” هكذا أحب الأردن” / المخرج فيصل الزعبي

” هكذا أحب الأردن”
بقلم المخرج السينمائي فيصل الزعبي
كيانات الدول تتكون عبر الزمن .. تنقسم قطعاً وكل قطعة تصبح وطناً لأن الوطن قيمة وجدانية وليست جغرافيا تتسع وتضيق .. قبل مئة عام كانت سوريا قطعة واحدة وكنا نتغنى بها .. ثم شاء التاريخ أن تصبح سوريا الأصل أربعة دول .. ثم تكون وجدان شعبي لكل دولة .. لأن الوطن إطار وجداني سياسي جغرافي يتكون ويتفكك عبر زمن ليس طويلاً كما نعتقد
.. والوجدان متحرك .. لكن الناس يبقون مشتركين في يومياتهم واحتياجاتهم وخوفهم وفرحهم..
الآن لدينا دولة ذات كيان جغرافي سياسي و وجداني أسمه الأردن .. وقد نجى من سفلة الإستبداد والإرهاب .. نجى .. لأسباب معقده أهمها أن الناس تمسكوا بتجربتهم وحبهم لوطنهم .. والدولة تصرفت بعقل لا ببندقية ..
لا خيار لنا غيره ولا حب لنا سواه .. لماذا يريدون لنا أن نخوض تجارب الدول التي يحبونها بطرائقهم المختلفة
الأردن لم يُسفك على أرضه الدماء منذ زمن بعيد وهذا يعطيه قدسية الطهارة من لوثة المجرمين
نحبه لأن أهلينا قد حبوه وسيجوه وحموه بأرواحهم وأظافرهم .. لم تتعال حناجر لدينا بالروح بالدم نفديك يا سيادة القائد الملهم .. بل اتفقنا أن نعيش به ونتعب ونفرح ونشقى ونكتفي بكيان افرزته الطبيعة والتاريخ والانتباه ..
لدينا من المشكلات لكنها مشكلات غير دموية .. لدينا من الضغائن لكنها غير تصفوية ولدينا من الحب لكنه ليس أيدولوجباً أعمى
الخيار هو الحفاظ على هذا الوطن في ظل الجنون والعنجهية واللاهوت البشري والاستبداد الأحمق
سنحب الأردن بطرق مختلفة لكنها ليست طرق مغامرة مهوسة وربما التاريخ يوما ما سيحترم تجربتنا
لقد شكرت سايكس بيكو في سري يوماً ما وأنا الساكن على كتف اليرموك وقلت : لو هؤلاء الذين قسموا سوريا أزاحوا قلمهم قليلاً لكان بيتي مدمراً وأخوتي قتلى ..
هكذا أحب الأردن كما الناس يحبون أوطانهم بلا هوس وبلا عنصرية وبلا نكران للشعوب الأخرى التي ساهمت ببناء وطني
وبلا نكران لأي شعب أن يحب وطنه..ولا أدعي ان وطني وطناً مثالياً فهو لديه ما يكفي من الترهات وغياب العدالة الاجتماعية..
ودمتم “