يوميّات خائف كورونا (9) /كامل النصيرات

يوميّات خائف كورونا (9)
كامل النصيرات
&&&&
لا أعرف لماذا أشعر بمرارة كبيرة هذا اليوم..وقد غيّرتُ برنامج تحرّكي أكثر من مرّة لا لسبب إلا لأن مزاجي تعكّر..؟! قررتُ أن أجلس على البلكونة..لم أجلس طويلاً وبسرعة قمت..قررتُ أن أزور مكتبتي..لم أقف أمامها إلا بضع ثوانٍ وغادرت..قررتُ أن أحضر فيلماً كوميدياً فشغلته وقبل أن تنتهي شارة البداية أغلقته..قرّرتُ أن أجلس معي؛ فمللتني وزهقتُ مني وطردتني وأنا الذي قمت..!
كيف تفهم الناس الأشياء..؟ قد تتجاوز عن بعض الناس لأنهم لم يصلوا بعد إلى آلية التفكير الصحيحة..لكنك أبداً لا تتجاوز عمّن يطرح نفسه مفكّراً ومنظِّراً حين يريدك أن ترى الأشياء بعينيه..يريدك أن تترك عقلك أنت وتستخدم عقله هو..يريدك أن تصفّق له حينما يخطئ وحينما يعتذر عن خطئه وحينما يعود للخطأ من جديد..!
في هذه الأزمة..ووسط الحظر لا يوجد إلا عنوان واحد هو (الكورونا) وما تبقى هو تفاصيلها ..لا أستطيع أن أكتب عن شيء الآن بعيداً عن ذلك؛ لأننا كلّنا منخرطون في ذلك.زلأنك تغسل يديل عشرات المرات باسمها و تتعقم باسمها و تتبادل النكات باسمها و تخرج للشارع باسمها وتقعد في البيت باسمها و تتغيّر حياتك جذريّاً باسمها..حتى الراكبون فوقك والمارون من تحتك باسمها..! فلماذا إذن مطلوب من حضرتي أن أقفز عنها وأكتب عن واقعٍ لا أعيشه..!
اليوميّات التي أكتبها هي تحت رعاية الكورونا شئتُ ذلك أم أبيت..وعندما أقول يوميات فهي تتقاطع مع يومياتكم : فيها الزوجة والأولاد والمصروف والشرطي والوزير و المسؤول و الدكانة و الراتب و الأكل و الشارع و صافرات الانذار و أفكار الناس وسلوكياتهم وردود أفعالهم..هذه يوميّات لا أستطيع أن أتجاوز فيها عن أركانها الأساسية ولا أن أقفز عنها حسب مزاج أحد..!
اليوم أشعر بمرارة..لأني لا أؤجر قلمي إلاّ لي..وسيبقى هذا القلم يروي ما يقتنع به فقط ولو جاء أفلاطون ذاته وقال له : ما أبيخك..!
يتبع..