إضاءات رمضانية ( 4 ) بــــِر الوالدين/ الصحفي بكر محمد عبيدات

كنانة نيوز -مقالات –

الصحفي بكر محمد عبيدات-

بــــِر الوالدين من الأمور التي حث عليها الدين الإسلامي وأمرنا بها مولانا تعالى وتبارك , وأكدت التعاليم الإسلامية السمحة على ضرورة الإحسان إليهما , وأنهما يتقدمان على كل ما سواهما من الأقارب والمقربين وبقية أفراد الأسرة , ذلك أنهما بفضل الله هما السبب في وجودنا على ظهر هذه البسيطة , وان علينا أن نكرمهما ونحترمهما ونحسن اليهما ونعطف عليهما لما لهم من عظيم فضل وعُلو قيمة وقدرهما , وأن الرسول الكريم قال في حديث يروى عنه حينما سأله إبن مسعود رضي الله عنه أي العمل أحي الى الله , فقال الرسول – صلى الله عليه وسلم :{ الصلاة على وقتها , وقال إبن مسعود ثم أي ؟ فقال الرسول بِر الوالدين وقال ابن مسعود :ثم أي , فقال الرسول الجهاد في سبيل الله , نتستنج من هذا الحديث النبوي الشريف بأن بر الوالدين مُقدم على الجهاد في سبيل الله وهو سنام الإسلام .

ويلاحظ بأن بر الوالدين قد إقترن بشهر رمضان المبارك , ودليل ذلك حديث نبوي شريف يروى عن النبي- صلى الله عليه وسلم -حيث يقومل :{ خاب وخسر من أدرك رمضان ولم يغفر له , وخاب وخسر من أدرك والديه أو أحدهما ولم يغفر له ,وخاب وخسر من سمع إسمي ولم يصلِ علي …} أن بر الوالدين اقترن بشهر رمضان في حديث النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال: ” خاب وخسر من ادرك رمضان ولم يغفر له ، وخاب وخسر من ادرك والديه أوأحدهما ولم يغفر له ، وخاب وخسر من سمع اسمي ولم يصل عليه ) .

ومن صور البر بالوالدين لزوم طاعتهما في كل معروف وخير وفي كل حين ووقت , وأنه وفي شهر رمضان شهر الخير والبركة كان من الواجب علينا وجوب طاعتهما بشكل أكثر , وذلك لتمام أحر الصيام والاعمال الصالحة التي نقوم بها في هذا الشهر الفضيل المبارك ,وأن الحرص على راحة الأم من لوازم البر بها , و وأن الشريعة الإسلامية قد أولت بر الوالدين العناية الكبيرة والإهتمام الكبير ونهى عن عقوقهما , وانه يجب علينا ان نطيعهما لننال سعادة الدنيا والآخرة , وأمرنا تعالى بأن نخفض لهما أجنحتنا تقديرا لفضلهما ورحمة بهما , ونهانا عن الإساءة لهما سواء بالقول او بالعمل , وأن نبتعد ونتجنب كل ما يسبب لهما الأذى او يجرح مشاعرهما مصداقا لقوله تعالى :{ وإخفض لهما جناح الذل من الرحمة }و المسلم مأمور بأن يخفض جناحية لوالديه تقديرا منه لفضلهما عليه , ورحمة بهما , بيّن الله -تعالى- أهميّة برّ الوالدَين في مواضع عدّةٍ من القرآن الكريم، فقد عطف الله برّ الوالديَن على أهمّ أصول الإيمان، وأعظم غايات الشريعة؛ وهو توحيد الله، وترك الإشراك به، قال -تعالى-: (وَاعْبُدُوا اللَّـهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) , وقد قرن الله تعالى في آيةٍ أخرى شُكْره وحَمْده على نِعَمه بشُكر الوالدَين، قال -تعالى-: (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ) وحثّ الله -عزّ وجلّ- على برّ الوالدَين بوصيةٍ عظيمةٍ تحثّ النُّفوس على تذكّر الآلام التي عانتها الأمّ في الحَمْل والولادة، قال -تعالى-: (وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ)،[٥] وقد أثنى الله -سُبحانه- على عددٍ من أنبيائه ورُسله بسبب بِرّهم بآبائهم، فقال -تعالى- مادحاً نبيّه يحيى -عليه السلام-: (وَكانَ تَقِيًّا*وَبَرًّا بِوالِدَيهِ وَلَم يَكُن جَبّارًا عَصِيًّا)،[٦] كما بيّن نبيّ الله عيسى -عليه السلام- فَضْل الله عليه حينما جعله مباركاً بارّاً بوالدَيه، قال -تعالى-: (وَجَعَلَني مُبارَكًا أَينَ ما كُنتُ وَأَوصاني بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمتُ حَيًّا*وَبَرًّا بِوالِدَتي وَلَم يَجعَلني جَبّارًا شَقِيًّا , وتتأكّد أهميّة برّ الوالدَين، وحُسن معاملتهما في آياتٍ عدّةٍ من كتاب الله، منها: قَوْله -تعالى-: (وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ من الرحمة } وما دمنا في سياق الحديث عن بر الوالدين كان لزاما علينا بيان بعض الأمور التي من الواجب علينا القيام بها تجاه والدينا وهي , تأمين الطعام والدواء لهما وكسوتهما في حال إحتاجا لها , وإجابة دعوتهما وإطاعة أمرهما وتقديم الخدمات اللازمة لهما , والدعاء لهما بالرحمة والمغفرة والقبول و الغفران , وأنه في حال برهما يترتب العديد من الفضائل منها : البسط في الرزق والنسيان في الاثر وان الرحم شجنة من الرحمن , حيث قال الرسول العربي الأمين – صلى الله عليه وسلم –: (مَن سَرَّهُ أنْ يُبْسَطَ له في رِزْقِهِ، أوْ يُنْسَأَ له في أثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ) , و وقَوْله أيضاً: (إنَّ الرَّحِمَ شَجْنَةٌ مِنَ الرَّحْمَنِ، فقالَ اللَّهُ: مَن وصَلَكِ وصَلْتُهُ، ومَن قَطَعَكِ قَطَ وهناك أمورا لا بد من الإشارة اليها وهي ” التصدق عنهما بعد موتهما ؛ فعن سعد بن عُبادة – رضي الله عنه – أن أُمَّه ماتت، فقال: يا رسول الله، إنَّ أمي ماتت، فأتصدَّق عنها؟ قال: ((نعم))، قال: فأيُّ الصدقة أفضل؟ قال: ((سَقْي الماء))، قال: فتلك سقاية آل سعد بالمدينة، والحديث صحيح، وهو في “سنن النسائي”. , و أن يصل المسلِمُ أقاربهما وأصدقاءهما بعد موتهما، ففي “صحيح مسلم” قال -صلى الله عليه وسلم-: «إن أبرَّ البِرِّ صلةُ الولد أهل وُدِّ أبيه». , وزيارة قبرهما، والدُّعاء لهما، والترحُّم عليهما , وألا يتسبَّب في شتمهما؛ بأن يشتم والِدَيْ أحد ، فيشتم هذا الشخص والديه., وإن رأى الابن من أبيه ما يكره، فعليه أن يكلِّمه بغير عنف ولا إساءة، والأفضل أن يصبر ويحتمل جفاء والديه؛ فلا ينهرهما، بل وإذا بلغه شيءٌ عنهما يتأوَّل لهما، ويُحسن الظنَّ بهما، ويدفع عنهما. , وختاما ؛ بأن يجب علينا أن ندرك بأنه لا يوجد هناك أحق بالمودة وحسن الصحبة من الولدين , لذا فلنحرص على برهما احياء وأمواتا كانوا , وان نعمل على تطييب خاطرهما وان لا سبيل لدخول الجنة إذا سخط الوالدان علينا ؛ فهما باب من أبواب أعظم أبواب الجنة , فلك الخيار في برهما فتظفر بالجنة أو لا سمح الله تعقهما / فتوصد ذلك الباب من دونك وتضيعه , وحينها لا ينفع ندم ولا قضم إصبع !!