إباحة الاعتداء على النفس/ بقلم هبــــــة عبابنة

إباحة الاعتداء على النفس
هبــــــة عبابنة
نظراً إلى الحادثة المأساوية التي وقعت البارحة، والتي تتمثل بحرق طالب من جامعة الإسراء نفسه؛ لعدم قدرته على سداد ما تبقى عليه من تكاليف مادية ليكمل مُجريات التخرّج الجامِعيّ، أمرٌ أثار ضجةً عَمّت أرجاء الوطن .
وكما هو متداول أن الشاب “أحمد فيصل الشخانبه” ذهب بشكل يوميّ للقاء رئيس الجامعة أملًا بأن ينتصر الضمير الإنساني وأن يَستَفيق الوجدان ويتغلب على النزعة الماديّة التي سيطرت على مُجريات القصة. من الساعة السابعة صباحاً وحتى انتهاء ساعات الدوام في الجامعة وإغلاق الأبواب، شابٌ وفي يرعان شبابه طلب النجدة ولم يجد من يلبي له حاجته، وما زاد هذا المشهد المروّع ألماً إلا مغادرة رئيس الجامعة أبوابها، وأحمد الآن يحترق.
ضعف الوازع الدينيّ والإنسانيّ والمجتمعيّ استحكم الحَدث أمس، كان لا بد من وجود وسيلة لحل مثل هذه الأزمة، على سبيل المثال وطبقاً لشهادة طلاب القسم وزملائه بسوء الوضع المادي للطالب “أحمد الشخانبة” كان من الممكن أن يحتل التكافل الاجتماعي هذه الحالة بأن يحاولوا جمع مبلغ من باب الأخوة والصداقة والزمالة، وعلى الرغم من أن الجامعة بصفتها جهة رسمية ولها قوانين وعلى الجميع واجب الانضباط وتحمل المسؤوليات لكن نظراً لمثل هذه الحالة النادرة وَجَب اتخاذ قرار مُنصِف بحق هذا الطالب بصفته مواطناً أردنياً وابن لهذا الوطن والمجتمع، وهذا لا يعني أيضاً أن ما قام به هذا الطالب صحيح بل هو الخطأ بعين ذاته، استباح واعتدى على حق الله عز وجل في حرق نفسه، وهذه الضجة لا تعني أن يصبح قدوة لكل من ساءت أموره المادية في أي مكان أو حال كان، بل يجب الحذر من مثل هذه التصرفات والأعمال الوحشية التي تنتهك حق الإنسان في الحياة، قال تعالى:”(مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا).
في النهاية أقول متأسفة عمّا جرى، وراجية أن تنهض الإنسانية وتحيا بيننا، فالذي حصل ما نَتَج عنه إلّا موت شاب حرقًا، وانهيار للقلوب وزلزلة هزّت الوطن، وقلب أم حزين، ودمارٌ لجهد شاب أَوشك على أن يحقق النجاح الذي تعب من أجله، بدلاً من أن يتذوق حلاوة النجاح استلذّت النيران بجسده، أين الأردن القديم؟! أين الإنسانية!؟