حديث معتّق .. دبكة النسوان / موسى النعواشي

حديث معتّق .. دبكة النسوان
 موسى النعواشي
لست أدري لماذا نقول ” نسوان ” ..! ولم نقل نساء أو نسوة ، لكنها عندما تضاف للدبكة تمدنا بإحساس مخلص بأن الرزعة ” أي ضربة الرِّجْل على الأرض ” إنما محركها قلبٌ صافٍ .
في التعليلة ينتهي الرجال من دورهم في المشاركة ، وكلٌ صب عرقاً يقاس بمقدار إخلاصه وحبه للعريس ، ثم يبدأ الغربية بالمغادرة مكللين بالشكر والعرفان ” كثّر الله خيركم وعقبال العزابية ” ويبقى حنتي وبخور ، فالقيام بواجبهما ينال كل الحرص ، العشاء جاهز ، وسيارة عمي علي الأوبل البيضاء جاهزة لتوصيلهما إلى الغور حيث يسكنا .
بدأت النساء تنسحب إلى برندة دار عمي علي ، فهناك وازع داخلي يتململ ليقمن بإظهار الفرحة والمشاركة .
تمسك أم محمد شالاً بيدها ، تلحقها أم مصطفى ، أم زكريا ، أم عمر ، آمنه اليوسف ، مريم الصالح ، وغيرهن ، تأتي ابتسام وقد عرفت مكانها بجانب قائدة الدبكة ، ثم يدخل وسطهن المريخي بشبابته وألحانه التي يبدعها على سنه ، تردّ عليه ابتسام بصوتها المميز : إلعب يا مريخي والعب عسنك خلي الصبايا تتعلم منك ثم ترد عليها المجموعة بصوت ما زال صداه العذب يرنّ بأذنيّ .
يتغير اللحن : مندل يا كريم الغربي مندل ومدلي عناقيده مندل جانا محمد يتعلل مندل والساعه تلمع بيده مندل بيت الشعر يا الدوني مندل عا ولدكوا دلوني مندل لا باكل ولا بشرب مندل بس بتطلّع بعيوني مندل يمه قميصي ضيق مندل لجّت عليه نهودي مندل طير اخضر طير مبرقع مندل يا بتجوّز يا بفقع مندل ينتهي اللحن ، يتغير للحماسة ، تعطي الروّيسة إشارة بشالها أنْ بدأ وقت الرزع ، كل واحدة تمسك بيسراها يد جارتها ممزوجة بشرشها حتى لا تطأ عليه فيعيق انتظامها .
الرزع خطوات للأمام ثم ضربة بالرجل اليسرى على الأرض متناغمة مع لحن الشبابة ، زغرودة هناك تنطلق بعد مهاهاة بصوت عال لا يحتاج إلى سماعات أو مكبرات صوت ، تكبر الحلقة ، وتشارك بعض البنات منهن مبتدئاتمكانهن آخر الحلقة .
ينهي المريخي لحنه ويعلن انتهاء الدبكة وتفك الأيادي ليمسحن عرق الإخلاص بالسلك الأحمر أو الشال المبارك ، ثم تستعد النسوة لسهر تتجلى فيه الأهازيج ورائحة نار الحطب ليبدأ التجهيز لغداء ” القراء ” الذي بتنا نتحسر عليه .