متصرف لكل مستشفى بدعة ما بعد الكارثة !!/ حاتم الأزرعي

 متصرف لكل مستشفى بدعة ما بعد الكارثة !!
حاتم الأزرعي
 تواجه حكومة الدكتور بشر الخصاونه أوضاعا صعبة للغاية ، وحالة من الارباك والتخبط ، تحت وقع وطأة ضغط الاقالات والاستقالات المتلاحقة على خلفيات آخرها فاجعة مستشفى السلط التي اودت بحياة عديد من المرضى اختناقا بسبب نفاذ الاكسجين !!.
وفي الشارع حراك متنام، يرفع شعارات بسقوف عالية تدعو الرئيس ان يلملم اوراقه ويترك الرابع باسرع وقت ،حفاظا على هيبة الدولة التي لم تعد تحتمل كل هذا التخبط والفوضى والعشوائية ،فهل ينجو الدكتور الخصاونة ويجري التعديل الثالث على حكوميه في غضون ستة أشهر؟. يبدو ان مؤشرات ذلك تتضاءل في ظل الاحداث المتسارعة ،والمزاج العام الداعي للتغيير .
وخيرا فعل رئيس الوزراء بظهوره الاعلامي– وإن جاء ذلك متأخرا جدا – ، ليواجه الناس بما حدث ، وامتلاك الشجاعة السياسية للاعتراف بتحمل الحكومة التي يرأسها المسؤولية الكاملة ،والاعتذار المقرون بالخجل ،كما قال في طلته الاعلامية .
وللحقيقة ،فقد تشكل لدي، وانا استمع الى حديث الرئيس ، قناعة بأنه لن ينهي حالة التباكي والنحيب الصامت وبلع الريق والبحة الصوتية الحزينة ،دون ان يبق بحصة اعلان الاستقالة ، ووضعها بين يدي صاحب الشأن ،الملك الذي سبق الجميع ليكون وسط الناس يواسي ويتخذ قرارات فورية تشفي الغليل إزاء الاهمال والتمادي في التقصير حد القتل ، وقد بدت على ملامحه غضبة ملكية ،اجزم انها لن تهدأ قبل استعادة كرامة الناس .
لكن الرئيس ختم حديثه ، ولم يقترب تصريحا او تلميحا، من مسألة الاستقالة ، ولربما ترك الامر لتطور الاحداث ،وارادة الملك بالأبقاء على الحكومة او إقالتها ،تشي بذلك عبارته المفتاحية “ا إن هيئ لنا ” في سياق حديثه عن تصويب المسار .
على اي حال فتح باب الحديث عن استقالة الحكومة حالة التخبط الذي تعانيه ، ويؤشر اليها بجلاء تكليف وزير الداخلية المهندس مازن الفراية بأدارة وزارة الصحة بعد إقالة او إستقالة وزيرها الدكتور نذير عبيدات على خلفية كارثة المستشفى ، وإن كنت اعتقد ان لهذا التكليف رمزيته ودلالاته في سياق أوامر الدفاع ، والفاجعة .
ومبعث التخبط في تكليف المهندس الفراية بأدارة وزارة الصحة ، ليس مرده عدم الاختصاص ، كما يرى البعض، وانما قراره المتسرع جدا بتعيين متصرفين في مستشفيات وزارة الصحة وظيفتهم ” ليست الابلاغ عن المشكلة إنما حلها ان وجدت ” .
وقد اثار القرار خارج نطاق وزارة الصحة موجة علنية رافضة وساخرة ومتهكمة، ومكتومة متوارية وخفية داخل اروقتها ،خشية من سطوة جنرال الداخلية ، المتسلح بأوامر الدفاع .
ومن خارج وزارة الصحة يختزل العين بسام حدادين الحالة ويصف القرار بانه اقرب الى ” الكاريكاتير ” ، ومن شأنه ان يخلق “ازدواجية سلطة ومرجعية ” وتساءل بأي حق يمنح متصرف في وزارة الداخلية سلطة في مؤسسة تتبع لوزارة أخرى ؟ .
ومن داخل الوزارة وخارجها ، اطلق عديدون اقتراحات تهكمية تسخر من القرار ، كتعيين متصرف في كل مركز صحي ومحافظ في كل مستشفى .
والحالة التهكمية التي ولدها القرار من رحم التخبط ،لم تأت من فراغ ،ورغبة في التسلية وخفة الدم ،بل تعبيرا موضوعيا صادقا وامينا عن مآلات قرار تعيين المتصرفين إن ذهب فيه الوزير الى التطبيق الفعلي .
وفي الواقع ان صراعا حادا سينشب بين المتصرف “الوصي ” ومدير المستشفى صاحب ” الحق الاصيل” ،كما يصفهما حدادين ،وهذا ليس نسج خيال او محض اوهام ، فوفقا للهيكل التنظيمي لوزارة الصحة يتبع مدراء المستشفيات الى مديري الصحة في محافظاتهم ،واعرف مدى الحساسية والرفض لذلك من قبل مدراء المستشفيات وعدم الاذعان وتجاوز مدراء الصحة وهم في الواقع اطباء زملاء لهم، فهل يعتقد الوزير الفراية ان مدراء المستشفيات سيرحبون بالمتصرفين ويأخذونهم بالاحضان؟! ،واهم ان هو ظن ذلك !! .
اعتقد ان وزير الداخلية تسرع في اتخاذ قرار غير حصيف سيولد صراعا ظاهرا وخفيا ،في وزارة لن يمكن فيها طويلا ، وسيترك لوزيرها الاصيل عند تسلم مهامه ارثا ثقيلا وحملا زائدا قد يصعب التخلص منه بسهولة ويسر ،ولا يخامرني ادنى شك بأن الوزير المتحمس المقدام مالك الجرأة العسكرية ،الضليع في ادارة الازمة ،لن يتوانى عن عن التراجع عن القرار ،اذا ما اقتنع بعدم جدواه، وليترك شؤون الوزارة التي يديرها مكلفا لوزيرها الاصيل ،ويتفرغ للداخلية فحملها لا شك ثقيل ثقيل .