يوم من أيام أمي / وليــــد علي الجراح

يوم من أيام أمي

وليــــد علي الجراح

بعد حياة ترف التكنولوجيا التي نعيشها اليوم والتي يتذمر منها الكثير الكثير أحببت أن أسرد لكم كيف كانت تعيش أمهاتنا بيوم من أيام أمي والذي ليس ببعيد عنكم.

بالأمس القريب كان البرنامج اليومي يبدأ من ساعات ما قبل الفجر لتذهب لجمع حزمة الحطب على رأسها؛ فلم يكن يمتلك الدابة إلا الطبقة الوسطى او البرجوازية ، ثم تذهب إلى فرن الحارة والذي تصطف نساؤها بانتظار دورها لتخبز الخبز وتعود به إلى البيت لتبدأ المرحلة الثانية وهي حمل سطل الماء أيضًا على رأسها لتذهب إلى عين غزال لتملأه بالماء وتعود أدراجها وحالما تصل تبدأ بإطعام الحلال ((البقر والغنم)) ثم تحلب البقر .

مرحلة جديدة تبدأ بعدها وهي رعايتنا وتجهيزنا للمدرسة وبعد ذهاب الكل تتفرغ لأعمال البيت من غسيل وطبخ وتنظيف حتى ساعات الظهيرة وقت عودتنا من المدرسة لتبدأ فترة الغداء لنا وللدواب من بعدنا وهنا حسب الموسم السنوي يكون الاستعداد لساعات المساء، وعلى سبيل الذكر لا الحصر قطف الزيتون أو الحصيدة أو رجاد او تلقيط باميا كل موسم بموسمه.

وفي ساعات الغروب تبدا المرحلة الأخيرة وهي عشاؤنا وإطعام الدواب ومن ثم حلبها وإغلاق الأبواب ومتابعة دراستنا وعودة أبي من عمله لتحضر نفسها ولا تنسى المعجن وتحضير عجين اليوم الثاني والغريب أنها كانت أكثر أنوثة من مثيلاتها في عصرنا الحالي وتنجب عددًا من الأبناء لا تنجبه مثيلاتها أيضًا في عصرنا الحالي.

إنها رحلة شاقة بما تحمله الكلمة من معنى، وتاتي نساء اليوم وتقول حياتنا صعبة مع غسالة فل أتوماتيك وجلاية وفلتر مع كولر ماء بدلا من خابية ((جرة ماء)) بزاوية الصالون وحمام إفرنجي بداخل البيت بدلا من حمام ((خارج)) يحتاج سفر لقضاء الحاجة.

ومع كل تلك الصعاب وتعب الجسد إلا أن الروح مرتاحة مطمئنة راضية على عكس السخط وقلة الراحة التي نراها اليوم… هاو هو يوم أمي وأمهاتنا ببساطة ودون تكلف أو تفاصيل نقف على أعتاب الذاكرة عسى أن نعرف قيمة النعمة التي نعيش.