..

أحلام مؤجّلة (إلى صاحبة الفكرة) /أكرم الزعبي

أحلام مؤجّلة (إلى صاحبة الفكرة)
أكرم الزعبي

يحدثُ أن تبدأ حياتكي بأحلامٍ كبيرة وكثيرة، بعضُ هذه الأحلام تعرفُ مُسبقاً أنّها لن تتحقق، لكنّ جُلّها يكونُ أمام عينيك قريب المنالِ وفي متناول اليد، تحتاجُ فقط إلى شيءٍ من الصبر والعزيمة للوصول إليه، أحلامك هي ما يسمّيه البعض بـ (الطموح).

يحدثُ أن تحلم مثلاً بزوجةٍ على مقاس روحك تماماً، ببيتٍ فاخر، بوظيفةٍ مرموقة، بأموالٍ تحقّقُ لك أسباب الرفاهية والسعادة، برصيدٍ يضمنُ لأبنائك متابعة حياتهم دون جهدٍ كبير، براحة بالٍ وصحةٍ تكفيك لتتجاوز الستين بنجاح، يحدثُ أن تحلم كثيراً كثيراً، ولكن …
تكاليفُ الحياة باهظة، والفاتورة أعلى من دخلك النفسي، تؤجّلُ أحلامك قليلاً إلى بضعِ سنين قادمات لأنّك في فورة الشباب، تنسى أنّ العمر كورقة الخمسين دينار (إذا فرطتها طارت)، ويمشي القطار بسرعةٍ فيما أحلامك تقف مدهوشةً عند باب المحطة تنتظرُ أن تحملها معك.
سأعود إليها بصاروخٍ حالما أصلُ مبتغاي (تقولُ في نفسك لنفسك)، لكنّ القطار سريع والأحلامُ ما زالت في مكانها وأنت تبتعدُ تبتعدُ دون أن تدري.
تتجاوزُ الأربعينَ بقليلٍ أو كثير؛ الأربعون سرٌّ لا يعرفه إلّا من وصل الأعتاب وألقى الرحال (تتسائلُ في نفسك لنفسك) : تُرى لو عدتُ لأحلامي وأتيتُ بها الآن لتحقيقيها أيُّ طعمٍ سيكونُ لها !!، هل طعمُ تحقيق الأحلام بعد الأربعين نفس طعم تحقيق الأحلام قبلها !!، أنت تعرفُ الجوابَ لكنّك تكابر، الأحلامُ في أوّل العمر كانت لك وحدك لكنّها الآن لأبنائك وليس لك منها نصيب.
ستعودُ إلى أحلامك يوماً بالصاروخ الذي رسمه خيالك ذات يوم، طعم الحياة بعد الأربعين يختلفُ كثيراً يا صديقي، لكن لا عليك، يظلُّ لتحقيق الأحلامِ لذّةٌ خاصة حتى وإن اختلفت في القوّةِ والشِدَّة، ولا عليك يا صديقي لأنّ الأحلام متجددة ولا يقطعها إلّا الموت، فثق بأحلامك حتى تثق أحلامك بك، ولعلّها إن لم تلحقها أنت، لحقتك هي.
[email protected]