الحائِرُ والواثقُ… / بقلم خالد علي الطيار

كنانة نيوز –

الحائِرُ والواثقُ…
بقلم : خالد علي الطيار
يقف الانسان احياناً متأملاً ماذا اصابه؟
ما الذي يجري؟
ما الذي حدث ؟
هل هو في كامل قواه العقلية؟ وليس غائبا عن الوعي!
ام انه يعيش بعالم اخر بين أُناس اخرين لا يعرفهم وكانه يتعرف اليهم حديثا،
فهو يتمسك بحبال اصيلةٌ في عصر قلت به الأصالة،
ويمسك داخله بأفكار هرّمه قد تغيرت وحل مكانها افكار عصريه تواكب الحداثة، حتى ان المقاصد والتعاريف تغيرت فما هو الوفاء بالعهد والوعد؟ وما هو الصدق؟ وما هي الأمانة؟ وما هو الموقف الرجولي. وما هي العزة والقوه والأنفة والمعرفة؟ وما هو الايثار وماذا يعني المثقف والمثقفون وما هي الثقافة؟ واين الإخوة ذهبت وعلى ماذا تبنى في الحقيقة؟ والكثير من هذه المصطلحات والمفاهيم التي كلها وبالمجمل استعيض عنها بشيء واحد فقط هو المنفعة او المصلح وطرقُ جذبها او الحصول عليها.
فهم يصدقون ما دام الصدق يجر منفعة لهم وتراهم رجالا وذوي كلمة وعزه وانفه لجلب المنافع اما اذا اقتضت المنفعة ذلهم او ضعفهم او تغيير كلامهم او حتى ان يكذبوا للحصول على هذه المنفعة فلا اسهل من هذا تجدهم يغيرون اقوالهم بل وافعالهم كل فرصه اقتضت الحاجة لها لكي يحققوا هذه المصلحة.
كنا نتعلم الصدق ابتداءً من الجواب لطارق الباب السائل اين اباك، والان نتعلم ونعلم ابنائنا جواب “مش فاضي” او “مش موجود”.
كنا نتعلم مصطلح “كن رجلا وتحمل المسؤولية” والان “لا تعمل حالك بوز مدفع” او ” حط راسك بين الروس وقول ياقطاع الروس”، وكنا نتعلم الوقوف مع بعضنا ومساعده زملائنا والان نسارع للطعن في الظهر والغيبة والنميمة او “الفسفسة” للحصول على ترقيه او مكافاة وظيفية، وكنا نقول اخوك الذي يبكيك ويبكي عليك وصرنا نقول: “فكك هذا ناشف وما بجامل”، كنا وكنا وكنا.
فلا اجزم بالجميع على الكل على كل الناس ولا استثني نفسي من الوقوع في هذا الوحل ولكني اظن انني اعاني جراء التمسك ببعض المبادئ التي لم تعد موجوده حاليا الا عند من رحمه الله وثبتهم وايدهم بان لا يركنوا الى الظلم والكذب والتدليس ولا ينساقوا لهذا الوحل بمسمى المصلحة او العصرية.
نعم تدور الدوائر ولا يبقى على ما هو الا هو العلي القدير حيث لا يدوم الكريم كريما ولا القوي قوياً ولا المدعوم بدعمه وسنده وكذلك الضعيف والمهمش يتغير حاله، قد يكون للتكيف مع المتغيرات والحوادث اثر كبير على الشخص في سرعه تغير لونه بل وجلده ولكن على اي اساس؟!؟.
قد يحس احدنا بالعزلة والغربة وهو يرى من حوله ينزع عنه ثوبا كان مبداه بوقت من الاوقات اخذه سلوكا نابعا من مفهومه وتربيته وتعايش معه فتره طويله والحائر هنا يتبع الاكثرية ويبحث عن المصالح ويكون مع الموجة القوية بان يقلد غيرة، ولكن الواثق سيبقى يسلك ما يتفق مع مفهومه الذي استمده من مبدئه ويعكسه سلوكا راقياً راسخا رسوخ الجبال مع اسفه على من انساق خلف أهواءه ومصالحة، فقد قال الله تعالى في محكم كتابه العزيز: {وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا غَيْرَهُ وَإِذاً لاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً (73) وَلَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً (74) إِذاً لَأَذَقْناكَ ضِعْفَ الْحَياةِ وَضِعْفَ الْمَماتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنا نَصِيراً (75) وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْها وَإِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلاَّ قَلِيلاً (76)}سورة الاسراء، حيث يقول الطنطاوي في تفسيره ” أى : ولولا تثبيتنا إياك – أيها الرسول الكريم – على ما أنت عليه من الحق والصدق ، بأن عصمناك من كيدهم لقاربت أن تميل ميلاً قليلاً ، بسبب شدة احتيالهم وخداعهم، قال بعض العلماء: وهذه الآية أوضحت غاية الإِيضاح ، براءة نبينا صلى الله عليه وسلم من مقاربة الركون إلى الكفار، فضلاً عن نفس الركون؛ لأن ( لولا ) حرف امتناع لوجود، فمقاربة الركون منعتها ( لولا ) الامتناعية لوجود التثبيت من الله – تعالى – لأكرم خلقه صلى الله عليه وسلم فاتضح يقينًا انتفاء مقاربة الركون – أى الميل – ، فضلاً عن الركون نفسه، وهذه الآية تبين ما قبلها ، وأنه صلى الله عليه وسلم لم يقارب الركون إليهم مطلقاً، لأن قوله : ( لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً ) أي : قاربت تركن إليهم، هو عين الممنوع بلولا الامتناعية”، وهذا من الله عز وجل بحق الرسول الكريم فكيف بحق العباد.
اجارنا الله واياكم من الوقوع بوحل الركون الى المصالح والمنافع الزائلة وثبتنا على مبدئنا واثقين مقدمين على الخير واختيار الفضل لدنيانا واخرتنا رغم التناقضات والمكائد التي تحاك على من يقف على الحق ومن يطلبه.