أحمد حسن الزعبي .. وموسيقى الدلف /موسى النعواشي

أحمد حسن الزعبي .. وموسيقى الدلف
موسى النعواشي
قالوا من أضنى فؤادك ؟ قلت : أحمد
أتحمده وقد أضنى فؤادك ؟ قلت : أحمد
لا نجيد تمجيد الشخوص ، حتى أنفسنا لا نعرف كيف نمتدحها ، هذا شأننا الذي نشأنا عليه ، ولكنا هنا نردّ الفضل إلى أهله ، نمتدح الإنجاز والفعل المؤثر والعطاء والقلب الكبير بحجم الوطن ، المثقل بآهات الغلابى ، إن كنا هنا نتغنّى باسمه فكل حبيب ينتشي بذكر حبيبه حتى لو كان فؤاده معنّى .
يا من هواه أعزني وأذلني
كيف السبيل إلى وصالك دلّني
من حارات الرمثا الممزوجة برائحة الخبز المبصّل ، من بين تمايل سنابل حوران ، من فوّهة نكتة ساخرة مضيئة ، من مفرق جدائل كرمة العلي ، من خشونة يدي أبي يحيى التي ران عليهما أثر المعول ، من زاوية لا تعرف إلا العشق من تحت دلف الشتاء، خرج إلينا منتوف الريش ممعوطاً يبحث عمّن صادره غطاءه ، فوجدنا مثله عراة لا نجد ما نستر به سوءة فقرنا ، حتى الزعب على جلودنا أحرقوه بنارهم الهادئة ، فتولى الأمرنيابة عنا ، وصك أسنان كلمته فتبدو ضاحكة تارة ، مبكية ساخرة هادفة تارة أخرى ، وقعها كالسنان بل أشد ، لا يعرف الكلل ، ليس في مكتبته رفّ للملل ، يعانق أوجاعنا ، يربت على أكتافنا ، يحيي فينا الأمل ، في جيبه بلسم للألم ، يركض وراء كلمته من أجل لقمتنا يبحث عمّن سلبها ، مُتعبٌ كجاره متعب ، مثقل بهمومه كنديمه سمعه ، سواليفه متعة ، زواره كثر ، عشاقه كثر ، كارهوه مارقون ، عرفناه خارج الوطن فشدّنا للوطن ، وعلمنا كيف يُعشق االوطن ، شريكه عرار في حب الوطن ، علمنا كيف نلتقي .. على المودة نلتقي . . علمنا كيف نعارض من أجل الوطن ، وعلمنا كيف تكون الموالاة للوطن .
اكتب أيها المعشوق سنحمدك حتى لو أضنيت فؤادنا ، اكتب حتى لو استمر الدلف على أوراقك ، فدواتك مكتنزة ، سنبقى ننتظر رسائلك الممزوجة برائحة الوطن ، نلتقطها كالعاشقين من تحت شجرة الزيزفون ، لعلك تصنع من عتمة الليل عيون ، اسهر واحرس كرامتنا فعيونك ليست كالعيون ، تجرّع عنا هموم الوطن ، لتسقينا سلسبيلاً حب الوطن ، فعاشقٌ مثلك ما خان أهله ، ولن يخون الوطن .