الأخ الأكبر / مصطفى الشبول

الأخ الأكبر

مصطفى الشبول

ما أجمل الحديث عندما يكون عنوانه الزمن الجميل والماضي القديم و الأيام السابقة ، والأروع عندما يكون المتحدث والراوي ممن عايش هذه الأيام وعاصر تلك الأزمان التي تحمل بين طياتها البساطة والعفوية و البركة في كل شيء وقبل ذلك الصدق في الرواية …
فقد كان للأخ الأكبر في السابق ميزات وامتيازات داخل البيت وخارجه وادوار مختلفة عن باقي إخوانه … حيث لا تقل مسؤولياته ولا تفرق إلا الشيء البسيط عن والده ، وسبحان الله تجد معظمهم (الأخ الأكبر) يحمل الكثير الكثير من صفات الأب وطباعه حتى في الشبه وملامح الوجه ، وتجد له كيان وهيمنة وحضور وهيبة ربما فُقدت هذه الأيام إلا ما رحم ربي …
ففي البيت يكون حنون و يحمل الشفقة على الجميع ، وكلامه ثقة ومُصدّق عند الجميع خاصة الوالدين ، ودائماً غيابه يُحدِث فراغاً واضحاً ، وصاحب تضحية وتوكل له المهام الصعبة والعمل الثقيل وذلك باختياره حتى لا يُرهق غيره ، وقلبه واسع ، ويُستشار بكل شيء الصغيرة قبل الكبيرة حتى في طبخة اليوم ، وتشعر في رأيه الحكمة والقرب إلى الصواب ، ودائماً يرافق والده إلى كل المحافل والمناسبات والدواوين ، وهو من يحمل الهدية ( علبة توفي ) إذا ما ذهبوا لزيارة مريض ، وهو من يقدم ويُسَلّم مبلغ العيدية لأخته ولعمته بالأعياد ،وغالباً ما يكون المُضحي (كبش الفدى) إذا ما كانت حالتهم المادية ضعيفة ، وبرغم تفوقه الدراسي إلا أنه يختار سوق العمل عن تكملة الدراسة حتى يساعد والده وباقي إخوانه …
أما اليوم فقد اختلف كل شيء وتغيرت المعادلة ( إلا ما رحم ربي ) …فعندما تسأل أحد الآباء عن أحواله وأحوال أبنائه تجده يشكو و خاصة من الولد الكبير من طباعه وصفاته وعدم طوعه إليه وتخليه عن المسؤولية رغم انه شاب ، يعني بده خبز مخبوز ومي بالكوز ، عدا عن إحداث المشاكل داخل البيت وخارجه ، فهذا صنف منهم ، أما الصنف الآخر من الأخ الأكبر فتجده مُهمّش بعض الشيء رغم تضحياته ، والغلا والدلال لمن يصغره ولغيره، ولا تجده يحمل ميزات وحضور كما في السابق حتى بعد أن يبلغ من العمر ويتزوج مما يُضعف من شخصيته بين من هم حوله لشعوره بالظلم ، ودائماً يكون الأخ الأكبر مطاوع لزوجته ( بدناش نقول محكوم) طبعاً هذا بوجهة نظر باقي إخوانه وربما صحيح ، و يُقتصر دوره في العائلة على الأمور العادية والبسيطة ، مثل حمل علبة التوفي والدخول بها في زيارة المريض ( هاي كمان إذا أخذوه معهم بالأساس ) ، وهناك أصناف عده للأخ الأكبر يصعب حصرها في موضوع ، لكن المهم متى سيعود الأخ الأكبر إلى دوره الحقيقي كما كان سابقاً، اليد اليمنى لوالديه، والسند الحقيقي لباقي إخوانه، والأخ الذي يحسب له ألف حساب…