“الكرتونة” في حياتنا / أحمد حسن الزعبي

“الكرتونة” في حياتنا

احمد حسن الزعبي

ثمة مشهد يتكرر غالباً حتى أصبح نمطياً للغاية..عند الحديث عن توزيع مساعدات وطرود لا بد من وجود صورة لمسؤول يحمل “كرتونة” ويهم بالمشي كناية عن مساهمته يدويا في عمل الخير …في زمن الكورونا أو في رمضان تتحرّك الشاحنات من العاصمة الى المناطق، ولا بد لمصوّر التلفزيون أن يأخذ لقطة للمحافظ وهو يحمل “كرتونة” ، ولقطات سريعة لفقراء ومحتاجين وعجائز وأرامل وكل واحد منهم يأخذ “كرتونته” ويغادر على خجل..بالأمس أحد “المحسنين” كتب عن نفسه بأنه المحسن البار صاحب اليد البيضاء يجهز ألاف الكراتين وصور الفول والعدس “بازّة” من الكرتونة…ناهيك عن “المسيئين” الذين يصوّرون ذوي الحاجة وهم يستلمون المؤونة والأخ يبتسم للكاميرا..
الكرتونة مثل “الريفانين” لمرض مزمن..قد يخفي صداع الجوع لكنه لا يعالج الفقر المزمن، احتياجات الإنسان البسيط أكبر بكثير من “كرتونة” ، ايجار البيت لا تحمله كرتونة، دواء المرضى لا تحمله كرتونة ، فاتورة الكهرباء لا تحملها الكرتونة…الحياة ليست مقتصرة على “كيس فاصوليا و 8علب فول و 4سردين”..لا يمكن اختصار كل مظاهر الفقر ومتطلبات الحياة بكرتونة..
أمس صدر أمر الدفاع (4) بإنشاء صندوق ، وهو أيضاَ “كرتونة” لكن بشكل رسمي ، “كرتونة” لجمع التبرعات التي لن توقف الاقتصاد على رجليه ولن تسعف الموقف القادم مهما بلغت فمخرجاتها للاقتصاد الوطني تشبه مخرجات كرتونة الأسر المحتاجة ” “كيس فاصوليا و 8علب فول و 4سردين” ..كنت أتمنى أن يكون أمر الدفاع 4 الذي صدر أمس ..وضع اليد على أموال رؤساء الوزراء السابقين والوزراء ورؤوساء مجلس النواب والمتنفّذين والمحاسيب والأصدقاء و الفاسدين الذين أكلوا أخضر البلد ويابسها على مسمع ومرأى هيئة مكافحة الفساد ومجلس النواب وكل الذين استفادوا من الدولة منذ نشوء المملكة الى اللحظة..وأخذ ما أخذوه من أموالنا العامة ومحاسبتهم وانعاش الاقتصاد بهذه الغنائم المستردة..هؤلاء الذين ربّوا كروشهم وامبراطورياتهم المالية من عين الوطن ومن خبز الفقراء حان الآن بأمر الدفاع ان يستردّ كل فلس سرق منا أمام أعيننا..
غير ذلك سوف نبقى نلف وندور حول “الكرتونة”..

احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com