تونس تتقدّم
احمد حسن الزعبي
الأسبوع الماضي كنت في تونس ، الناس متفائلة جدا، مقبلة على الحياة بابتسامات ذخيرتها التفاؤل ، الشوارع مبتهجة ، حتى المباني تبدو وكأنها للتو قد غسلت من زخّة مطرية…والسبب لا صندوق النقد الدولي ولا منخفض مداري…السبب صندوق خشبي صغير ، هذا الساحر المربع جعل الإنسان هناك يشعر بإنسانيته ،والمواطن بمواطنته ، عندما يوقن المواطن أن صوته يصنع الفرق في وطنه وأنه هو لا سواه من يختار من يحكمه ، ملامح الحياة كلها تتغيّر..ولسان حاله يقول: أنه خياري..إن أصبت فمني ،وان أخطأت فمنّي أيضاَ..
الرئيس التونسي الجديد قيس سعيّد ، ما زال يمضي على صراط التوقعات ، لم تزل قدمه خارج أحلام الشعب التونسي، وما زال يثبت للعالم أن العرب قادرون على أن يحكموا أنفسهم ،ويحسنوا اختياراتهم ، فقط ابعدوا عنهم الطغاة ولانقلابيين والأجهزة القمعية وسيتقدّمون شعوب العالم في سنوات..
تونس تتقدّم حقاً أنها تتقدّم..عندما يطلب رئيس الجمهورية من زوجته القاضي السيدة التونسية المتواضعة بنت الشعب إشراق شبيل أن تأخذ إجازة بدون راتب لمدة خمس سنوات من القضاء ، كي لا يقع ولا تقع بالحرج كون زوجها رئيساً للجمهورية ، وكي لا يحسب في يوم من الأيام أن تضارباً في المصالح قد حدث في إحدى محاكم الدولة ولو من باب الوشاية…فاعلم أن تونس تتقدّم…هذه السيدة التي أعلنت منذ يوم التنصيب أنها ستكون خادمة تونس الأولى ، لا سيدة تونس الأولى..فاعلم ان تونس تتقدّم..عندما يشار الى هذه النزاهة وهذا الرقي وهذا السلوك الحضاري الممتلىء من الداخل فاعلم أن تونس تتقدّم..
عندما يقدم الشباب التونسي الذي كان محبطاً من التغيير قبل شهرين، الذي يعاني من البطالة والفراغ والرغبة في ركوب موج المتوسط كمهاجر غير شرعي للوصول الى أي ملجأ آخر يسمّى وطناً على حملات تنظيف شوارع وحواري تونس من شمالها الى جنوبها ،ومن شرقها الى غربها ،وهو الذي يقود المبادرات التطوعية ،وهو الذي يهتف بشارع الحبيب بورقيبة كل مساء ،وهو الذي يحرص على حضور المسرح حرصه على النشيد لتونس..فاعلم ان تونس تتقدّم..
شعوبنا العربية ليس بحاجة الى ألاف السنين حتى تتقدّم كما تصوّرها الأنظمة وأدواتها ، شعوبنا جاهزة لأن تكون مضرب مثل في العالم..كل ما تحتاجة صندوق انتخاب صغير…لا تعبث به الأيدي الملوثة..وبعدها يستقيم الوطن!.
احمد حسن الزعبي
[email protected]