كنانة نيوز – بانتهاء عصر الإقطاع في العصور الأوروبية الوسطى ، سادت حالة من الفوضى السياسية والاقتصادية ، وانتشار الأوبئة والأمراض ، ما أدى إلى الحروب الصليبية التي اجتاحت كثيرا من دول العالم ، وعملت على تدميرها وخرابها ، فظهر العديد من المفكرين أمثال ميكافيلي في كتابه ( الأمير ) بالدعوة لوجود الحاكم القوي المستبد ، لكبح حالة الفوضى التي سادت دول العالم ومناطق كثيرة في أوروبا ، واللجوء إلى نشوء دولة المدينة ، وحركة الإنسانيين ، والدعوة إلى الارتداد إلى الفردية الأنانية عند الفرد في عصر مابعد الاقطاع وقبل عصر النهضة والتي دعت إلى التحرر من المجتمع وقيمه الدينية والاقتصادية والعمل على معالجة هموم الفرد لا هموم المجتمع .
حالة الفوضى التي يعيشها العالم اليوم بسبب فيروس كارونا والذهول الذي يعيشه العالم بكل قواه السياسية والعسكرية والعلمية ، يقف عاجزا أمامه ، كما نلاحظ حالة الفوضى السياسية والاقتصادية في كثير من دول العالم العظمى وانهيار الأنظمة الصحية والاقتصادية ، وظهور حالات من التعدي ونهب دول لدول أخرى سواء في المساعدات الطبية أو غيرها ، يطرح أمامنا السؤال التالي : هل نحن أمام حالة من الارتداد للذات ؟ للوهلة الأولى تجد أن الجواب إيجابي ، فمن آثار سلوك تلافي خطر فيروس كورونا ، العمل على الابتعاد عن الاخر ، لا تصافح ، لا تقترب من الاخر ، الاخر عدو لك يحمل لك الموت والمرض من خلال فايروس كورونا .
ابق في بيتك وغيرها من ظروف ومتطلبات الحفاظ على صحتك . كما ونلاحظ أن الدول أيضا عمدت لهذا النمط من التعامل بإغلاق حدودها والحفاظ على مقدراتها وعدم التعاون وارسال المساعدات أو حتى في العمل التعاوني لوجود علاج لمكافحة كورونا بشكل جماعي ، بل نجد ملامح الانقسام بين شرق وغرب في الحفاظ بأسرار الكشف عن كورونا وعلاجه ، ما يوحي من خلال هذه الفوضى التي باتت تظهر عالميا ، والارتداد نحو الذاتية ، ربما لتكريس مفهوم ميكافيلي في كتابه والعودة للفردية في حكومات دول العالم القادمة .
وبالتالي سلب حرية الفرد التي تمتع بها قبل كورونا ، وحرمانه من خلال الانفتاح السابق لكورونا من خلال الانترنت والتواصل بين الشعوب ، ليتحول مفهوم العالم قرية صغيرة ، إلى مفهوم الدولة الصغيرة على أنها العالم كله ، وربما العودة للحكم المطلق وتمتع الحاكم بالحق الإلهي المقدس الذي تمتعت به الحكومات في العصور الوسطى . .. نسأل الله أن لا يحدث ذلك ، وأن يكون كورونا بردا وسلاما على البشرية جمعاء .