التصويت بالوكالة … طريقة تحتاج إلى التطبيق !!!/ د. نواف عواد بني عطية

كنانة نيوز – كتب د. نواف عواد بني عطية

التصويت بالوكالة … طريقة تحتاج إلى التطبيق !!!

التصويت بالوكالة (voting Proxy ) آلية يقوم بموجبها ناخب مؤهل رسميًا للتصويت بتعيين شخص آخر للتصويت نيابة عنه ، وتقوم على اساس تمكين المواطن الذي يعيش أو يقيم في الخارج من التصويت باختيار وكيل ما للتصويت نيابة عنه في مكان الاقتراع المحدد له، في البلد الأصلي أو في الخارج. وقد استحدثت هذا الأمر في كندا نيابة عن أسرى الحرب من قبل الاقارب المقربين في الانتخابات العامة عام 1945 ، كما استحدثت فرنسا التصويت بالوكالة للجنود في عام 1946 ،وبحلول عام 1951 ،كانت أساليب التصويت بالبريد و/أو بالوكالة متاحة للناخبين في مجموعة من الفئات المحددة، بما فيهم من كانوا في الخدمة الحكومية أو العسكرية أو في العمال عن وطنهم.
وكان للخوف من التزوير ما يبرره، بعض الاحيان، في تفعيل أحكام عملية التصويت بالوكالة فقد ألغت فرنسا التصويت بالبريد في عام 1975 بسبب حدوث تزوير في ذلك. كما أجازت الأحكام والقوانين الفرنسية للتصويت بالوكالة قبل عام 1982 تسجيل التوكيلات في أية دائرة انتخابية، مما أدى للتنافس في الانتخابات التشريعية لتسجيل التوكيلات في الدوائر الانتخابية الهامشية. ومنذ عام 1982 فإنه لم يعد يسمح بتسجيل التوكيلات إلا في الدوائر الانتخابية التي لدى الناخب معها صلات لقائمة محددة في القانون الانتخابي.
ويفترض أن يختار الناخبون الوكالة من الاشخاص المقيمين في داخل البلد، ممن هم قادرون على التصويت في نفس مراكز الاقتراع التي يرغب الناخبون المقيمون في الخارج التصويت فيها. وفي كل الاحوال، فإن اختيار وكيل التصويت هو من مسؤولية الناخب وحده. وقد ينطوي نظام التصويت بالوكالة على بعض المساوئ الاخرى، وليس أقلها تلك القضايا التي قد يثيرها هذا النظام بشأن نزاهة الانتخابات.
وينبغي النظر إلى هذه البدائل في سياق المبدأ الاساسي لمفهوم الاقتراع على أساس الحرية والمساواة والسرية والأمان. وقد يمثل التصويت بالوكالة مشكلة من منظور النظرية الديمقراطية، الا أنه لا توجد هناك ضمانة بأن الاقتراع المدلى به بواسطة الوكيل – ومن ثم نتيجة الإقتراع – يعكس إرادة الناخب ُ الأصلي. وقد يسيء الوكيل المفوض بالتصويت استخدام هذا الإجراء ويستغله لصالحه في الحصول لمبدأ الإقتراع القائم على المساواة. كما أن التصويت على صوت إضافي،. كما أن التصويت على مدى النزاهة والحيادية .
ولا نرى أن يكون التصويت بالوكالة متعارضًا مع مقتضيات الدستور، ويعتبر أن الكثير من دول العالم يقرّ هذه الطريقة في الانتخاب، كما ان هذا الأمر لا يتعارض أيضاً مع سرية الانتخاب ؛ لأنه يتم عبر تفويض شخصي، وتتم عملية الاقتراع بسرية تامة.
وقد أختلفت التشريعات بين الأخذ بنظام التصويت بالوكالة مع ضرورة توافر عدد من الشروط يجب ان تؤخذ بعين الاعتبار لتحقق هذا الأمر ، وبعض التشريعات جاءت بنص صريح بعدم الأخذ بهذا الأمر ، ومن التشريعات التي نصت صراحة على عدم الاعتراف بهذه الطريقة قانون الانتخاب الفلسطيني رقم (9) لسنة 2005 في المادة 8 /2 ” … ولا يجوز التصويت بالوكالة ..”
أما التشريعات التي أخذت بنظام التصويت بالوكالة ، قانون الانتخاب الفرنسي المعدل 2008 في المادة (27) ” … في حالات استثنائية، يمكن لقانون أساسي أن يخول بحق التصويت بالوكالة. وفي هذه الحالة، لا يجوز إعطاء أي عضو أكثر من وكالة واحدة ..” فالقانون الفرنسي اجاز التصويت بالوكالة ولكنه اشترط ان يصوت العضو مرة واحدة بمعنى ان لا يعطى الشخص اكثر من وكالة للتصويت .
كذلك التشريع الجزائري اجاز التصويت بالوكالة من الناخبين المحددين على سبيل الحصر في نصي المادتين 53 و 54 من قانون الانتخاب 16 – 10 بممارسة حق التصويت بالوكالة وذلك بطلب منهم، ولا يمكن حسب نص المادة 55 أن تمنح الوكالة إلا لوكيل واحد يكون متمتعا بحقوقه المدنية والسياسية، ولا يمكن لهذا الوكيل حسب نص المادة 58 أن يحوز على أكثر من وكالة واحدة .
اما القانون الفلندي فإنه يسمح للمغتربين الفنلنديين بالتصويت في الانتخابات الوطنية والمحلية، لكن تشترط بالنسبة للانتخابات المحلية ألا يكون قد مر على الناخب أكثر من عام بعيدًا عن المنطقة الانتخابية التابع لها، وتشترط النرويج ألا يمر على الناخب في الخارج أكثر من عشر سنوات للانتخاب على المستوى المحلي .
وقد جاء في المادة 25 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1976 “يكون لكل مواطن، دون أي وجه من وجوه التمييز الحقوق التالية، التي يجب أن تتاح له فرصة التمتع بها دون قيود غير معقولة
أ- أن يشارك في إدارة الشؤون العامة، إما مباشرة وإما بواسطة ممثلين يختارون في حرية
ب- أن ينتخب وينتخب، في انتخابات نزيهة تجرى دوريًا بالاقتراع العام وعلى قدم المساواة بين الناخبين وبالتصويت السري، تضمن التعبير الحر عن إرادة الناخبين
ج- أن تتاح له، على قدم المساواة عمومًا مع سواه، فرصة تقلد الوظائف العامة في بلده
وبينت المادة أن حق جميع المواطنين في الانتخاب ليس حقًا مطلقا، ويستند هذا الحق في الغالب على معايير مرتبطة بالعمر، الجنسية، الإقامة، الأهلية العقلية، والصحيفة الجنائية، ومن ناحية الإقامة، يمكن لهذه المتطلبات أن تأخذ شكلين بالنسبة للدول التي لا تسمح بالتصويت بالوكالة، تشترط الدولة بصفة عامة إثبات الإقامة في الدائرة الانتخابية في الموعد المحدد قبل الانتخابات وفي يوم الانتخابات .
ولعل الواقع يقول ، إن للأردنيين المغتربين في الخارج الحق في المشاركة السياسية، وبأن يكون لهم ممثلين في المجالس النيابية، وان يكون لهم حق الانتخاب فيمن يمثلهم ؛ ومما يؤيد هذا الأمر أن العديد من القوانين الوطنية التي تصدر تمس حقوقهم ومراكزهم القانونية فالقوانين الجزائية تطال الأردني الموجود في الخارج على أساس قاعدة شخصية قانون العقوبات، كما أن ما تفرضه القوانين المالية من رسوم وضرائب تؤثر على الأردني الموجود في الخارج.
وما دام ان المواطن الأردني ملتزم بالواجبات المفروضة عليه ؛ فإن من واجب الدولة أن تؤمن له هذا الحق وهو “حق الانتخاب ” ، بأية وسيلة تراها مناسبة ولعل من افضلها ” التصويت بالوكالة ” .
حفظ الله وطنا الغالي من كل سوء …