للحالة في الزمن الجميل وما نشهده اليوم لا يجد فارقاً كبيراً ، فالممارسات متشابهة باختلاف أساليبها ، يشفع لنا العمر لنعيش ما كان ، وما نحن عليه اليوم مع الغلوّ في خروج شباب اليوم عن أطوارهم .

الرابط هو المرأة .. كن يجتمعن في التعليلة يشاهدن الدبيكة يتمتعن بحركات متناسقة وألحان وأغانٍ تثير العواطف ، لعل مطرب الحفل يأتي على اسم واحدة فتنتشي طرباً .

وذاك الذي يقود الدبكة ويأتمر بأمره فوج وكأنه قائد عسكري وكل أنظار النسوة نحوه ليبدأ بفعل حركات تثير الانتباه ، وتزيد فناً إذا كانت معشوقته بين تلك النسوة ، ومطرب الحفل يحرص بخبث على اختيار الأغاني التي تثير العاطفة وتتغنى بالحبيب .

بدي من خدك بوسه … لاقيني تحت القوسه قلبي متوّلع فيكِ … خليني اقضي هالهوسه ولك يقتصر هذا التطرف في الميل العاطفي على الشباب بل كبار السن ، لكنهم يتقنون إيصال الرسالة ، فالخبرة تشفع لهم ، انتظام ورزانة وحركات متناسقة ولا يخرج عن طوره إلا من ينتشي طرباً ، كنا نرى قائد الدبكة يضع يده على رأسه في وسط التشييلة يردد بأعلى صوته : اجن انجن .. انجن انجن .. انجن انجن انجن والعرق يتصبب من كل خرق منه ، حتى تظنه قد وصل إلى حالة من الهيستيريا .

أما شباب اليوم فليست العاطفة هي الدافع وراء ما يفعلون من حركات بهلوانية وجنون في التعاليل ، لربما يفعلون ما يفعلون دون أن تكون امرأة تشاهد أفعالهم .

كثيراً ما أقف متفرجاً على حالة التلوي التي نشاهدها في انفعالية شبابنا الدبيكة ، نتحسر على حالة التردي التي آلوا إليها ، لنجزم أن من يقوم بفعل هذه الحركات وأن من يصل لحالة اللاوعي التي يكون فيها ليس سوياً ، بل نقول جازمين أنه متعاطياً في ظل انتشار الموبقات التي نهشت حياة الشباب .. ذاك ينام على ظهره .. ذاك يمسك عصا يظنها آلة موسيقية يعزف ألحانه عليها .. ذاك يمسك حذاءه ينفخ فيه مقلداً صاحب المجوز أو اليرغول .. ذاك يتفنن بسب الذات الإلهية .. وذاك يبلل بنطاله الساحل أسفل خصره .. وذاك يحبو مقلداً الشاة العرجاء . إن أردت دليلاً على واقعنا المهزوم فأنت معزوم على تعليلة ربما توقن بالأدلة أن كل منظومة القيم قد انهارت ، لا بد من مراجعة كل السياسات التربوية والاجتماعية لنعود بمجتمعنا مغروساً بالقيم . الوطن يبنى بأبنائه ، وهل أمثال هؤلاء المتلوّين يبنون مستقبل الأوطان .. !؟ حماك الله يا وطني .. حماك الله يا وطني ً