وجه البُكسة/ رائد عبدالرحمن حجازي

وجه البُكسة/
رائد عبدالرحمن حجازي
من الطبيعة عند شراء الخضار والفاكهة بأن يقوم الزبون بعملية اختيار ما يرغب منها وبالمقابل سيكون السعر حسب رغبة البائع . مع مرافقة بعض الجمل من البائع للزبون مثل : نقي عمي على كيفك ترى المحل كله تحت أمرك , أو أن يقول : عمي إذا بدك بظاعة نظيفة فوت لجوا في بُكس وصلتني هساعيات , أو يقول مخاطباً موظف المحل : روح جيب بُكسة جديدة وديرها عالفرش لعمك خليه ينقي عكيفه .
ومن الطبيعي أيضاً عند شراء الخضار والفواكة ولكن هذه المرة بالبُكسة ستكون هناك محضورات وممنوعات في عملية الإختيار . فالشراء يتم للبكسة كاملة دون توزين أو حتى التفتيش والتقليب بمحتوياتها . والسعر المتدني نسبياً هو ما يميز طريقة البيع هذه . ناهيكم عن عبارات البائع التي ترافق البيع مثل : قررررب يا أبو العيال , أو يا بلاش بضاعة بحال البلاش , أو ياللي مثلي تع لعندي . لا أخفيكم سراً استهوتني هذه العبارات ووقفت أنظر لمجموعة من الصناديق المعروضة بجانب بكم النيسان جونيور , ورحت أجول بنظري يمنة ويسرة لأتفقد أي الصناديق سأختار , وإذ بصاحب البسطة وقف بجانبي وقال : نقي عمي البكسة إللّي بتعجبك بنيرتين . بدكوا الصراحة وجدت العرض مغري جداً فالبضاعة المعروضة ضرورية لكل رب اسرة فاشتريت عدة صناديق وهي بطاطا ,خيار ,بندورة ,كوسا وبرتقال .
تمت عملية الشراء بنجاح وتوجهت للمنزل والسعادة تغمرني كيف لا وأنا قد أتممت للتو صفقة رابحة . وما أن وصلت للمنزل قمت بنقل البضاعة من صندوق السيارة للمطبخ وزوجتي تعتريها علامات الإندهاش وهي تقول لي : ولك يا امشحر لويش جايب كل هالغراض ! فقلت لها : ئي ومش معجبتش كمان , أي احمدي ربك على هالنعمة وأعطي البركة صنتة . ثم توجهت لغرفة الجلوس لأريكتي الخاصة لأريح جسمي المنهك بعد هذه الصفقة . وما هي إلا لحظات وإذ بصوت زوجتي يهدر وبنبرة قوية حيث قالت : تعال يا صقر امكيس وشوف هالبلاوي إللي حظرتك جايبها . انصعت للأمر العسكري وتوجهت للمطبخ فوراً وكانت المفاجأة صادمة وقوية . جميع البُكس قد تم توجيهها بالحبات الجيدة وأسفلها الحبات غير المرغوب بها والتي اكلها العفن والدود , وهنا أدركت سبب تغليف الصناديق بالجلاتين اللاصق .
اصطصلحت ما استطعت انقاذه من براثن العفن والدود وواسيت نفسي وقلت : يالله مهو السعر كان طري شوي . وانطبق عليّ المثل القائل ” يا مسترخص اللحم عند المرق تندم” . لكن بتدروا وأنا بنقي بالحبات الملاح أول ما خطر عبالي سولافة تشكيل الحكومات !