النظرة(2): المشكلاتُ الخمسُ الكبرى للصفِ الثاني عشرَ و طُرُقُ حلِّها/ بقلم المشرف التربوي أحمد مُحمد أمين

كنانة نيوز – النظرة(2): المشكلاتُ الخمسُ الكبرى للصفِ الثاني عشرَ و طُرُقُ حلِّها
 
المشرف التربوي:أحمد مُحمد أمين
 
(نظراتٌ على التعليمِ في الأردن، رؤيةٌ من الداخل و دعوةٌ إلى الإصلاح).
النظرة الثانية: المشكلاتُ الخمسُ الكبرى للصفِ الثاني عشرَ و طُرُقُ حلِّها.
 
أولًا: ما هو الصف الثاني عشر؟!
 
هو ذلك الصفُ الذي يُدخِلُ القلقَ في نفوسِ مئاتِ الألوفِ من الأُسر في الأردن منذ أن يصير الطالبُ في الصف العاشر، فمنهم من يُفَرَّجُ عنه بنجاح الناجحين في الصف الثاني عشر، ومنهم من يتأخرُ الفرجُ عنه إلى تخرُّج المتخرجين في الجامعات، ومنهم مَن يتأخر الفرجُ عنه إلى أبعد من ذلك، إلى أن يَفْرَغَ من سداد ديوان الأقساط الجامعية.
 
و قد سألني صديقٌ لي يومًا بين الجادِّ والمستظرف: لِمَ يحتفلُ وليُّ الأمر بتخرج ولده؟ فقلتُ: فرحًا بتخرج ولده. فقال: لا، بل فرحًا أنَّه قد فَرَغَ من دفع الأقساط.
 
ثانيًا: المشكلاتُ الخمسُ الكبرى للصف الثاني عشرَ.
 
وهؤلاءِ هُنَّ:
 
١- مشكلةُ شراسةِ كلفة الدراسية الجامعية.
 
٢- مشكلةُ الجمعِ بين كُتلتين بنظامٍ واحد.
 
٣- مشكلةُ نظامِ السنة الدراسية.
 
٤- مشكلةُ المبالغةِ في تدريس المعرفة التخصصية.
 
٥- مشكلةُ شراسةِ كلفة الدروس الخاصة.
 
* المشكلة الأولى: مشكلةُ شراسة كلفة الدراسة الجامعية و طريقةُ حلِّها.
 
أ- المشكلة.
 
لو أصبح امتحان ما يُعرف بالثانوية العامة بطريقةِ الكتاب المفتوح فسيبقى القلقُ الذي يُسببُه الصف الثاني عشرَ موجودًا؛ لأن الضغط الواقعَ على الطالب و ولي الأمر ليس من طريقة الامتحان بل من شراسة الكلفة المالية للدراسة الجامعية، وعدمِ شمول مجانية التعليم الجامعي جميعَ الأردنيين، وسنزيد في هذا الشأن عند الكلام على المشكلةِ الخامسة مشكلةِ شراسة كلفة الدروس الخاصةِ، إن شاء الله..
 
ب- المؤسسة الثالثة.
 
إن المملكةَ الأردنية الهاشمية التى تسعى إلى أن يشملَ التأمينُ الصحي و الضمانُ الاجتماعي كل َ مواطن أردني من عشرة ملايينِ موطنٍ لَحَرِيٌّ بها أن تسعى إلى إنشاء مؤسسة ثالثة هي مؤسسةُ صندوق التعليم الجامعي، و أن تكون الحكومة الأردنية هي المساهمُ الأكبر في صندوق هذه المؤسسة، لقد رأينا قبل عامٍ كيف زادت حكومة الرزاز القطاعين المدني والعسكري وجميعَ المتقاعدين زياداتٍ على الرواتب الشهرية زادت على سبعمئة مليونِ دينارٍ أردني سنويًا،( و سنعود في نظرة أُخرى للحديث عن “كيف أضاع الرزازُ وحكومتُه حلَّ أربع مشكلات تعليمية بسبب نقص البيانات؟” ).
 
و رأينا البنكَ المركزي الأردني يتعهد في جائحة الوباء التاجي بمبلغ خمسمئة مليون دينار أردني من غير زيادات ربوية قروضًا لدعم المشاريع الاقتصادية.
 
إن المملكة الاردنية الهاشمية قادرةٌ – بإذن الله- بمهارةِ خبرائها الذين بنَوا مؤسسة التأمين الصحي و مؤسسة الضمان الاجتماعي ليشملَ نفعُهما عشرةَ ملايينِ مواطن قادرةٌ على بناء مؤسسة ثالثة هي مؤسسةُ صندوق التعليم الجامعي من أجل التعهد بكلفة الدراسة الجامعية لكل أردني سواءٌ أ كان يدرس في جامعة حكومية أم في جامعة خاصة، و هذا قياسًا على التأمين الصحي الذي يشملُ العلاجَ في المستشفيات الحكومية والمستشفيات الخاصة بنِسَبٍ مختلفة.
 
وينبغي بهذه المؤسسة عند إنشائها أن يُدمج فيها كلُّ المكرُمات والمنح كالمكرُمة العسكرية ومكرُمةِ المعلمين و منحة أبناء العاملين في الجامعات، فكلُ أبناء الوطن يستحقون التأمينَ الصحي والضمانَ الاجتماعي ومجانيةَ التعليم الجامعي.
 
 
* المشكلة الثانية: مشكلةُ الجمع بين كُتلتين بنظام واحد.
 
أ- المشكلة.
 
ينقسم الملتحقون بالصف الثاني عشرَ الى كتلتين، كُتلةٍ تطلبُ بهذا الصفِ الالتحاقَ بالدراسة الجامعية، و كتلةٍ تطلبُ بهذا الصفِ الشهادةَ المدرسيةَ العُليا (التوجيهي)، و إنْ كان صاحبُها راسبًا، ليُقدِّمَ نفسَه بصفة (توجيهيٌّ راسب)، و غالبُ هذه الكتلة أنها تُريد الشهادةَ المدرسية العُليا -و إنْ كان راسبًا- للانتفاع بها بتقديمها إلى وظائف الدرجة الثالثة و وظائف القطاع غير المدني.
 
ب- الفصلُ بين الكتلتين والغايةُ منه.
 
حلُ هذه المشكلة هو الفصلُ بين هاتين الكُتلتين، والغايةُ من الفصل بين الكتلتين هو إحداثُ تغييرٍ كبير باتجاه تقليل أعداد الملتحقين بالصف الثاني عشر الذي سيُعرف بالسنةِ التحضيرية للدراسة الجامعية على ما سيأتي من تفصيل. و المأمولُ من تقليل أعداد الملتحقين بالسنةِ التحضيريةِ للدراسة الجامعية أمورٌ منها:
 
1-تُحسينُ إدارة قاعة التدريس و زيادةُ التفاعل الإيجابي بين المعلم والطالب.
 
2- إسقاطُ الهالةِ التي أحاطت بما يُعرف بالتوجيهي، و إنزالُ الصفِ الثاني عشرَ منزلتَه التي لن يعدوَ قَدرَها من كونِه سنةً تحضيريةً للدراسةِ الجامعية فحسب.
 
3- توفيرُ سنة من الانتظار في غير فائدة على فتيان الكتلة الثانية.
 
4- زيادةُ نسبة النجاح من غير زيادة أعداد الناجحين، فإذا كان عدد الناجحين( 75) ألف من ( 150) ألف طالب فإن نسبة النجاح ستكون (50%)، أما إذا قِيسَ عدد الناجحين إلى (100) ألف طالب، فإن نسبة النجاح ستزيد إلى (75%).
 
5- تحقيقُ وفرةٍ مالية.
 
6- دمجُ وزارة التعليم العالي مع وزارة التربية والتعليم دمجًا يُحقق فائدةً عمليةً، على ما سيأتي، إن شاء الله.
 
ج- آليةُ الفصل بين الكتلتين، واستحداثُ مرحلةِ السنة التحضيرية للدراسة الجامعية.
 
تقتضي آليةُ الفصل بين الكتلتين إعادةَ تقسيم المراحل الدراسية و دمجَ وزارة التربية والتعليم مع وزارة التعليم العالي دمجًا صُوريًّا من حيثُ إنهما سيتولاهما وزيرٌ واحد، و ذلك على مرحلتين:
 
* المرحلة الأولى:
 
1- تُسمى الصفوف من الأول إلى التاسع بالمرحلة الأساسية.
 
2- يُسمى الصفان العاشر والحادي عشر بالصفِ الأولِ الثانويِّ(الجديد) و الصفِ الثاني الثانوي(الجديد) على التوالي. و ذلك على ما كان معمولًا به قبل 30 سنة.
 
إنَّ من يُتابع الطلابَ من الصف التاسع إلى الصف العاشر متابعةَ المتأمل فيهم يُدركُ أن الصف العاشر لا ينتمي إلى المرحلة الأساسية، فالطالبُ يختلف اختلافًا كبيرًا عن طالب الصف التاسع من حيث ظهورُ علامات البلوغ عليه فتنمو لحيته ويغلظِ صوتُه و تزداد حِدةُ خُلُقِه. إن إخراجَ طالب الصف العاشر من المرحلة الأساسية ليس مسألةً شكلانية بل لها تأثيرٌ نفسي عليه من حيثُ كسرُ النمط، فهو منذ الصف الأول إلى التاسع و هو يُوصف بصفة الأساسي، أما الآن فهو أمام وصفٍ جديد سيُحْدِثً في نفسه شعورًا جديدًا، …إنه قد كَبُر.
 
أما مسألة هل سيكون الصفُ الأولُ الثانويُ الجديدُ إلزاميًا أم غيرَ إلزاميٍّ، فمسألة يسعُها النقاش.
 
3- الوزارة التي تصدر باسمها شهاداتُ الصفوف من الأول الأساسي إلى الصف الثاني الثانوي الجديد هي وزارة التربية والتعليم( بشعارها واسمها وتوقيعها).
 
4- يكون الصف الثاني الثانوي الجديد(الصف الحادي عشر) هو أعلى صفٍ مدرسي، وبهذا ينتهي تعليم الطالب تعليمًا مدرسيًّا، و تكون شهادة الصف الثاني الثانوي الجديد(الصف الحادي عشر) هي الشهادة المدرسية العُليا.
 
5- تكون الشهادة المدرسية العُليا(شهادة الثاني الثانوي الجديد) هي الشهادة الرسمية المعتمدة لوظائف الدرجة الثالثة و القطاعات غير المدنية.
 
* المرحلة الثانية:
 
1- تُستحدثُ سنةٌ دراسيةٌ جديدة قبل التعليم الجامعي، تُسمى السنةَ التحضيرية للدراسة الجامعية.
 
2- الوزارة التي تصدر باسمها شهادة السنة التحضيرية للدراسة الجامعية هي وزارة التعليم العالي ( بشعارها واسمها وتوقيعها).
 
3- يُنصُّ في الحاشية السفلية لشهادة السنة التحضيرية للدراسة الجامعية لمَن نجحَ فيها بالنصِ الآتي:
 
” تنبيهٌ: مُنِحَتْ هذهِ الشهادةُ لغايةِ التقدمِ للدراسةِ الجامعيةِ فقطْ، و أيُ استعمالٍ لها لغيرِ هذهِ الغايةِ لا اعتبارَ له”.
 
وذلك للتأكيد على أن هذه الشهادةَ لا تُقدمُ لوظائف الدرجة الثالثة و وظائف القطاعات غير المدنية.
 
4- لا يقل المعدل المئوي لمن يرغب بالالتحاق بالسنة التحضيرية للدراسة للسنة الجامعية عن 60% في الصف الثاني الثانوي الجديد. و هذا مناسبٌ لكون غالبِ السادة المعلمين يميلون إلى زيادة المعدلات.
 
5- تُقدم محاضراتُ توعِيةٍ للسادة المعلمين من مُدَرسِي الصف الثاني الثانوي الجديد بهذا النظام؛ لكون أن كثيرًا من السادة المعلمين يُصَعِّدُون فِتْيانَ الكتلة الثانية إلى الصف الثاني عشر شعورًا منهم بالشفقة عليهم ، رجاءَ أن يحصل أولئك الفِتيانُ في الأقل على شهادة ( توجيهيٍّ راسب). و يُنبَّهُ السادةُ المعلمون بطبيعة السنة التحضيرية للدراسة الجامعية من كونها سنةً خاصةً بالتحضير للدراسة الجامعية فقط. و أنها لن تستعمل لأي غاية أخرى بالنصِ المنصوصِ به لا بالفَهم الضِّمني.
 
6- مع كون أن شهادة السنة التحضيرية للدراسة الجامعية ستصدر باسمِ وزارة التعليم العالي وشعارِها و توقيعِها إلا أن الجهةَ المنفذةَ هي مدارسُ وزارة التربية و التعليم و السادةُ معلموها ومعلماتُها، وهو ما سيجعل الدمجَ الصُوريَّ بين الوزارتين من حيثُ إنهما سيتولاهما وزيرٌ واحد أمرًا ضروريًّا.
 
و عَوْدًا على ما سبق فإنّ المأمولَ مِن الفصل بين الكتلتين و مِن استحداثِ نظامِ السنةِ التحضيرية للدراسةِ الجامعية هو ما تقدَّم.
 
المشكلة الثالثة: مشكلةُ نظام السنة الدراسية.
 
ثمةَ ثلاثُ أنظمةٍ للسنة الدراسية في الأردن، و ثَمَّ هي:
 
1- نظامُ السنةِ الدراسية المقسومة إلى فصلين متصلين، وهذا النظام هو المعمول به في الصفوف المدرسية ما دون الصف الثاني عشر، فالطالب ناجحٌ أو راسبٌ بمجموع الفصلين
 
2- نظامُ السنةِ الدراسية المقسومة إلى فصلين منفصلين، وهذا النظام هو المعمول به في الجامعات،فنجاحُ الطالب أو رسوبُه في أحد الفصلين لا يُؤثِّر في الفصل الآخر.
 
3- نظامُ السنة الواحدة، و هو المعمول به في الصف الثاني عشر الآن، و هو نظامٌ مرهقٌ للروح والبدن، فأما إرهاقُه للروح فَلِطُولِ انتظار موعد الامتحانات إلى آخر العام، و أما إرهاقُه للبدن فلعِظَمِ المادة الدراسية المُمتحنِ بها من مجموع الفصلين.
 
إنّ خيرَ هذه الأنظمة للسنة التحضيرية للدراسة الجامعية هو النظام المُتبع في الجامعات لسببين:
 
١- السنة التحضرية للدراسة الجامعية سنة مرتبطة بالدراسة الجامعية لذا سيكون من المناسب تطبيق نظام السنة الجامعية على هذه السنة التحضيرية.
 
٢- في الفصل بين الفصلين الدراسيين كما هو الحال في الدراسة الجامعية راحةٌ للطالب من كونِ أن مساقات الفصل الأول غيرُ مرتبطة بمساقات الفصل الثاني من حيث النجاح والرسوب. وإن كانا مرتبطين من حيث المعدلُ التراكمي.
 
* المشكلة الرابعة: مشكلة المبالغةِ في تدريس المعرفةِ التخصصية.
 
و سأتحدث هنا عن كتب اللغة العربية فقط؛ لأنه محلُ اختصاصي، ففي كتاب النحو كلامٌ عن تفصيلاتٍ تخصصيةٍ،كما في درس التصغير و درس النسب، ليس كتابُ النحو هذا بموضعٍ لها، إنما موضعُ دراستها قسمُ اللغة العربية في الجامعات. وفي كتاب اللغة العربية المُشترك كلامٌ عن تفصيلاتٍ و إطالاتٍ في العَروض وغيره، وكأن القائمين على الكتاب خافوا أن يفوتهم شيءٌ، فحرَصُوا ألَّا يفوتُوا شيء. و كنتُ قد ذكرتُ في (النظرة الأولى) أنه ليس من غاية النظام التعليمي المدرسي إنشاءُ طالبٍ متخصص في علم من العلوم، وإنما تلك غاية التعليمي الجامعي. فإنْ قَلَّ في وطنِنا الباحثون المتخصصون في العلومِ الصِرْفَةِ والعلومِ الإنسانية – و هم قليل- فَلَنْ يكون هذا من فَواتِ (حصةِ علمٍ تخصصيةٍ) في المدرسة، و لكن سيكون الخطأُ خطأَ التعليم الجامعي الذي هو تعليمٌ تخصصي، أما نحن في التعليم المدرسي فغايتُنا تعليمُ المُقَدِّماتِ”. و هذه مسألة سأرجع إليها في نظرةٍ مفصلةٍ ومقالةٍ مستقلةٍ، إن شاء الله.
 
* المشكلة الخامسة: شراسةُ كلفة الدروس الخاصة.
 
وهذه المشكلةُ مُتفرِعةٌ من المشكلات الأربعِ السابقةِ فهي ناتجةٌ عنهُن جميعًا.
 
1- إن العلاقة بين شراسة كلفة الدراسة الجامعية وشراسة كلفة الدروس الخاصة علاقةٌ طرديةٌ، إذ كلما زادت شراسةُ كلفة الدراسة الجامعية زادَ حرص ولي الأمر على تدريس ابنِه أو ابنته دروسًا خاصةً رغبةً من ولي الأمر في أن ينال ابنُه أو ابنته مقعدًا مجانيًّا، وكلما زادت رغبة ولي الأمر في تلك الدروس الخاصة زادت شراستُها، فالقاعدة الاقتصادية معروفة: “كلما زاد الطلب زاد السعر”.
 
و هذا العلاقةُ الطرديةُ هي السببُ العارمُ إلى طلب الدروس الخاصة، و إن كان ثَمَّ أسبابٌ غيرُها، و ستأتي.
 
2- لمّا كان نظامُ الصف الثاني عشر يجمعُ بين كتلتين، كتلةٍ تطلب الدراسةَ الجامعية، و كتلةٍ تطلبُ شهادةَ التوجيهي و لو كان راسبًا، فشاغبتِ الكتلةُ الأدنى على الكتلة الأعلى فاحتاجت الأعلى إلى أن تتقوى، فسَعت إلى الدروس الخاصة.
 
3- ولمَّا كانت الصفُ الثاني عشر يتبع نظامَ السنةِ الواحدة، وكان طولُ المدة يُنسي آخرُه أولَه فقد احتاج الطالبُ إلى تَذكرةٍ، فسعى إلى الدروس الخاصة.
 
4- ولمّا كانت بعضُ المعرفةِ المُدرَّسةِ كثيرةَ التفصيلات، وكان بعضُ المعلمين غيرَ مَكِينٍ، فقد احتاج الطالب إلى تَفْهِمَةٍ، فسعى إلى الدروس الخاصة.
 
5- و ثَمَّ سببٌ آخر، لولا الأمانةُ لغضضتُ عنه، فإني على أكثرَ من عشرين عامًا لم أسمع به إلا عن معلمٍ واحد، وذلك أنه كان لا يُوفي الشرحَ حقَّه في الصف، ثم يطلبُ إلى الطلابِ إلى مَن أراد الاستزادة أن يأتيَ إلى المركز ( مركز الدروس الخاصة).
 
.. هذا ما بدا، و اللهُ أعلمُ بالحقِ، و هو يهدي إلى سواءِ السبيل،

والتعليم مع وزارة التعليم العالي دمجًا صُوريًّا من حيثُ إنهما سيتولاهما وزيرٌ واحد، و ذلك على مرحلتين:

 
* المرحلة الأولى:
 
1- تُسمى الصفوف من الأول إلى التاسع بالمرحلة الأساسية.
 
2- يُسمى الصفان العاشر والحادي عشر بالصفِ الأولِ الثانويِّ(الجديد) و الصفِ الثاني الثانوي(الجديد) على التوالي. و ذلك على ما كان معمولًا به قبل 30 سنة.
 
إنَّ من يُتابع الطلابَ من الصف التاسع إلى الصف العاشر متابعةَ المتأمل فيهم يُدركُ أن الصف العاشر لا ينتمي إلى المرحلة الأساسية، فالطالبُ يختلف اختلافًا كبيرًا عن طالب الصف التاسع من حيث ظهورُ علامات البلوغ عليه فتنمو لحيته ويغلظِ صوتُه و تزداد حِدةُ خُلُقِه. إن إخراجَ طالب الصف العاشر من المرحلة الأساسية ليس مسألةً شكلانية بل لها تأثيرٌ نفسي عليه من حيثُ كسرُ النمط، فهو منذ الصف الأول إلى التاسع و هو يُوصف بصفة الأساسي، أما الآن فهو أمام وصفٍ جديد سيُحْدِثً في نفسه شعورًا جديدًا، …إنه قد كَبُر.
 
أما مسألة هل سيكون الصفُ الأولُ الثانويُ الجديدُ إلزاميًا أم غيرَ إلزاميٍّ، فمسألة يسعُها النقاش.
 
3- الوزارة التي تصدر باسمها شهاداتُ الصفوف من الأول الأساسي إلى الصف الثاني الثانوي الجديد هي وزارة التربية والتعليم( بشعارها واسمها وتوقيعها).
 
4- يكون الصف الثاني الثانوي الجديد(الصف الحادي عشر) هو أعلى صفٍ مدرسي، وبهذا ينتهي تعليم الطالب تعليمًا مدرسيًّا، و تكون شهادة الصف الثاني الثانوي الجديد(الصف الحادي عشر) هي الشهادة المدرسية العُليا.
 
5- تكون الشهادة المدرسية العُليا(شهادة الثاني الثانوي الجديد) هي الشهادة الرسمية المعتمدة لوظائف الدرجة الثالثة و القطاعات غير المدنية.
 
* المرحلة الثانية:
 
1- تُستحدثُ سنةٌ دراسيةٌ جديدة قبل التعليم الجامعي، تُسمى السنةَ التحضيرية للدراسة الجامعية.
 
2- الوزارة التي تصدر باسمها شهادة السنة التحضيرية للدراسة الجامعية هي وزارة التعليم العالي ( بشعارها واسمها وتوقيعها).
 
3- يُنصُّ في الحاشية السفلية لشهادة السنة التحضيرية للدراسة الجامعية لمَن نجحَ فيها بالنصِ الآتي:
 
” تنبيهٌ: مُنِحَتْ هذهِ الشهادةُ لغايةِ التقدمِ للدراسةِ الجامعيةِ فقطْ، و أيُ استعمالٍ لها لغيرِ هذهِ الغايةِ لا اعتبارَ له”.
 
وذلك للتأكيد على أن هذه الشهادةَ لا تُقدمُ لوظائف الدرجة الثالثة و وظائف القطاعات غير المدنية.
 
4- لا يقل المعدل المئوي لمن يرغب بالالتحاق بالسنة التحضيرية للدراسة للسنة الجامعية عن 60% في الصف الثاني الثانوي الجديد. و هذا مناسبٌ لكون غالبِ السادة المعلمين يميلون إلى زيادة المعدلات.
 
5- تُقدم محاضراتُ توعِيةٍ للسادة المعلمين من مُدَرسِي الصف الثاني الثانوي الجديد بهذا النظام؛ لكون أن كثيرًا من السادة المعلمين يُصَعِّدُون فِتْيانَ الكتلة الثانية إلى الصف الثاني عشر شعورًا منهم بالشفقة عليهم ، رجاءَ أن يحصل أولئك الفِتيانُ في الأقل على شهادة ( توجيهيٍّ راسب). و يُنبَّهُ السادةُ المعلمون بطبيعة السنة التحضيرية للدراسة الجامعية من كونها سنةً خاصةً بالتحضير للدراسة الجامعية فقط. و أنها لن تستعمل لأي غاية أخرى بالنصِ المنصوصِ به لا بالفَهم الضِّمني.
 
6- مع كون أن شهادة السنة التحضيرية للدراسة الجامعية ستصدر باسمِ وزارة التعليم العالي وشعارِها و توقيعِها إلا أن الجهةَ المنفذةَ هي مدارسُ وزارة التربية و التعليم و السادةُ معلموها ومعلماتُها، وهو ما سيجعل الدمجَ الصُوريَّ بين الوزارتين من حيثُ إنهما سيتولاهما وزيرٌ واحد أمرًا ضروريًّا.
 
و عَوْدًا على ما سبق فإنّ المأمولَ مِن الفصل بين الكتلتين و مِن استحداثِ نظامِ السنةِ التحضيرية للدراسةِ الجامعية هو ما تقدَّم.
 
قام بالإرسال اليوم، الساعة 2:43 ص
المشكلة الثالثة: مشكلةُ نظام السنة الدراسية.
 
ثمةَ ثلاثُ أنظمةٍ للسنة الدراسية في الأردن، و ثَمَّ هي:
 
1- نظامُ السنةِ الدراسية المقسومة إلى فصلين متصلين، وهذا النظام هو المعمول به في الصفوف المدرسية ما دون الصف الثاني عشر، فالطالب ناجحٌ أو راسبٌ بمجموع الفصلين
 
2- نظامُ السنةِ الدراسية المقسومة إلى فصلين منفصلين، وهذا النظام هو المعمول به في الجامعات،فنجاحُ الطالب أو رسوبُه في أحد الفصلين لا يُؤثِّر في الفصل الآخر.
 
3- نظامُ السنة الواحدة، و هو المعمول به في الصف الثاني عشر الآن، و هو نظامٌ مرهقٌ للروح والبدن، فأما إرهاقُه للروح فَلِطُولِ انتظار موعد الامتحانات إلى آخر العام، و أما إرهاقُه للبدن فلعِظَمِ المادة الدراسية المُمتحنِ بها من مجموع الفصلين.
 
إنّ خيرَ هذه الأنظمة للسنة التحضيرية للدراسة الجامعية هو النظام المُتبع في الجامعات لسببين:
 
١- السنة التحضرية للدراسة الجامعية سنة مرتبطة بالدراسة الجامعية لذا سيكون من المناسب تطبيق نظام السنة الجامعية على هذه السنة التحضيرية.
 
٢- في الفصل بين الفصلين الدراسيين كما هو الحال في الدراسة الجامعية راحةٌ للطالب من كونِ أن مساقات الفصل الأول غيرُ مرتبطة بمساقات الفصل الثاني من حيث النجاح والرسوب. وإن كانا مرتبطين من حيث المعدلُ التراكمي.
 
* المشكلة الرابعة: مشكلة المبالغةِ في تدريس المعرفةِ التخصصية.
 
و سأتحدث هنا عن كتب اللغة العربية فقط؛ لأنه محلُ اختصاصي، ففي كتاب النحو كلامٌ عن تفصيلاتٍ تخصصيةٍ،كما في درس التصغير و درس النسب، ليس كتابُ النحو هذا بموضعٍ لها، إنما موضعُ دراستها قسمُ اللغة العربية في الجامعات. وفي كتاب اللغة العربية المُشترك كلامٌ عن تفصيلاتٍ و إطالاتٍ في العَروض وغيره، وكأن القائمين على الكتاب خافوا أن يفوتهم شيءٌ، فحرَصُوا ألَّا يفوتُوا شيء. و كنتُ قد ذكرتُ في (النظرة الأولى) أنه ليس من غاية النظام التعليمي المدرسي إنشاءُ طالبٍ متخصص في علم من العلوم، وإنما تلك غاية التعليمي الجامعي. فإنْ قَلَّ في وطنِنا الباحثون المتخصصون في العلومِ الصِرْفَةِ والعلومِ الإنسانية – و هم قليل- فَلَنْ يكون هذا من فَواتِ (حصةِ علمٍ تخصصيةٍ) في المدرسة، و لكن سيكون الخطأُ خطأَ التعليم الجامعي الذي هو تعليمٌ تخصصي، أما نحن في التعليم المدرسي فغايتُنا تعليمُ المُقَدِّماتِ”. و هذه مسألة سأرجع إليها في نظرةٍ مفصلةٍ ومقالةٍ مستقلةٍ، إن شاء الله.
 
* المشكلة الخامسة: شراسةُ كلفة الدروس الخاصة.
 
وهذه المشكلةُ مُتفرِعةٌ من المشكلات الأربعِ السابقةِ فهي ناتجةٌ عنهُن جميعًا.
 
1- إن العلاقة بين شراسة كلفة الدراسة الجامعية وشراسة كلفة الدروس الخاصة علاقةٌ طرديةٌ، إذ كلما زادت شراسةُ كلفة الدراسة الجامعية زادَ حرص ولي الأمر على تدريس ابنِه أو ابنته دروسًا خاصةً رغبةً من ولي الأمر في أن ينال ابنُه أو ابنته مقعدًا مجانيًّا، وكلما زادت رغبة ولي الأمر في تلك الدروس الخاصة زادت شراستُها، فالقاعدة الاقتصادية معروفة: “كلما زاد الطلب زاد السعر”.
 
و هذا العلاقةُ الطرديةُ هي السببُ العارمُ إلى طلب الدروس الخاصة، و إن كان ثَمَّ أسبابٌ غيرُها، و ستأتي.
 
2- لمّا كان نظامُ الصف الثاني عشر يجمعُ بين كتلتين، كتلةٍ تطلب الدراسةَ الجامعية، و كتلةٍ تطلبُ شهادةَ التوجيهي و لو كان راسبًا، فشاغبتِ الكتلةُ الأدنى على الكتلة الأعلى فاحتاجت الأعلى إلى أن تتقوى، فسَعت إلى الدروس الخاصة.
 
3- ولمَّا كانت الصفُ الثاني عشر يتبع نظامَ السنةِ الواحدة، وكان طولُ المدة يُنسي آخرُه أولَه فقد احتاج الطالبُ إلى تَذكرةٍ، فسعى إلى الدروس الخاصة.
 
4- ولمّا كانت بعضُ المعرفةِ المُدرَّسةِ كثيرةَ التفصيلات، وكان بعضُ المعلمين غيرَ مَكِينٍ، فقد احتاج الطالب إلى تَفْهِمَةٍ، فسعى إلى الدروس الخاصة.
 
5- و ثَمَّ سببٌ آخر، لولا الأمانةُ لغضضتُ عنه، فإني على أكثرَ من عشرين عامًا لم أسمع به إلا عن معلمٍ واحد، وذلك أنه كان لا يُوفي الشرحَ حقَّه في الصف، ثم يطلبُ إلى الطلابِ إلى مَن أراد الاستزادة أن يأتيَ إلى المركز ( مركز الدروس الخاصة).
 
.. هذا ما بدا، و اللهُ أعلمُ بالحقِ، و هو يهدي إلى سواءِ السبيل،