مؤسسة التسول / عبدالهادي راجي المجالي

مؤسسة التسول
 عبدالهادي راجي المجالي
في رمضان وحين تغادر المسجد , متأخرا عن الجميع بحكم الكسل والصيام ..غالبا ما يداهمك (متسول ) مدججا بعبارات وأدعية تخرجك عن طورك أحيانا …

يبدو أنه جاء متأخرا قليلا , وكنت الضحية الأولى التي يشاهدها …سلم علي مباشرة , وأخرج ورقة , وأخبرني أن ابنته مصابة بالسرطان …ورشقني بوابل من الأدعية , أقسمت له قائلا :- (والله ما معي فكة) …ووضعت يدي في جيبي , كي أتملص منه ..لكنه قال لي :- (بفكلك) …

ضحكت وأخرجت ورقة من فئة (العشرين) ,وكانت هي الوحيدة معي وقلت له :- (خذ ليرة بس) ..وفعلا جلس وأخرج من جيبه رزمة من الأوراق النقدية ثم سألني :- (بدك ليرات؟) …وأكمل العد , وبعد ذلك رجاني بأن أجعل المبلغ (ليرتين) …وتجادلنا واتفقنا على دينار ونصف .

في الأردن المتسول في جيبه ما يقارب ( 100) دينار, والمواطن معه فقط (20) دينارا , وعليك أن تدفع له ..أمام هذا الكم الهائل من الأدعية ..وحتى لو حاولت التملص فسيرافقك حتى السيارة .

سألته حين شاهدت هذا الكم الهائل من القطع المعدنية والأوراق النقدية :- (هاي غلة اليوم ؟) …قال لي :- الله ايكثر أولاد الحلال .

في كل دول العالم , المتسول هو المحتاج والمواطن الأصل أن يكون مكتفيا إلا لدينا , فقد شعرت أمس بأني أنا المتسول وهو المواطن .

ومضيت وهو مضى , وفكرت في الأمر ..واكتشفت أن التسول أصبح مؤسسة مهمة , خصوصا في رمضان …فمن الممكن أن تذهب لأي واحد منهم وتطلب (فكة) ومن الممكن أن تستدين …وأنا في لحظة إعادة المبلغ لي سألته بدافع المزح :- (اتديني خمسين دينار ) ..قال لي :- (إبشر ع حسابك والله عحسابك) …

يبدو أن هنالك قاعدة إجتماعية خاطئة في الأردن وهي :- حين تزداد معدلات التسول يزداد الفقر , الأصل يزداد الثراء وليس الفقر …فهو يجني مئة دينار من التسول في اليوم الواحد …ونحن نجني الخيبة و (القشل) …

حماك الله يا بلادي