الحلقة التاسعة والعاشرة من رواية شارع ايدون – اضاءات من الذاكرة / الدكتور محمد حيدر محيلان

كنانة نيوز –
من رواية شارع ايدون: اضاءات من الذاكرة
الدكتور محمد حيدر محيلان
الحلقة التاسعة
:1975-1987
حين يخيم الظلام على مدينة اربد تبدأ دكاكين التجار الفلاحين بالاغلاق حيث كما ذكرت لا يوجد وسائل نقل تتاخر لما بعد المغرب الا بعض تكسيات خاصة او من بعض مكاتب التاكسي الموجودة في اربد انذاك، فتقف امام مجمع الغور .. وغيره من المجمعات لتقل من تقطعت بهم السبل ، باسعار تصل لدينار للتوصيل لقرية سوم مثلاً، وقد تتعدى ذلك لتصل ثلاثة دنانير او اكثر مثلا لكفر اسد او الغور فكان مكتب تكسي الرشيد في شارع الرشيد وبالقرب من مدرسة ابن زيدون الاعدادية التي انتقلت اليها بعد ترفيعي للصف الاول اعداي .. ومكتب تكسي الشعب في شارع السينما ، ومكتب تكسي البرق في شارع الهاشمي، ومكتب تكسي التعاون في الحي الشرقي، ومكتب تكسي فراس، وتكسي بور سعيد ،وتكسي حرز الله، وتكسي الاقصى، ومكتب تكسي النسيم…
كانت هذه المكاتب تخدم مدينة اربد والى قراها ولا يوجد في القرى مكاتب تكسي ، فاذا اراد احد الفلاحين مثلاً ان ينتقل ليلاً من قريته الى اربد لمستشفى الاميرة بسمة مثلا يضطر ان يستعين بسيارة من القرى المجاورة او تراكتور او شاحنة ….وكان مستشفى الاميرة بسمة الوحيد الحكومي في اربد في مرحلة السبعينات يقع على شارع فلسطين من جهته الشمالية، وأحد شوارع البارحة من جهة الجنوب، وكنا اذا راجعناه ونحن نقطن انذاك شارع فلسطين حي التركمان مقابل الدرج الصاعد لحي البارحة، نتجه من الغرب للشرق، ثم ننحرف للشمال بشارع صاعد لمستشفى الاميرة بسمة، لان منطقة البارحة اعلى من شارع فلسطين .. وكان هناك عيادات خاصة لاطباء مثل المحايري في اول شارع الهاشمي قرب تل اربد والدكتور جودت الساطي الذي أصبح طبيب الملك الخاص، وابنته نوزت الساطي ام شاكر زوجة الامير زيد بن شاكر، والدكتور أحمد الشرايري عيادته ومنزله بالشارع الهاشمي ، ويذكر ان الدكتور الشرايري كان زميل والدي في المدرسة
، والدكتور ابراهيم سعدون كانت عيادته في بيته بشارع السينما فوق صيدلية نبيه النابلسي والدكتور عمر فابق الشلبي وكنت عيادته وبيته شارع ابن زيدون بجانب محل أحمد رشدي لبيع الساعات ، والدكتور وديع معمر بمنزله وعيادته بشارع الحصن جنوب الإشاره الضوئيه بمكان محلات عناب والصمادي حالياً والدكتور بركات سلامه وعيادته بشارع السينما مقابل صيدلية النابلسي والدكتور احمد الطوالبه بعيادته مقابل سوق البخاريه من الشرق، والدكتور طراد القاضي وعيادته بشارع المتنبي غرب سوق البخاريه مقابل بيبرس للإسفنج ، والدكتور جبري مصطفى وعيادته في شارع الأمير نايف ، والدكتور عبد الرزاق طبيشات وعيادته كانت في شارع حكما سوق الرمان، والدكتور علي خريس والدكتور علي العمري عيادته على دوار الشهيد وصفي التل ، وكان الدكتور محمد الشرع 👨‍⚕️ 🥼 طبيب عام في اول شارع ايدون وكذلك اخوه الصيدلاني صالح الشرع صاحب صيدلية الشرع في شارع ايدون… وكانت صيدلية الطبيشات على دوار وصفي التل من جهة الجنوب يقابلها حلويات عزمي العفوري من جهة شمال الدوار..حيث ان العفافرة هم اول من ادخل حلوى الكنافة الى مدينة اربد من الخمسينات فكان عزمي ورحمي العفوري بشارع بغداد حلويات الاقصى ، ومنيب وعبدالكريم العفوري في شارع ايدون على الجهة الغربية على زاوية الشارع النازل لمجمع الغور(شارع الملك فيصل الثاني ) …كانت الكنافة الحلوى الاشهى فيي فصل الشتاء وكان كثير من الفلاحين من قرى اربد حين يذهب لاربد مورداً محاصيله من الخضروات يبيعها في حسبة الجامع الكبير ومن ثم يذهب ليشتري ساندويش الفلافل من مطعم احمد الفلافل، الموجود على دوار الساعة او الملك عبدالله، ثم يتحلى بصحن كنافة من عند عزمي العفوري او حلويات الاقصى، ثم جاء بعدهم حلويات الشرق في شارع دوار الساعة النازل باتجاه دوار وصفي التل على اليمين .. ومن الفلاحين وغيرهم الذي كان يدخل سينما الزهراء في شارع السينما الذي سمي باسمها… او سينما الدنيا او سينما الفردوس بجانب منتزه الاريزونا تقاطع شارع بغداد بعد البريد مع شارع فرعي يؤدي لشارع السينما … أما اذا كانت نيته دخول سينما الجميل في اول شارع ايدون فكان يشتري ساندويش الفلافل من عند مطعم سامح المراشدة على جانب السينما من اليسار باتجاه الجنوب ثم يدخل بتذكره لا تتجاوز (ربع دينار ) .. تعتبر الفترة الواقعة بين أواخر الستينات و منتصف السبعينات من القرن الماضي الفترة الأغزر من حيث كمية الإنتاجات السينمائية العربية ، في ذلك الوقت كانت السينما ما تزال تحتل مكانة الصدارة في عالم الترفيه، فأجهزة الفيديو لم تكن معروفة بعد و أجهزة التلفزيون العربية على قلتها كانت تلتزم بمعايير اجتماعية ولا تبث الافلام الا نادراً علما بان المحطات والقنوات التي كانت تعرض على التلفزيون هي التلفزيون الاردني والتلفزيون السوري وبعض شبكات لقط البث كانت تلتقط قناة اسرائيل ايام كان اللاقط (الانتين والشبكة فوق السطوح) وكانت عمليات ضبط البث معقدة فيصعد احد افراد البيت على السطوح ويكون احدهم امام شاشة التلفزيون المشوشة واخر وسيط اما اول الدرج، او خارج الدار، ولكن يقف مقابل شباك غرفة التلفزيون ينقل حالة البث:
– الشخص على السطوح : هسا كيف !!؟
– الوسيط نقلاً عن الرائي ومراقب البث الداخلي خذ شوي يمين…
– كيف هسا !!؟
– خذ يسار… لا رجع يمين … وقف وقف بس آجت الصورة … لا راحت الصورة… خذ يسار.. سن واحد …
– كيف الوضع!!؟
– سيء جدا … خلص طيح ما في نصيب.. شغل الراديو يا ولد وفكنا من السولافة الطرمة…
– ومن افلام السبعينات ثرثرة فوق النيل قصة نجيب محفوظ ،وفلم افواه وارانب ، وفلم الكرنك، وفلم اريد حلاً وغيرها،، من الافلام التي كانت تعرض على شاشة سينما الجميل ومن افلام الهندي (سنجام ) بطولة راجي كابور ، فيجايانتيمالا، راجندر كومار، وافلام الكراتيه لبروس لي وافلام عاطفية لعبد الحليم وشادية وسميرة توفيق ….حيث كنا ندخل السينما مجانا فمدير السينما (سالم حسن قاقيش ابو ماجد) كان من الرجالات التي يجتمع عند والدي من وجهاء اربد في المحل ويشارك بالجهات والمؤتمرات .. وكان ايضا عندما يعرض فلما عسكريا عن الحرب العالمية يدعو والدي وجارنا الدلقموني ابو حسين والمزاري ابو احمد وبعض الشخصيات التي كانت تتردد على الوالد ليحضروا الفلم .. وكنا انا واخواني نحضر الافلام غالباً… واثناء بداية العرض يبدأ السلام الملكي ثم دعاية ميرندا طعم البرتقال …ثم يعلو صوت بائع البيبسي:
– بيبسي بارد شباب… حاملا صندوق البيبسي وبيده( بيل )يضيء على الصارخ-
– احد الحضور بالصفوف الخلفية: يا بيبسي …يا بارد …هات واحد بارد-
– البائع: صحيح إنك ما بتستحي… شكلك البارد
-مش قصدي يا زم مالك معصب …
– استحي عحالك… ويفتح القنينة ويناوله اياها…
الحلقة العاشرة :
من رواية شارع ايدون: اضاءات من الذاكرة
– بائع الساندويشات وكان يوخذها من مطعم سامح المراشدة: ساندويش ساندويش بيبسي بارد شباب
– انا دخلت السينما مجاناً واخترت مقعد وجلست.. اتابع .. وعندما يكون الفلم عليه اقبال شديد تكون الكراسي ممتلئة … تكون الاوامر من مدير السينما ابو ماجد :.. ما حدا يدخل مجاناً من الجيران لان اصحاب التذاكر اولى..
– انا اتابع باندماج الفلم… والسينما كالعادة مظلمة الا من انوار الشاشة …
– حسني موظف السينما( ناصح وطويل ومتزن ومؤدب) ويحمل( بيل) اناره في وجهي وقال :
– سومي وين تذكرتك !!؟
– انا : معيش تذكرة ..ما انت عارف يا حسني لويش (بتتغيشم) !؟؟
– حسني : سومي برة وريني عرض اكتافك…( في الشارع يطلق علينا سومي ) (ومزاري) (الصمدي ) حسب قريته كل واحد فينا …
– انا سحبت حالي مثل (ناعم الذيل) وظليت طالع اتمتم بمسبات…. محنق وغاضب (كانه حقي الشرعي يعن وطلعني منه 🤪🤪😋😋 )..
– رجعت على محلنا (محمص المراشدة) مقابل سينما الجميل .. منكد .. طيب يا حسني بسيطة…بصير خير.. دخلت على الحاصل داخل المحل تناولت كتبي وبلشت أحل واجب مدرسي ….( علي واجبات ورايح احضر فلم)…😆😆😝😝
– طبعاً احنا كنا معظم الوقت ننام في المحل …حيث كان داخل المحل مستودع كبير (حاصل) الحقنا به سريرين للنوم،، ومن ثم تم تجهيز السدة كمكان للراحة وان كانت بالصيف تقترب من اربعين درجة حرارتها،، ولا تستطيع المروحة ان تخفف من سخونة الجو،، فكان الواحد منا اذا صعد للنوم على السدة بالنهار بعد طول سهر ،، فانما يدخل (في غيبوبة) وليس نوم طبيعي وللسدة ذكريات حيث كنا نرتاح او ندرس او ننام …وفي الصباح كنا ننطلق لمدارسنا حيث ياتي أبي باكراً ويستلم المحل…كنت ادرس المرحلة الاعدادية في مدرسة ابن زيدون خلف مجمع الغور من جهة الجنوب وكان من رفاق المدرسة حسن فاروق الشبول المهندس فيما بعد ، وعماد محمد جبر العزام رئيس بلدية الوسطية فيما بعد ، وعبد الفتاح الخطيب، وعادل ابو رسول( ابن خيرو ابو رسول بياع الهرايس )وجار والدي في محله القديم في شارع البارحه غرب بلدية اربد ، وغسان دلقموني، ونزيه شواهين الصحفي فيما بعد ، وباسل هياجنة اضنه اصبح مدرس وفوزي العكور وكان الاول على الصف واصبح فيما بعد مهندسا و مدير حماية البيئية لمحافظة اربد ومحمد وليد الوزني صاحب شركة اسكان وقرابته محمد خير الشيخ حسين الوزني، وصالح العساف الله يرحمه وياسر حتاملة، وكثير من الزملاء لا اذكر اسماءهم ليعذروني… وكنت كما ذكرت التحقت بالمحل مبكراً فلم العب مع اترابي ولم اجيد اي لعبة كبقية اخوتي … وظل استاذ الرياضة يصر علي دائما كي اشارك باللعب غير اني لا ميول لدي للعب ، وحتى زملائي بالصف دائماً يشجعونني.. وارفض.. وبعد طول تحميس قررت ان العب معهم كرة السلة .. وكانت هناك ساحة داخل المدرسة اشبه بصالة مفتوحة.. وخضت اللعب معهم .. هات واعطي.. وخذ وناول وتسديد… على السلة وانفعلت باللعب واعجبني فعلاً واندمجت … وركض ولف ودوران وفجأة:😨😳 دخل آذن المدرسة..
– الاذن: محمد حيدر الى الادارة محمد حيدر الى الادارة
– انا غير سامع ومندمج باللعب.. هات ناول … حتى اوقفني احد الطلاب وحكالي الآذن بنادي على اسمك!!!!!
– انا : ايش ابو علي .. ؟. تعال شاركنا اللعب!!
– الآذن. محيلان..، تعال للمدير بسرعة….
– انا :: مسرعاً وما زلت أنظم وانط وأحرك يدي .. ما زلت اعيش الجو..وانط يسار ويمين…
– المدير : (وكان ضافي طالب عدد الرزاق الخمايسة رجل محترم وقوور ومتزن وذو هيبة )
– المدير : محمد اهدا… زمان الك بتلعب رياضة!!؟؟؟
– نعم استاذ زمان.. وانا بعجبك استاذ لعيب من الدرجة الاولى ..جبت طابتين من اول ما بلشت العب .. بالسلة وو عندي .. لياقة عالية استاذ ….(انا بفكر المدير بدو يضمني لفريق المدرسة او يكافئني.. بلشت ازيد وامدح حالي ) … وعندي استاذ….
– المدير : اسمع بكفي اسكت .. الآن حالاً شيل حالك وبسرعة بتروح على ابوك وبتوخذوا للمستشفى…
– ابوي ماله استاذ !!؟
– يا بني ادم .. اهدا واسكت ..خليني اكمل خذ ابوك على المستشفى وروحًا اطمأنوا على زميلك الطالب الي كان يلعب معكو ،،
– كيف ،، مين ….ليش استاذ
– ولك يا بني ادم انت.. وانت بتلعب يا محترم ضربت زميلك بين رجليه بركبتك وغيَّبْ 😫😩😳😳ونقلناه على مستشفى الاميرة بسمة،، اركض لحق الولد وخلي ابوك يتصرف بسرعة طير من وجهي …
– انا راكضاً الى محل ابي … (ول على هاليوم .. انا من امتى بحب اللعب … ملعون ابو اللعب على الي اخترعوا … قلت للاستاذ انا مش تاع لعب … لأ العب ..انا مش تاع سلة … لا العب …والطلاب زنوا عليّ العب ابو محيلان ) …. ……..تفضل يا محترم يلا اركض هسا ابو محيلان … يا لعيب ..لحق الولد لا يروح فيها وبعدين تقعد تلعب عالمزبوط…
– يتبع بالحلقة القادمة