38
خطرُ اللغة ( العاميّة أم العربيّة؛ هي السبيل )؟
بقلم: أحمد ضامن اشتيات
لُوحِظ في الآونةِ الأخيرة تراجع في إفعال اللغة العربيّة حين التعاملات الحياتية؛ علميّة كانت أم عملية، وهذا الانفتاح السّلبي سيُحقق تأثيراً مؤثّراً على الفرد والمجتمع والمؤسسات.
أُخِذت الملاحظةُ كجزءٍ مهمٍّ في تحديد قوة التراجع والخروقات الثقافية المنتشرة أوساط الشارع الأردني ونتيجةً لغياب اللغة العربية بينهم. لكن يبقى التساؤل: ما ذا لو بقي المجتمع والعاميّة وسيلته ؟ وما أثرها على اللغة الأم ( اللغة العربية )؟
عرفت البشريّةُ أنّ اللغةَ العربيّةَ من أهم اللغات انتشاراً وتوسّعاً حول العالم فقد اهتم بها أهلُ العلم والسياسةِ والأدب فقد يتكلّمُ بها أكثر من أربعمئة مليونٍ نسمة في بلاد العالم وتُعتبر واحدةً من اللغات الساميّة حيثُ احتُلت المرتبةَ العليا من جانب عدد متحدثيها.
وتكمن أهميتُها في الوقت الحاضر بسبب كثرة العلوم المختلفة واستحداث أدوات البحث الجديدة التي من شأنها تُسارع في عملية الإبداع والوصول إلى النتائج سواء كانت في الجانب الديني أم الدنيوي تزامناً مع التطوّر المعرفي والتكنولوجي.
وأشارت الشريعةُ الإسلامية في مواضعَ عدّة على اللغة العربية ومسمّياتها الواجب على كل مسلم ومسلمة فهمها وتوظيفها في حياته الدنيا، قال تعالى : ((وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا))، وقوله عزّ وجل: (( وهذا لسانٌ عربيٌ مبينٌ ))؛ موضّحةً تلك الآية الكريمة عظمة اللغة العربية وما مدى سهولة نطقها في قراءة كتاب الله عز وجل وتبيان واضح لوظيفة اللغة ومدلولاتها الجمّة.
بدأ التطوّر التكنولوجي وظهور مواقع التواصل الاجتماعي العديدة وكثرة زوّارها ومتابعتها اليومية بالتعامل معها من أجل الاتصال والتواصل مع الآخرين، تجلّى ذلك بالاستناد على الأداة الرئيسة؛ ألا وهي اللغة العربية مؤكّدين أنّ اللغة غير مستعملة على هذه المنصّات والقلّة القليلة تتكئ على العربية في بناء نصّ أدبي يصيغُه أديبٌ أو مختصٌّ تجنّباً للانتقاد.
سادتْ اللغةُ العاميّة بشكلٍ كبير على اللغة العربية بسبب انعدام الورقة والقلم وغياب اللفظ والمعنى الفصيح السليم لا سيّما نحن بحاجة الى ما يُقوّي تطورنا التكنولوجي السريع، بينما يقول المستشرق الأمريكي وليم ورل: “إنّ اللغةَ العربيّة مِن اللِّين والمرونة ما يُمكّنانها من التكيّف وفقَ مقتضياتِ العصر، وهي لم تتقهقر فيما مضى أمام أيِّ لغة أخرى مِن اللغات التي احتكت بها، وهي ستحافظ على كيانها في المستقبل كما حافظت عليه في الماضي”.
وأثّرت العاميّة تأثيراً كبيراً في صعوبة فهم الآخر عبر مواقع التواصل الاجتماعي لا بل في المنابر الإعلامية التي أصبح الحوار المتشنّج منهجهم في أيّ قضية أو السعي لحلٍ ما، ومِن المؤسف عدم التوصّل للغاية وراء صعوبة فهم اللغة والمعاني خلال توجيهها للمقابل.
بيّن الكثيرون الأسباب الكامنة التي احتلّتها اللغة العامية مكان العربية مشيرين إلى عدة عوامل قصّرت في الحفاظ على العربية ومنها: الاجحاف الواقعي الملموس في سياسات التعليم بالمدارس وذلك بعدم إفساح المجال للطالب في الكتابة والتحدّث كما كان سابقاً، وعدم اهتمام مدرّسي الجامعات في أبحاث الطلبة الدورية وإعطائها الحق الوافي العلمي في التحقيق والمتابعة، ما هي إلاّ من أجل إشراك الباحث في عملية البحث فقط دون النظر الى اللغة والألفاظ، وهذا بحدّ ذاته طمسٌ للغة العربية عند أكثر فئة تستطيع النهضة بالعربية وترسيخها على مر العصور…
وأكّدت الشرائحُ المجتمعية بعد لقاءاتٍ خاصة أجريتها لهذه الغاية ولتدعيم الموضوع حيثُ ركّزوا بتأكيدِهم على ضرورة تفعيل مؤسسات المجتمع المدني والمتخصّصة في إحياء العربية وخاصة داخل مدارس المملكة الأردنية الهاشمية، والجامعات، واللقاءات الحكومية كونها الحاضنة القاطبة للفرد والمجتمع بأكمله، فمَجمع اللغة العربية هو أساسٌ مهم في تكثير المسابقات المشجّعة والمحرّكة للفئات الغير محددة؛ كي يتسنّى لجميع الشرائح خوض التجربة وللتحول نحو الإيجابية والارتقاء باللغة.
إنّ اللغةَ بصمةُ كل أُمةٍ وبصمةُ الدولةِ الاردنيّة؛ هي اللغة؛ أجل اللغة، وأيُّ لغةٍ؟
إنّها العربية؛ لغةُ الضاد بل لغةُ القرآن.
فلن تحيا أمّةٌ بِلا هويّة، وهويّة أمّنا؛ هي اللغة العربيّة، فكن خيرَ حافظٍ وبارّ للغتك.