الأمن والأمان… استئصال الجوهر من بين التَرادف!/ هبــــة حسين عبابنة

الأمن والأمان… استئصال الجوهر من بين التَرادف!
هبــــة حسين عبابنة
 
غالبًا ما يتم سرد مجموعة من الكلمات والمصطلحات المتتالية في جملة واحدة؛ بهدف الحصول على عُمقٍ كافٍ لِفَهم معنى مُعَيَّن. ولكن اللغة العربية لا تَرحَم بِجَمالِها و تَنَوُّعِها وجَوهَر حروفها وما يَستَتِر من خَفايا بداخِلها، أهذا بسبب اشتراك بعض الكلمات بنفس الحروف؟! أم أنَّنَا اعتدنا على قولها بجملة واحدة؟!
كَلِمَتَي (الأمن والأمان)، كلمتان اشتَرَكَتا في الجذر اللغوي “أمن” وفي الحروف مع اختلاف صغير وهو زيادة حرف الألف في كلمة الأمان، ولكن هذا أَحدَثَ فارِقًا كبير، حيث أنَّ الأمن اصطلاحًا: هو ما يَترَتّب على الأفراد ضمن مسؤولية اجتماعية ومُجتَمَعيّة القيام به من سُلوكِيّات تُحَقق الأمان في النفوس، وهذا يُشير إلى أنَّ الأمان هو شعورٌ يُولَدُ عند الإنسان بعد تَحَقق الأمن… فإذا سادَ الأَمن سَادَ الأمان. فكيف يبدأ ذلك؟!
البداية في تحقيق الأَمن تحتاج إلى تكاملٍ وَشمولٍ من كافّة النواحي، الأمن الدولي، المجتمعي، العسكري، السياسي، الاقتصادي، البيئي، الأُسَرِي وغيرها من نواحي الأَمن. فلا يستطيع الإنسان العيش حياةً آمنةً كريمة وهو فارغ الكَفِّ عَسيرَ الحال لا يَملكُ دِرهمًا يَقتاتُ به ليومٍ واحد! ولن يتحقق الأمن عندما يُحلِّق الرصاص والقذائف فوق المنازل وكأنها عصافيرٌ تَتَغَنّى! وهذه مسؤولية تقع على عاتق الجميع فإنَّ فردًا واحدًا قادر على زعزعة الأمن العام بِتَصَرُّفٍ هَمَجِيٍّ لا إنسانِيٍّ أو عُدواني… لذلك وَجَب تفعيل دور القوانين والأنظمة فإنَّ الأمن من العُقوبة يُوَلِّد الجَريمَة والظُلم وبالتالي لن يكون هناك أمن.
وبعد أن تحقق الأمن ما هي النتيجة حِيال ذلك؟! الشعور بالأمان. أن تَشعر وكأنَكَ بِمَعزَلٍ عن الخَطَر بِصُوَرِهِ كافَّة، أَن تُمارِس حياتك اليومية بكل سهولة دون عَناءٍ أو قَلق… أن تُحِب الحياة وتَفعل ما تَشاء من الأنشطة التي تُحِب. وَقد وَرد في القرآن الكريم قوله تعالى: «وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ» (النور:55). وهذا يُبين لنا عَظَمَة الشعور بالأَمان فهو جزاءُ رب العالمين للذين آمنوا به وعملوا الصالحات، وَمَن الذي أَرفَقُ بِنا من رَبِّ العباد لِيُثيبَنا أَمنًا وأمَانًا!!
وفي النهاية أُرشِد إلى وسيلةٍ هَيِّنَةٍ بسيطةٍ خاليةٍ من أيّ تكليف أو تَعقيد وَقَد حَثَّنا عليها ديننا الإسلامي الحنيف في قوله تعالى: «الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ» (الرعد:28). اذكروا الله قيامًا وَ قُعودًا، في مَضاجِعكم… وَ بُكرَةً وَ عِشِيًّا.