كنانه نيوز  –

يمثّل فيلم “عائلة سورية” للمخرج البلجيكي فيليب فان لو -والذي بدأ عرضه أخيرا في الصالات الفرنسية- مقطعا صغيرا من حالة الحصار المستمرة في سوريامنذ سبعة أعوام، إذ يجسد يوما واحدا في حياة أسرة محاصرة، على بعد أقل من كيلومتر واحد من حي المزة الدمشقي، على ما تذكر إحدى شخصيات الفيلم، مستغربةً ضجيج الحياة وعاديّتها هناك، في وقت بيتها يعاني انقطاع الكهرباء والماء تحت رصاص قناص.

تدور أحداث الفيلم -الذي تم تصويره في بيروت– في شقة واحدة، بما يجعل المكان أقرب إلى خشبة مسرح، وهو خيار ينسجم مع موضوع فيلم يتطرّق لحالة حصار، حيث تتحرك الشخصيات كلها في حيّز ضيق، بينما يحضر الخارج من خلال شريط صوتي دقيق ومدروس، عبر صوت الإذاعة، أو هدير المروحية الذي يشير إلى سيطرة جوية لقوات النظام على المكان، كما يحضر المكان المحيط برمته عبر خطوات تقتحم الشقق المجاورة والعليا، أو تدق باب البيت، أو عبر صوت الأذان.

وعلى غرار فيلمه الأول “يوم ذهبَ الإله في رحلة” (2008) -والذي يتناول مجازر الإبادة الجماعية في رواندا– يبدو المخرج متقشفا في الحوار لفائدة الصورة والصوت. يبدأ الفيلم بمشاهد صامتة موحية: الجد خلف ستارة الشباك، يدخن، يراقب مشهد قنص بملامح متألمة، ثم يعود إلى مقعده. الشغالة الآسيوية تتفقّد صنبور المياه المقطوعة. غرفتها حيث تظهر فيها تماثيلها الصغيرة ورموزها الدينية، ما يوحي بعائلة متسامحة. الثياب المنشورة على حبل غسيل داخل المنزل.

وتزداد تعبيرية المشهد بلقطات مكررة لمجموعة كبيرة من فراشي الأسنان فوق المغسلة كما لو أنها بديل عن لمّة العائلة المشتهاة “طابور” الانتظار على باب الحمّام صباحا.. كل من تلك الأفعال الاعتيادية اليومية يصبح هنا تحت الحصار حدثا كبيرا.

المصدر : الجزيرة