الحلقة( 11 – 12 ) من رواية شارع ايدون – اضاءات من الذاكرة / د. محمد حيدر محيلان

كنانة نيوز –
رواية : شارع ايدون:اضاءات من الذاكرة
د. محمد حيدر محيلان
الحلقة الحادية عشرة 
1975-1987
– يابا ..يابا في ولد.. غيب.. وانا بلعب ..وقع ..كنا ..انا بلعب ..ناداني المدير ..
– شو فيه يا محمد اهدا … احكي بركاده.. مين غيََب وشو القصة !! ؟
– كنت بلعب سلة
– انت بتلعب سلة طيب !!
– اه بلعب .. سلة .. مع الاولاد ناداني المدير وقلي.. في ولد .. انا ضربته وغيب ..
– كيف ! مين ؟؟ المدير غيب!؟
– لا يابا انا ..
– انت غيبتْ !!؟
– انا ضربت الولد .. بدون ما اعرف… طَبَتْ ركبتي بين رجليه .. وكاين مغيب ..
– طيب وينه هسه !!!؟؟ شو صار له ؟؟
– المدير حكالي بالمستشفى خذ ابوك وروح لحقه
– طيب يلا … امشي معاي..
ابوي اغلق المحل ولبس العباءة اللبس العربي المعهود .. وكان يلبس المسدس والشبرية كالعادة منذ اربعين عاماً.. وانطلقنا…للمستشفى
في مستشفى الاميرة بسمة في غرفة الطواريء ازمة وحركة وصراخ اطفال ونساء ودكاترة واحدهم على الاكسجين والطبيب يجري له استفاقة وتنبيه وضغط على صدره يبدو غيب او وقف قلبه.. اقترب ابي من احد الاطباء وساله عن الطالب المضروب وحكاله اسمه ..
– الطبيب: اه الطالب كان هون .. شو بتيجيله يا حاج
– والدي : انا صديق والده…..
– الطبيب: اه الطالب يا حاج اعطاك عمره ادعيله…..
– ابي؛: لَهْ لَهْ لَهْ 😣😣☹️☹️😖😖😖لا حول ولا قوة الا بالله انا لله وانا اليه راجعون … وينه يا دكتور الان !!!
– ممكن نقلوه لغرفة حفظ الموتى ..
– والدي: لا حول ولا قوة الا بالله
– انا ☝️ ☝️ لا اله الا الله الله يرحمك يا صديقي ☹️☹️😖😟😟
– في الطريق لغرفة الموتى انا اتحدث مع نفسي بندم والم … طول عمري ما بلعب شو اجاني اليوم !! يعني لازم العب هاي الولد مات عشان ألعب!!!!!! عالسجن يا محمد .. بتلعب عمهلك… (ازمة مشاعر حزن وخوف والم وندم ….)
– والدي : لحاجب الغرفة في ولد حولوه من شوي لعندكم اسمه (…) ..
– الحاجب : نعم الله يرحمه تفضل ادخل …
– انا نكصت لورا ..خوف ورعب وموت ..ما دخلت
– والدي : يا محمد تعال يابا هذا زميلك !!!
– انا من الباب : لا يابا مش هو .. وانهزمت لبرا
عدنا للطبيب ولغرفة الطواريء ..
– والدي . يخاطبني شو اسم زميلك الكامل
– يابا (فلان ابن فلان الفلاينة)
– ابي يخاطب الطبيب : اسم الولد كذا كذا….
– الطبيب لا ما شفته ما راجعني شوف غيري او روح على السجل ..
– ابي يخاطبني : بتعرف دارهم
– لا بعرف محل ابوه …
– ركبنا تكسي وانا ما زلت مضطرب (مرتكب.. من الهم والغم …)،مرتبك قصدي…من الهم والغم والموقف يا رب يكون طيب الولد ومش ميت .. لاحظ ابي انني مهموم 😧 و مش عبعضي.. اشفق علي وقال…
– لا تهكل هم يابا ان شاء الله الولد بكون بخير .. وبعدين انت مش قاصد … واخذ يهديني..
– وصلنا لمحل ابو الطالب زميلي ( الزلمة ببيع ولا عنده ولا عند باله…..)
– السلام عليكم الوالد مخاطبا ابو الطالب كيفك حالك شو اخبارك!!؟
– اهلا تفضلوا ….
– شو اخبار (ابنك زميل محمد ابني) ابي مخاطباً ابو الطالب وانا انتظر الاجابة بلهفة
– اه ابني بخير روَّحْ على الدار، الحمد لله اموره تمام
– ابي . ابني محمد داعم فيه بركبته بالخطأ.. وحكالي انه نقلوه للمستشفى ورحنا دورنا عليه ما لقيناه حكينا نيجي لعندك نطمئن عليه
– لا يا عم كلفتوا خاطركم مش مستاهله السولافة تفضل اقعد اشرب قهوة
– ابي: لا شكرا بدنا نزوره بالبيت بعد اذنك متى بتكون بالبيت حضرتك…!!؟
– والله ما بتزوروه يا رجل الولد بنط وبلعب،، ولما وصل المستشفى والطبيب رجعوه من اول ما وصل حكوا اموره تمام
– ابي أصر الا يزوره (وابو الطالب رجل غانم وكريم وشهم ) يحلف ايمان ما في داع لانه موضوع عابر ومش مهم ويحصل مع الاولاد باللعب وما بدنا يكون رسمي.. وزيارات…
– ابوي شكر كثير ابو الطالب وتعارفوا اكثر وودعناه ورجعنا للمحل… وعدت للمدرسة ورأيت زميلي وكان في احسن حال.. ومن يومها اصبحنا اصدقاء …
وعليه ومن يومها ، حرمت اللعب على نفسي، وجعلته عندي وعليََ محرماً… وكانت اول واخر لعبة بحياتي ….والي بحكيلي العب بلعن تاريخه ….انا مش تاع لعب .. وبس……..
ولكن بعد سنوات من تخرجي من مدرسة ابن زيدون للاسف سمعت عن وفاة زميلي الطالب ..اياه وكنا في سن العشرين وحزنت كثيرا… 😢😢😩😩😩😩وترحمت عليه كثيرا.
وما زلت كلما ذكرته اترحم عليه …..لا اعرف هناك متلازمة الموت 😡😡😠في كل واحد بصير بيني وبينه حدث …بموت بعد فترة…
– انا اقف امام المحل باتجاه السنما ما زال مسيطر علي جو الازمة وان كنت اعاود الرجوع لوضعي الطبيعي ببطء.. ولكني سارحْ…..
– ابي :. يا محمد تعال خذ قرشين وروح جيب بندورة من عند جارنا العابد ….(محل العابد بعد محل المزاري ابو احمد الجراح لجهة الجنوب)
– اخذت القرشين وذهبت اشتريت على عجل بندورة ورجعت لوالدي … ابي فتح الكيس وجد البندورة مجرحة ومسطحة ومفغصة…. عصب عليّ..
– شو هذا ما بتعرف تشتري بندورة مش عيب عليك منتْ صرت زلمة !! روح رجعها بسرعة ونقي احسن منها..
– انا : اخذت الكيس ورْجِعتْ على ابو عابد…
– ابو عابد (جارنا كبير بالسن وكان متزن وهادي واخلاقه عالية بس احياناً بعصب مع انه طيب القلب والنفس وككل ابائنا الفلاحين البسطاء ) قاعد بغني : اصابع البوبو يا خيار 🥒 مربى عالفيَّه يا خيار ..
– مرحبا عمي بحكيلك ابوي رجع البندورة هاي مفغصة …
ابو عابد عصبْ وبدا وجهه يحمر …
– لا ما برجعها انا الي نقيتها ولا انت !! .. امش انصرف انت والبندورة..
– رجعت لعند ابوي : يابا ابو عابد مش قابل يرجع!!،،
– روح احكيله بسلم عليك ابوي رجعلنا اياهن
– ابو عابد ابوي بسلم عليك بحكيلك مشيها هالمرة
– طيب ماشي هات الكيس وزته علبسطة… خذ بدالها … يلا وامشي بسرعة من هون …
– انا على عجل نقيت بسرعة ويبدو البندورة موجهة.. ولكن منظرها من فوق بتزهي وبتلمع… اخذت بندورة على عجل ،، بدون ما اقلب ولا اتفقد الزرور … عبيت الكيس وعدت لابي
– فتح الكيس وكانت الطامة الكبرى : ولك انت حمار🫏 ما بتفهم.. مش قلتلك نقيهن سليمات.. اقلب وجهك 🥱🥱روح رجعهن…
وزت الكيس بوجهي …
– انا؛:: احححسسسااان … ابوي مسح فيَّ الارض عادي… من حقه…. بس ابو عابد شو بدو يقنعه هسا يرجع البندورة…..
– احممممم ابووووو عابد … مرحبا عمي كيفك؟ كيف العيال؟؟
-شو بيه .. !!؟
عمي ابو عابد .. مرحبا بسلم عليك ..
– شو بيييه ؟؟ تراي ما نا. فاضيلك ،،
– بسلم عليك ابوي بقللللللل…
– الله لا يسلمك شو بدك !!
– بحكيلك رجع الب……
– انصرف انت والبندورة.. وها .. واخذ الكيس مني ورماه بالشارع…..هو ما في زبون غيرك بدي اشوف غيرك اليوم….
– انا احسسسسااان ..وين اروح. هسا !!
بدي انهزم من الشارع كله واروح على الدار … يلعن حظي ….. بدي انهزم من كل الشارع….
الحلقة الثانية عشرة
شارع ايدون: اضاءات من الذاكرة.
1975-1987
– لَهْ لَهْ يا عم ابو عابد.. الله يسامحك .. أنا: على مسمع من ابي .. وانا ألملم البندورات من الشارع …..
– يتدخل أبي قادماً وقد سمع ورآني في الشارع مرتبك ..
– مرحبا كيفك يا جار … هات الكيس يا محمد …يضعه ابي فوق البسطة ويبدا ينقي 🍅 🍅 بندورة .. انا انسحبت للمحل … وتركت الباقي عند ابوي وابو عابد…
– محمد !! خذ اغسل البندورة وافرمها … وبعد ان انهيت الفرم جاء ابي اشعل البابور وضع المقلاة وسكب الزيت وَحَضَّرْ لنا اكلة ( 🍅 🥚 🍳 بندورة وبيض)جَزْ مَزْ… ثم حكالي اذهب احضر 🥖 رغيفين خبز 🥯 من عند الفران جارنا ابو حسين علي الطعاني وخليه ينشفهن (يحمرهن شوي) (وكان فرن الطعاني بجانب العابد الخضرجي او ادق وصفاً بعد باب بيت درج عمارة ابو شحادة في الطابق الثاني الذي يستأجر عنده المزاري وابو عابد ، وابو شحادة عيسى سعد حداد من العائلات المسيحية التي كانت تقطن اربد ، ما عنده اولاد ولكنه لقب ابو شحادة، )
– ذهبت للفران ابو حسين وانا مرتبك بعض الشيء (طيب بلكي ما رد علي الفران وما نشفهن !!؟ )
– مرحبا 🙋 عمي ابو حسين (ابو حسين هو علي الطعاني هو من بيت راس القرية التي شمال اربد طيب شهم وكريم ابنه حسين صاحب بن العربي وابنه المحامي محمد الطعاني وله ابن كان صغيرا اسمه احمد وكلهم من خيرة الجيران)
– اعطيني رغيفين ونشفهن بقلك ابوي!!!!
– اصبر صف عالدور …مين ابوك!!؟؟
– انا ابن الصادق – جاركم المحل هون بجنب المزاري…
– اه ابن السومي… عراسي حاضر…
– انشرح صدري وزال همي وفرحت 🤩 🤩 مشيت الامور على مايرام….ورجعت محمولا ً حسب الطلب…
– ابي: ايوة …عفارم عليك هيك تمام 👍 👍
– أنا معرش : حكيتله : نشفهن وحمرهن اه مش يطلعن عجين يا معلم !! .. اه ولا شو ….ترباية ايدك يابا 😉😉🤪🤪🤪
بعد الاكل ناداني ابي …
– خذ المنفضة امسح الغبرة عن البضاعة ونظف المحل وكنسه يا محمد …
نظفت وكنست ومر النهار ..
– جاء أخي محمود من المدرسة ثانوية اربد على ظهر تل اربد (اصبح فيما بعد مدير مالية في عدد من المدن الاردنية) تغدا وشمرَّ عن ساعديه ليأخذ الشفت المسائي .. ابي دخل (الحاصل ) المستودع الداخلي للمحل واكمل لبسه المعهود ووقف بباب المحل ديروا بالكوا يابا ..
– محمود: ولا يهمك يابا توكل على الله… بدا محمود يسوي البضاعة ويزيد كميات البزر والقضامة والفستق على البسطة وانا اناوله الاكياس واستلمها منه بعد الاضافة والتفريغ منها .. واعيدها لمكانها .. ويرتب علب البسكوت والهدايا (ركس) (ومترو) وسلفانا …وكان اخي محمود هو من اقنع والدي ان يتحول من دكان قديم الى محمص يبيع المكسرات والهدايا حيث محلنا في اول شارع ايدون وكان افتتح المستشفى العسكري جديد وكان سرفيس المستشفى العسكري فوق المحل لجهة الجنوب وكل من يريد زيارة مريض 🤧 كان يمر على محلنا يشتري الهدية باكيت حلو ناشد او سلفانا او شوكلاتة (ريكس ) وهو باكيت كبير الحجم قليل الحشوة من الداخل ولكن مظهره جذاب ….ويقوم اخي محمود بِلَفْ الهدية للمشتري ويزوقها ويناوله اياها …
– وكنا نعمل لساعات متأخرة من الليل حتى اشتهر محلنا بانه اكثر محل يتأخر لساعات طويلة بالليل وربما للفجر .. وكان محل القدسي ايضاً يتأخر …
– اخي محمود : محمد شو رايك نشرب كاسة 🫖 شاي ☕️ محترمة من اديك الحلوين !!؟ وكان اخي محمود لطيف ☺️ معي.. بس لما يعصب كان يعاقبني… طبعاً اكبر مني هو توجيهي وانا اول اعدادي…وهو مدير المحل بعد ما يرَوِْحْ ابوي … وبنفذ تعليماته..طوعاً او كرهاً … بس هو لطيف 🤫🤫😜😜 الحق يقال.. وهو هادي…مش معصب!!
– انا ماشي … وحاط ب بالي افوت سينما.. لاني لو اعاند بمنعني افوت سينما …
– انا حضرت الشاي والكاسات وضعتها على صينية وعلى كرسي خشب 🪑 مربع مشبك بخوص او ورق خيزران هابط لا بتجاوز نصف متر عن الارض كان يعملهن السلال نسيت اسمه كان رجل مسن ويحمل كرسيين احدهما في اليمين والاخر في اليسار ويصيح كراسي …
– اخي محمود يتناول الشاي مع سيجارة وَيَمِز … وانا متردد في الطلب للدخول للسينما … ولكن الفلم جديد لبروس لي كراتيه (كان اسمه القبضة الحديدية) …
– أنا : محمود ..بدي افوت عالسينما احضر الفلم ..
– محمود : حضرت دروسك ؟؟
– انا : اه حافظ عن غيب.. اسمعلك !!؟؟ ..
– طيب روح…
– انطلقت راكضاً نحو باب السينما
– حسني : وين سومي؟؟ ارجع …
– انا نظرت للخلف لمحمود … بمعنى تَدَخْلْ…
– محمود : اعطى اشارة لحسني يعني دخْلُه…
– دخلت ..ركضاً
– الصالة مظلمة والمشاهدون مشدودون للفلم بروسلي يطير بالجو ويضرب بقدميه الخصم.. انا لا ارى شيء على الارض… الجمهور يصفر ويصفق .. يا شاب ابو الشباب يا واقف اجلس .. انا ابحث عن كرسي وادعس على اقدام الجالسين واتعثر .. طبعا لأني بدون تذكرة ما لحقني حسني بالبيل يضوي ويدور لي على كرسي ويجْلِسني عليه زي بقية الحضور .. حتى عثرت على كرسي فارغ بجهدي…
– بائع البيبسي: بيبسي بارد شباب
– واحد انفعل مع صيحات وضربات بروسلي المتتالية لخصمه… وقام يصيح (يبدو سكران ومعبيها ).. واااااع ويييييع ..ويشبر بيديه ورجليه وكأنه ضرب الي قدامه على رقبته وراسه .. آخ مين هاظ .. ولك يا اخو….واشتبك الاثنان ولعت 🔥 بالصالة … جاء موظفي السينما والمدير ..حاولوا حل المشكلة .. ما مشي الحال .. وسحبوا 🔪 🔪 سكاكين ومواس على بعض .. ووقف عرض الفلم.. وتمت اضاءة الانوار …وتعالت الاصوات والعراك .
يتبع الحلقة القادمة