” استدامة الناخب ”  مفهوم جديد في تشكيل القوائم الانتخابية / المشهد الانتخابي

كنانة نيوز –  بقلم محمد محسن عبيدات

اقترب موعد التسجيل الرسمي للترشح للانتخابات النيابية المقبلة والذي حددته الهيئة المستقلة للانتخاب ايام الثلاثاء والاربعاء والخميس  الموافق 6-7-8 تشرين اول 2020, حيث بدا المشهد الانتخابي اكثر سخونة في مختلف الدوائر الانتخابية في محافظات اقليم الشمال  والوقت اصبح يداهم المترشحين حيث ان الغالبية العظمى منهم  لم ينتهوا من تشكيل قوائمهم , لان الغموض سيد الموقف نتيجة لفقدان الثقة بين المترشحين مما ادى الى انسحابات عدد من الاعضاء من القائمة ومن المشاركة بالانتخابات بشكل عام  .

تشكيل القوائم يزيد من المشهد الانتخابي تعقيدا حيث ان هناك تخوفا واضحا من عدد من المترشحين الجدد للدخول في قوائم مع نواب حاليين وسابقين كانت لهم تجارب ناجحة في خوض الانتخابات ولديهم قواعد شعبية قائمة على مبدا ” استدامة الناخب ”  وهذا المبدأ اثبت نجاحه في الدورات السابقة , والاستدامة تعني ان العلاقة مستمرة ما بين المترشح والناخب منذ ان اعلن ترشحه لأول مرة وحقق نجاحا , وبقيت العلاقة قائمة مبينه على اساس المصلحة المتبادلة في كل الظروف والاوقات , مما سهل على النواب الحاليين والسابقين  تشكيل قوائمهم بكل ثقة وسهولة ويسر. 

مفهوم الاستدامة لعضوية مجلس النواب جعل عددا من النواب السابقين يعملون بجد يواصلون الليل بالنهار لخدمة هذا المفهوم منذ  نجاحهم لأول مرة , حيث كنا نسمع عن نواب كثر اغلقوا هواتفهم بعد فوزهم وانقطعت  علاقاتهم بقواعدهم الانتخابية طيلة عمر المجلس , الا ان القاعدة اختلفت لدى العديد منهم فالكثير عمل على مبدا الاستدامة حيث لم يغلق هاتفه ولم يقطع تواصله مع قاعدته الانتخابية وبقي على تواصل معهم في كل المناسبات ولا يألو اي جهد عن تقديم المساعدات بكافة انواعها والخدمات العامة  , ولم يكتفوا بقواعدهم الانتخابية وزاد اصرارهم في كل يوم على زيادة اعداد الناخبين المؤيدين لهم للوصول الى مرحلة الرضا .

المترشحون الجدد اصبحت فرصة الفوز او التنافس ضئيلة جدا بوجود مثل هؤلاء الاشخاص العمالقة  ,وزاد من ذلك ان الدورة السابقة اثبتت انه لا مجال لفوز اثنين من قائمة واحدة   وهذا يجعل من الموضوع تحد كبير جدا للمترشحين الجدد لا سيما وانهم لا يمتلكون الخبرة الكافية  لخوض هذه المعركة الشرسة كما اسموها , وفرصة فوزهم تكون بقدرة قادر وبالتالي سيكون مصيرهم الخسارة الاكيدة  , بالإضافة انه سيتم ادراجهم تحت مسمى مؤيد ومؤازر ” الحشوة ”  وهذا المسمى الذي اصبح معيارا في مجتمعاتنا الاردنية يلاحق المترشح مدى حياته , والمواطن الاردني يفسر مفهوم الحشوة انه الشخص الاضعف الذي ليس لديه الفرصة للتنافس ويسعى من خلال الانضمام الى القوائم للفائدة الشخصية والمادية على حساب عشيرته ومنطقته .

الانتخابات العشائرية اثرت بشكل كبير في تشكل القوائم , حيث توجه غالبية الفائزين بالإجماع الى تشكيل كتل منفصلة لكل مرشح اجماع عشيرة من باب ان مرشح الاجماع له فرصة كبيرة لخوض الانتخابات والفوز بمقعد  نيابي بغض النظر عن وزن العشيرة الانتخابي وقدرتها على ايصال مرشحهم للمجلس القادم , بالوقت نفسه قام العديد من المترشحين بتشكيل تكتلات قوائم تضم المناطق والعشائر الاقل حظا في الدوائر الانتخابية من اجل الحصول على فرصة للتنافس للوصول الى القبة  , وكذلك اضعفت الانتخابات العشائرية فرصة الاحزاب السياسية والشباب للتنافس  , حيث ما زال الغموض يسود الموقف  في معظم الدوائر الانتخابية باستثناء الدائرة الاولى  في محافظة اربد حيث تم الاعلان مؤخرا عن تشكل قائمة حزبية تضم كلا من  الحزب الشيوعي الاردني و حزب الوحدة الشعبية و حزب الشعب الديمقراطي  , ولم يتم الاعلان لغاية عن اية قائمة تضم الشباب , اما القطاع النسائي ما زال في حالة من التخوف والترقب نتيجة الانحياز الذكوري التقليدي  بالاضافة الى ان مقعدا واحدا  للمرأة ( كوتا ) لكافة دوائر محافظة اربد  لا يلبي طموح النساء ويضعف الرغبة بخوض التجربة نتيجة لاحتمالية الفشل الكبير  , ورغم ذلك ظهرت اسماء في مختلف الدوائر للمشاركة من خلال القوائم الذكورية فقط  للمقعد النسائي وليس التنافس مع الذكور في قوائم مختلفة  .

مترشحون من الوجوه المتكررة وخاضت تجارب عديدة في الانتخابات النيابية وغيرها ولم يحالفهم الحظ  , فهم غير مرغوب بهم في مناطقهم وعشائرهم , ويتم وصفهم  بعنوان الفشل ” المجرب لا يجرب ” ومع هذا  وذاك ما زالت اسماؤهم موجودة في الساحة الانتخابية واضعين خلف ظهورهم كل ما يكتب ويقال على مواقع التواصل الاجتماعي ومن خلال اللقاءات المباشرة مع المواطنين  , وغالبية هذه الاسماء تكون ضمن القوائم الانتخابية مؤيدون ومؤازرون .

اعلان النية عن مقاطعة الانتخابات النيابية مستمر على مواقع التواصل الاجتماعي وتحديدا من التربويين  وهم الاكثر تأثيرا في المجتمع , واداء المجلس  النيابي السابق  الثامن عشر اسهم في اصرار المواطنين على المقاطعة  ,  جائحة كورونا والوضع الوبائي في المملكة غير مسيطر عليه , بالاضافة الى الوضع الاقتصادي المتردي للأسر الاردنية   يضع المواطن في دائرة الشك والتخوف من المستقبل  والاحباط الشديد من المشاركة في الانتخابات النيابية  , وكذلك اعلان عدد من الشخصيات الاقتصادية والاكاديمية والثقافية عدم نيتهم الترشح بهذه الدورة لعدد من الاسباب كان اهمها عدم قناعتهم بعدم جدية الحكومة في اجراء اي اصلاحات سياسية او اقتصادية  او اجتماعية وبالتالي لن تكون الفسحة واسعة للنائب لممارسة دوره الرقابي والتشريعي , ومنهم بين أن جائحة كورونا واثارها الكارثية على الاقتصادين العالمي والمحلي  ستنعكس سلبا على طموحات الشباب و سيخسر الكثير وظائفهم بالإضافة إلى صعوبة استقطاب المشاريع التنموية من الجهات الداعمة على المستوى المحلي والعالمي جعلت من تطبيق وتحقيق برامجهم الانتخابية امرا في غاية الصعوبة , ساهم ايضا في عدم الرغبة بالمشاركة من قبل الناخب .

شراء الاصوات ” المال الاسود ” باشر عمله في الدوائر الانتخابية بشكل خجول في ظل  الازمة الاقتصادية التي تعصف بالمواطن مما سيوثر بشكل مباشر على ارادة الناخب  في ظل انتشار الداعمين والمؤدين في القوائم الانتخابية والذين سيعملون بشكل ” سري وشخصي ” لجمع  الاصوات  لصالح رئيس القائمة , لا سيما ان هناك عدد من رؤساء القوائم  يتربع على وفر مالي كبير اشار اليه احد النواب السابقين في مؤتمر عشائري محذرا من ذلك , والهيئة المستقلة للانتخاب سجلت قبل ايام مخالفات عدة في عدد من الدوائر من هذا الجانب .

المشهد الانتخابي ما زال يسوده التعقيدات واستحالة تقديم قراءة دقيقة ما لم تتضح اسماء القوائم بشكل علني ونهائي حيث من المتوقع انخفاض عدد القوائم وعدد المرشحين الاجمالي مقارنة بالدورة السابقة في معظم الدوائر الانتخابية في محافظات اقليم الشمال .